بقلم : عزالدين قدوري 

 نظم المجلس العلمي المحلي لإقليم تاوريرت و المحكمة الابتدائية بتاوريرت و الخلية المحلية للتكفل بالنساء و الأطفال ضحايا العنف و الجمعية الوطنية من اجل العدالة ، اليوم الأربعاء 20 مارس 2019 ندوة علمية حول موضوع : تعدد الزوجات في ظل الفقه و القانون ، وذلك برحاب قاعة الندوات المتواجدة بمحادات مسجد خالد بن الوليد.
وقد تضمنت الندوة جلستين :

 

1 – الجلسة الافتتاحية :
و كما جرت العادة، استهلت أشغال الندوة العلمية بكلمات افتتاحية للجهات المنظمة، حيث تناول السيد محمد بلوالي رئيس المجلس العلمي المحلي بتاوريرت أهمية تنظيم هذا الملتقى العلمي، مسلطا الضوء على جوانب من موضوع الندوة في ظل أحكام الفقه و السنة النبوية الشريفة، فيما تناول السيد محمد بلوالي جانبا من الأهداف العملية المسطرة لهذه الندوة و بالأخص على مبدأ التعديد في صلته وارتباطه بنصوص القرآن والسنة، وهو صلب الموضوع، مشيرا إلى أن تصرفات الأفراد قد يشوبها خلل كبير في أحوال عدة قلما يفكر فيها الزوج كالإنصاف والعدل، لذا وجب حمل هذا الموضوع على محمله الذي أريد له وهو أن يكون إبرازا لمكمن الحكمة من تشريع التعديد وصونا لكتاب الله و للآيات القرآنية التي تنتمي إلى كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

فيما تناول السيد احمد ميدة رئيس المحكمة الابتدائية بتاوريرت كلمة مقتضبة ذات حمولة معرفية مهمة أشار فيها إلى جانب من الأهداف العملية المسطرة لهذه الندوة ومن بينها : إبراز الدور الذي تلعبه دراسة الفقه في التمهيد لمرحلة الاجتهاد في القضايا المستجدة بشكل ييسر فهمه ويسهل تناوله، والمساهمة في التكوين الفقهي والقانوني لرجل القانون عموما، واستجلاء موقف القضاء المغربي من الوضعية الثنائية للفقه والقانون في مجالات الأسرة.
كما أكد السيد احمد ميدة على أن موضوع التعدد يرى أحيانا انه مرتبط بالاختلاف في التوجهات و الأفكار، لكن الموضوع يطرح مجموعة من الإشكالات العملية منها ما يتعلق بزواج القاصرات و منها ما يتعلق بثبوت الزوجية وغيرها من الإشكالات .
و ختم كلمته بالشكر للحاضرين مؤكدا على أن المحكمة ستكون لها شراكات مع المجلس العلمي مستقبلا لتنظيم لقاءات علمية أخرى حول المواضيع المرتبطة بالفقه و القانون .
من جانبه، سلط السيد عبد الصمد الازمي الإدريسي وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت الضوء على عدة نقاط أساسية و مهمة حول موضوع الندوة العلمية (تعدد الزوجات في ظل الفقه و القانون ). حيث أشار إلى انه يأتي بعد مدة ليست بالقصيرة من دخول القانون رقم 70/03 بمثابة مدونة الأسرة و بالضبط مند شهر فبراير 2004 وما صاحبها من نقاشات واجتهادات من اجل تنزيل مقتضياتها على الوجه الأمثل خدمة للأسرة بكل مكوناتها ، كما أكد على الدور الحاسم الذي يلعبانه كل من الفقه و القضاء في كل القضايا التي تهم رابطة الزوجية ومنها موضوع الندوة ( تعدد الزوجات ) . و أكد أن البحث في موضوع تعدد الزوجات ليس بالأمر السهل كما أن سبر أغواره من الناحية الفقهية و القانونية يعتبر أمرا معقدا لتباين وجهات النظر. وختم كلمته مذكرا بدور النيابة العامة في كل قضايا الأسرة باعتبارها ممثلة للمجتمع وساهرة على تطبيق القانون.
من جهته دعا السيد نورالدين ابوبكر رئيس الجمعية الوطنية من اجل العدالة إلى تنظيم ندوات و ملتقيات مماثلة لهده الندوة من اجل المناقشة و الشراكة مع المجتمع المدني حتى تصل المعلومة القضائية و كل ما يتعلق بالعدل والعدالة إلى الشعب. و أوضح مسار قانون الأسرة و المحطات التي مر منها بدءا من التحولات الحقوقية و إقرار المواثيق الدولية لحقوق الإنسان إلى تنزيل دستور 2011 الذي جاءت بعده عدة نقاشات ومشاورات تكللت بوضع قانون أسرة واضح وفق الشريعة الإسلامية ، ليختم كلمته بسؤال:
– هل تحققت العدالة الأسرية من خلال التطبيق أم لا ؟

