تاوريرت بريس :

المال

 

أكد البنك المركزي المغربي أنه يسعى لتنفيذ مشروع تعويم للدرهم تدريجيا اعتبارا من منتصف العام المقبل، وأن ذلك سيتزامن مع تنفيذ سياسة تستهدف السيطرة على التضخم عند معدل مستهدف من أجل ضبط الأسعار التي يمكن أن تتأثر بالتعويم.

وأثار قرار التعويم نقاشا بين الاقتصاديين، الذين انقسموا بين مرحب بالآفاق الكبيرة التي يمكن أن يفتحها للاقتصاد المغربي، وبين متخوف من تداعيات القرار على الاقتصاد والقدرة الشرائية للمواطنين.

واستبعد المحلل المالي الطيب أعيس، الذي يدير مكتب استشارات مالية، أن يكون لقرار تعويم العملة المغربية، أية تداعيات سلبية على الاقتصاد المحلي.

وقال إن التداعيات لن تكون كبيرة لأن المؤشرات الاقتصادية في وضع جيد حاليا، وهو ما يسمح بهذا المستوى من الانفتاح المتعلق بتداول العملة المغربية. وأكد أن الاقتصاد المغربي قد يستفيد كثيرا من التعويم بسبب قدرته التنافسية الكبيرة.

ونسبت وكالة الأناضول إلى أعيس قوله إن التداعيات السلبية قد تظهر إذا ضعُف الاقتصاد وفي حالة ارتفاع واردات المغرب الخارجية في مقابل استقرار أو تراجع الصادرات.

وتوقع البنك المركزي المغربي في سبتمبر الماضي، أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في العام المقبل نحو 4 بالمئة مقابل 1.4 هذا العام. ورجح أن يتراجع التضخم من 1.6 بالمئة في العام الحالي إلى 1.2 بالمئة العام المقبل.
وقال الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، إن مشروع تعويم العملة من وصفات صندوق النقد الدولي، التي يريد أن يفرضها على العديد من الدول، وأنه طرحها مرارا على المغرب. وأكد أن الصندوق “يتعامل معنا حسب ميزان القوة، حين يحس بأنه الأقوى يدفع بقوة نحو فرض توصياته”.

وأضاف أن ميزان القوة يميل إلى صندوق النقد منذ استفادة المغرب من الخط الائتماني، وأن الحكومة المغربية تتناغم حاليا مع توجهات الصندوق. وأكد أنه “رغم ارتفاع رصيد العملة الأجنبية في السنوات الأخيرة، الذي مثل عاملا مشجعا للحكومة للشروع في تعويم الدرهم، فإن لا شيء تغير جوهريا في بنية الاقتصاد المغربي، بما يجعلنا نقبل بعملية كنا نرفضها قبل سنوات قليلة”.

وتكفي احتياطات المغرب من النقد الأجنبي، لتغطية واردات السلع والخدمات لمدة 7 أشهر، ومن المتوقع أن ترتفع لتكفي لنحو 8 أشهر في العام المقبل.

واستبعد أقصبي فرضية ارتفاع الاستثمارات الأجنبية جراء التعويم، وقال، “لا أرى إلا الخسارة، ولا يمكننا أن نتوقع استفادة الاقتصاد المغربي من هذا الإجراء، بل سيدخل الاقتصاد المغربي في دوامة تقلبات الاقتصاد الدولي”.

ويرى الاقتصادي المغربي المتخصص في الأسواق المالية، عزيز لحلو، في حديث مع “الأناضول”، أن “تعويم الدرهم عملية لا مفر منها، بالنظر إلى التزامات المغرب الدولية مع صندوق النقد الدولي”.

ويرى المحلل عزيز لحلو أن التعويم مهم جداً للاقتصاد المغربي، شريطة مواكبة العملية بإجراءات أخرى، منها الشفافية وضمان المنافسة من أجل توفير ضمانات للمستثمر الأجنبي في التصرف في رأسماله بكل حرية.

وأكد البنك المركزي، الذي يتمتع باستقلالية عن الحكومة، أن “الانتقال من نظام صرف ثابت إلى نظام صرف مرن، يقتضي الإعداد له بشكل جيد، عبر إعداد الفاعلين الاقتصاديين، وضبط التوازنات الاقتصادية وتعزيز قدرة القطاع المصرفي على التعاطي مع السياق الجديد”.

وقال محافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري إن “البنك يتطلع إلى تحديد مراحل تعويم الدرهم ويسعى إلى مراقبة كيفية تعاطي السوق مع ذلك القرار، الذي سيتم تنفيذه بشكـل تـدريجي يستغـرق عـدة أعـوام”.
وأوضح أنه سيضع في المرحلة الأولى حدودا عليا ودنيا لأسعار الصرف ويتدخل في حال تجاوزها، وفي الثانية يصبح صرف الدرهم خاضعا لقانون العرض والطلب في سوق العملات، وفي الثالثة ينتقل المغرب إلى مرحلة التحرير الكامل لسعر صرف الدرهم.

ويرتكز مشروع تعــويم العملة المغربية “على الانتقـال التدريجي نحـو نظام صرف أكثر مرونة مـن أجـل تعـزيز تنـافسيـة اقتصـادنا وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية” بحسب الرسالة التي وجهها العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى البنوك المركزية، ومؤسسات النقـد في الدول العـربية، خـلال وقت سـابق مـن العـام الجـاري.

ويرى صندوق النقد أن “القطاع المالي المغربي مهيكل بشكل صلب وأن المخاطر التي تهـدد الاستقـرار الماـلي تظـل محـدودة” ويرجح أن “قيمة الدرهم لن تهبط فور تعويمه”.

وقال رئيس بعثة الصندوق إلى المغرب، نيكولا بلانشيه “إن الدرهم لن يهبط فور تبني البنك المركزي لنظام مرن لسعر الصرف لأن الإصلاح سيكون تدريجيا… لا نتوقع تقلبات، لأن جميع الظروف اللازمة للانتقال السلس متوافرة”.

في هذه الأثناء أبقى البنك المركزي الثلاثاء سعر الفائدة الأساسي دون تغيير عند 2.25 بالمئة، وقال إن توقعات التضخم تتماشى مع استقرار الأسعار الذي يستهدفه. ورجح تعافي الإنتاج الزراعي في 2017 من أسوأ موجة جفاف في عقود ضربت البلاد العام الماضي.

متابعة