تاوريرت بريس :

المحكمة الابتدائية بتاوريرت

 

بتاريخ 20 اكتوبر2010 تمت ترقية المركز القضائي بتاوريرت الى مستوى محكمة ابتدائية برئاسة الأستاذ عبد الرحيم برحيلي . فما الذي تغير بعد إحداثها ؟ قد لا يمكن بأي حال من الأحوال الإجابة على هذا السؤال والإحاطة بالتغييرات المحدثة خلال فترة زمنية قياسية قد يكون من باب الإنصاف إعطاء مهلة ممكنة حتى يمكن وضع قطار هذه المؤسسة على سكته وفسح المجال أمام طاقمها من اجل ترتيب البيت وإعداد الأرضية حتى تكون الانطلاقة في الاتجاه الصحيح لكن بروح التحدي أبى طاقم هذه المحكمة إلا أن ينطلق وان كان لا يبدو أي تغيير ملحوظ من حيث الشكل على المحكمة كبناية لا يتجاوز عدد مكاتبها 14 مكتبا مقسمة إلى جناحين احدهما للرئاسة والأخر للنيابة العامة بالإضافة إلى قاعتين للجلسات تستخدم إحداهما كمجمع يضم عدة أقسام وشعب متكدسة ومتوزعة على طاقم إداري لا يتجاوز عددهم 18 موظفا فقط وطاقما قضائيا لا يتجاوز عددهم 6 قضاة يدعمون أحيانا بقضاة مقيمين بمركزي دبدو والعيون حتى تتمكن هاته المحكمة من تصريف المهام بأقصى ما يمكن من السرعة وجعل القضاء في خدمة المواطن وكذلك الشأن بالنسبة لقسم قضاء الأسرة الذي يستقل عمارة مؤجرة من ثلاث طوابق ويضم طاقما إداريا يتكون بدوره من ثلاث موظفين فقط وثلاث قضاة غير متفرغين – من بين عدد القضاة المشار إليهم أعلاه – يتنقلون يوميا مابين المحكمة الابتدائية وقسم قضاء الأسرة لعقد جلسات هنا وهناك في غياب العدد الكافي من القضاة . على العموم فان هذه المحكمة تعاني من اكراهات شكلية وموضوعية حقيقية على مستوى مواردها البشرية الغير الكافية مع ضيق مجالها الإداري, لكن رغما عن كل ما ذكر من المشاكل و الاكراهات التي تتخبط فيها هذه المحكمة الفتية فإنها قد استطاعت بعد سنتين ان تحتل المرتبة المتميزة في الجهة وان يلقب رئيسها بالذي حقق الأمن القضائي في المنطقة , فالأستاذ البرحيلي عبد الرحيم رجل محنك ومعروف بنزاهته وكفاءته وحرصه على جعل القضاء في خدمة المواطن الشيئ الذي أهله لإحراز هذا التقدم عن جدارة واستحقاق دون إغفال دور الطاقم القضائي والإداري لهذه المحكمة المعززان له رغم الظروف الصعبة التي تحيط بهما . فإنهم قد شكلوا في مجملهم كتلة متلاحمة وقوة دافعة من اجل النهوض بهذا القطاع الحيوي بعيدا عن كل الاختلافات في المهام والخلافات البينية في الآراء فان دل ذلك على شيئ إنما يدل على الروح الوطنية التي يتسمون بها والتي تذكيها غيرة أخاذة تدفع بهم في اتجاه رفع مستوى أدائهم داخل هذه المحكمة الفتية بذلك يكون التاريخ قد سجل مساهمتهم بقسط وافر في إحراز هذا التقدم المتوج بالفخر والاعتزاز المفضيان لهذا التميز الباهر لما تحقق من نتائج ايجابية في القضاء على الملفات المزمنة والتقليص من عدد مخلفاتها. ثم أصبحت الخدمة فيها تؤدى في أوقات قياسية .
ليس في الأمر ما يدعو إلى مجاملة أو مداهنة أو محاباة طاقم هذا القطاع الذي يسعى كل الشرفاء في هذا الوطن وكل الوطنيين في هذا البلد إلى تحقيق استقلاليته ونزاهته التي يستقيم باستقامته العدل الذي هو أساس الملك وقاعدة بناء صرح الاقتصاد وتنقية البلد من جيوب الفساد وكيفما كانت إشارة المعارضين المتشككين في مصداقية تقييمنا ومحاولتهم إلصاق التهم بنا كمجاملين أو مداهنين ولسنا منصفين عادلين فان ممارستنا الإعلامية والثقافية أحيانا تحتمان علينا أن نكون كمرآة صافية تعكس حقيقة الصور كما هي وأحيانا أخرى قد تحتم علينا إخفاء العيوب على بعض الصور علنا بذلك نكون قد منحنا فرصة لا صاحبها ربما يقومون بمعالجة عيوبهم من تلقاء أنفسهم قبل إظهارها على شاشتنا ونشر غسيلهم على حبالنا .
وما نريد من وراء هذا سوى الإصلاح ما استطعنا وما غير ذلك لا يهمنا وإلا ستكون رسالتنا غير ذات مصداقية وهي لا تخدم وطننا بشيئ ولا تعالج عيوب مجتمعاتنا عهدا علينا أن لا نتوانى في الثناء على أعمال الصالحين والتغني بأداء المخلصين وربما قد نتغاضى إلى حد ما عن عمل المفسدين ولكن قد لا نتستر على فسادهم إلى الأبد في حال تماديهم وكل ذلك سيبقى في حافظتنا إلى حين .
فان كنا قد أنصفنا في تقييمنا ابتدائية تاوريرت باعتبارها محكمة نموذجية على المستوى الجهوي ومصنفة ضمن الخانة اللائقة بها على المستوى الوطني فإننا نتمنى أن تكون قدوة لكل إدارة تتوق إلى الرقي وتطمح إلى سمو مكانتها ومحفزة إياها نحو الإصلاح والتغيير. ولن يتأتى ذلك إلا لإدارة على رأسها مسؤول يستحضر القسم الذي أداه أثناء تكليفه بالمسؤولية الثقيلة وتقديره لحمل الأمانة الأثقل المعروضة على السماوات والأرض والجبال وقد أبين أن يحملنها وحملها الإنسان وعسى أن لا يكون هذا الإنسان بحملها ظلوما جهولا .