2 – جلسة عروض الندوة :
في الجلسة الثانية من الندوة العلمية حول ( تعدد الزوجات في ظل الفقه والقانون) دارت رحى الحديث و النقاش حول عدة جوانب ، أدلى فيها كل بدلوه. حيث تناول الاستاذ محمد المسعودي عضو المجلس العلمي المحلي مداخلة حول ” تعديد الزوجات – نظرات في التأصيل و التقصيد ” اكد من خلالها على ان الله لا يشرع شيئاً إلاّ وفيه الصلاح والنفع للخلق فالله سبحانه وتعالى حكيم خبير بعباده رؤوف رحيم وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى، فقوله حق وفعله كذلك. كما عدد السيد محمد المسعودي المقاصد الشرعية و الحكم الباهرة والغايات النبيلة والأهداف السامية للتعدد، و التي من شأنها تطهير المجتمع من الفساد واستبعاد الرذائل و الحفاظ على الحياة، كي تبقى سليمة.
لينهي مداخلته بالتأكيد على أهمية التعدد وحاجة المجتمع إليه وضرورة الاهتمام به وتناوله بالدراسة من كلا الجانبين الفقهي والقانوني و دعا الجميع الى التعاون لتأصيله رجاء تصحيح ما راج بين المسلمين من تصور خاطئ عن تعدد الزوجات، واعتباره عند البعض ظلماً للمرأة وهضماً لحقها وخيانة لها.
من جهته تقدم الاستاذ أمين عبد الله رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت بعرض حول ” قضايا التعدد بين النص التشريعي و العمل القضائي ” موضحا ان اختياره لهذا الموضوع جاء نتيجة لتتبعه للقضاء الأسري و اجتهاد المحاكم ، مشيرا الى ان في السنوات الاخيرة صدرت مجموعة من المؤلفات القضائية التي ترصد اجتهادات بعض اقسام قضاء الاسرة . ونظرا لكون موضوع تعدد الزوجات من أكثر المواضیع اثارة للجدل على صعید الفقه ، وتباین مواقف التشریعات العربیة و الإسلامية ، وتعمیما للفائدة قام السيد أمين عبد الله بالتعرض لمختلف الأحكام التي تؤطر موضوع التعدد في ظل مدونة الأسرة المغربیة مستعرضا مجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم بمنح الترخیص بالتعدد أو برفضه.
و بعد انتهاء مداخلة السيد امين عبد الله جاءت مداخلة الاستاذة نوال الرمضاني رئيسة الوحدة الإدارية و المالية بالمجلس العلمي المحلي لإقليم تاوريرت و التي تمحورت حول موضوع ” سماع دعوى الزوجية بين إشكاليات التطبيق وواجب التعديل ”
حيث قالت أن الموضوع جد معقد يصعب إبداء رأي فقهي جديد ومختلف فيه مشيرة إلى أن الساحة الفقهية لم تخلو من بعض الأصوات التي تنادي بقوة بضرورة قراءة جديدة للنص الشرعي في مواكبة للمستجدات التي تطرأ من حولنا. و اختارت كمثال لتلك المبادرة كل من الشيخ محمد عبده و علال الفاسي.
و في مداخلته المتمحورة حول “سماع دعوى الزوجية بين اشكالات التطبيق وواجب التعديل ” تحدث الاستاذ احمد النابوتي رئيس الخلية المحلية للتكفل بالنساء و الأطفال ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت ونائب وكيل الملك لديها . بتفصيل شديد لهدا الموضوع لما يثيره من تساؤلات علمية جادة من جهة وللإحساس بالمسئولية الأخلاقية والقانونية الجسيمة والمتمثلة في تفعيل واستيعاب ما تمليه المقتضيات الجديدة للقانون وملائمتها مع محيطها الاجتماعي في نسق يحقق المقاصد الشرعية.
ولتيسير الفهم والاحاطة ما أمكن بالموضوع فقد تناول مفهوم السبب القاهر وفقا للمادة 16 من مدونة الأسرة والتي تنص على انه يعتبر عقد الزواج وسيلة لإثبات الزواج إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ، كما تناول أيضا مفهوم ثبوت الزوجية في ضوء االقانون والشرع الذي اختلفت فيه جمهور المالكية والحنفية فيما يخص اعتبار الإشهاد شرطا في النكاح يذهب البعض الاخر إلى عدم لزوم الإشهاد فيه كما فصل ايضا في الإجراءات الشكلية لدعوى ثبوت الزوجية. من خلال الشروط الشكلية الموحدة لممارسة الدعاوى و الإجراءات الموضوعية لدعوى ثبوت الزوجية .
و كمداخلة أخيرة تناولت الاستاذة فاطمة قدوري رئيسة مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت، عرضا حول ” اشكالية تلازم دعوى التعدد و الشقاق ” حيث قالت ان هناك بعض المقتضيات القانونية التي بتفعيلها يكون هناك ضرر على الاسرة المغربية بصفة عامة وليس المرأة والزوجة فقط .
و انطلقت الاستاذة فاطمة قدوري في عرضها مما انتهي اليه السيد رئيس المحكمة في مداخلته الافتتاحية عندما قال : موضوع الندوة تعدد الزوجات في ظل الفقه والقانون ولم نقل وفق القضاء .
و اوضحت ان القضاء يحتاج الى قضاة اكفاء يتفاعلون مع النص القانوني، الى قضاة بسلطتهم التقديرية يراعون مصلحة الاسرة .
كما ركزت في مداخلتها على محور التطليق للشقاق خصوصا في مادة التلازم بين التعدد والشقاق على ضوء المادة 45 من قانون الاسرة . واشارت كذلك الى اهتمام المدونة وهي تنظم التعدد بأطرافه الثلاث ولم تولي الاهتمام بالمرأة المرجعة في اطار الرجعة .
وختمت مداخلتها بان التعدد لا يشكل ضررا خصوصا أن الإسلام أباح تعدد الزوجات و لكن في الآن نفسه أكدت انه يجب أن يوزن الموضوع بميزان المفاسد و المنافع التي قد تنجم عنه .

الجلسة الاولى :

 

الجلسة الثانية:

 

فتح باب المداخلات و الاستفسارات