تاوريرت بريس :

مصطفى الرميد

 

أكد وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد، اليوم الجمعة بمراكش، أن الإصلاح الحالي لمنظومة العدالة اعتمد على إصلاح دستوري واضح في تكريس السلطة القضائية.
وقال الوزير، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه مدير التشريع بالوزارة السيد بنسالم أوديجا، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال ندوة وطنية حول موضوع “قراءة في مشروع قانون التنظيم القضائي في ضوء الجهوية المتقدمة”، “إن الإصلاح الحالي اعتمد على إصلاح دستوري واضح وحاسم في تكريس السلطة القضائية مع الاسترشاد بمجموعة من المعايير الدولية، لكن – يضيف الوزير- بمنهجية جديدة غير مسبوقة تقوم على حوار وطني لإصلاح عميق وشامل”.وأوضح الوزير أن موضوع إصلاح منظومة العدالة من المواضيع الأساسية ضمن السياسات العمومية بالمملكة، وأحد المطالب المقدمة من طرف القوى الحية داخل المجتمع بمختلف مشاربها، وأيضا من بين المحاور الأساسية التي حظيت بعناية كبيرة في مجموعة من الخطب الملكية السامية، مشيرا إلى أن دستور 2011 جاء بثورة حقيقية في مجال إصلاح العدالة، ليكرس بشكل صريح القضاء كسلطة مستقلة وأرسى 22 فصلا أسسها وركائزها.
وسجل أن “التنظيم القضائي الحالي يفتقد للانسجام بحكم التعديلات المتلاحقة التي طالت مقتضياته وهو ما لا يمكن من التوظيف الأمثل للموارد البشرية والمادية، وقد لا يضمن القرب الحقيقي بين المتقاضين”، مضيفا أن “الخريطة القضائية غير معقلنة، وأن القضاء المتخصص غير معمم، لذلك تضمن ميثاق إصلاح منظومة العدالة عدة توصيات تستهدف تأمين فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها”.وأوضح الوزير أن هذا المشروع يهدف إلى تحقيق النجاعة القضائية من خلال توفير عدالة قريبة وفعالة وفي خدمة المتقاضين من أهم تجلياتها ارتكاز مقومات التنظيم القضائي على مبدأ استقلال السلطة القضائية وتكريس أسس تنظيم قضائي قائم على التخصص في إطار وحدة القضاء، وجعل المحكمة الابتدائية الوحدة الرئيسية في التنظيم القضائي باعتبارها صاحبة الولاية العامة والمختصة في البث في كل القضايا التي لم يسند الاختصاص بشأنها صراحة إلى جهة قضائية معينة، فضلا عن اعتماد المحاكم على الإدارة الالكترونية في الإجراءات والمساطر القانونية.
وبخصوص واقع التنظيم القضائي الحالي دعا السيد الرميد إلى التفكير في مراجعة الخريطة القضائية وذلك بالزيادة في عدد المحاكم وإعادة النظر في توزيعها الجغرافي في إطار التوجهات الجهوية واللاتمركز التي أصبحت تفرض إعادة ضبط التنظيم الترابي للمحاكم وكذا اختصاصها المحلي، وذلك مراعاة للحقائق الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية وايضا متطلبات فعالية الادارة القضائية وتسهيل الولوج الى القانون والعدالة وتحقيق النجاعة القضائية.من جهته، أكد رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، السيد سمير أيت أرجدال، أن الاعتماد على وحدة القضاء واعتبار المحكمة الابتدائية بمثابة النواة الأساسية في التنظيم القضائي للمملكة والاكتفاء بإحداث أقسام متخصصة في القضايا الإدارية والتجارية بها، جعل بعض المتتبعين يقرون بأن المشروع دشن لمرحلة تم من خلالها التراجع عن مكتسب المحاكم المتخصصة، وما لذلك من تأثير سلبي على التطبيق العادل للقانون وبالانضباط لأهم القواعد المرجعية التي سبق تكريسها من طرف القضاءين الاداري والتجاري لمختلف محاكم ربوع المملكة.
وأضاف أن هذه الندوة تروم بيان مدى ملاءمة مشروع التنظيم القضائي للمملكة مع التوجهات السياسية للدولة، خاصة وأن اختيار المغرب تفعيل مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية يستوجب تأهيل المنظومة القضائية لمواكبة تعليق نظام الجهوية المتقدمة والارتقاء بالحكامة الترابية، وذلك وفق مقاربة شاملة ومتكاملة للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.وأكد عميد كلية الحقوق بمراكش السيد يوسف البحيري، من جانبه، أن أهمية موضوع هذه الندوة يندرج في سياق دينامية الانخراط في هذا النقاش القانوني والفقهي حول السبل الكفيلة بتقريب القضاء المتخصص من المتقاضين في إطار الجهوية المتقدمة، وضمان النجاعة القضائية والفعالية على مستوى مختلف درجات التقاضي وأنواع الهيئات القضائية، خصوصا وأن المغرب يعيش مرحلة تاريخية من البناء الديمقراطي والإصلاحات المؤسساتية والتشريعية والقضائية تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تهم بناء التوازن بين اللامركزية الجهوية واللاتمركز الإداري في إطار الجهوية المتقدمة.
وأشارت باقي التدخلات إلى مدى استجابة مضامين هذا المشروع للتنظيم القضائي لأهداف الجهوية المتقدمة وتأثير ذلك على مستقبل القضاء المتخصص وإلحاقه بالمحاكم الابتدائية، ومدى تفعيل هذا المشروع لمبدأ مجانية القضاء وقربه من المواطنين.وأبرزوا أن دستور 2011 أكد على الدور المحوري للسلطة القضائية من أجل تعزيز النجاعة القضائية في العديد من الميادين، مضيفين أن مشروع التنظيم القضائي يتضمن الكثير من المواضيع الهادفة الى تيسير تقريب القضاء من المواطنين وتبسيط المساطر.وسيتناول المشاركون في هذه الندوة، المنظمة على مدى يومين بمبادرة من مختبر الدراسات القانونية بكلية الحقوق بمراكش وهيئة المحامين بهذه المدينة والمركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية وودادية موظفي قطاع العدل، مواضيع تهم “التنظيم القضائي .. مقوماته وقواعد عمل الهيئات القضائية” و”موقع ومكونات الإدارة القضائية في مشروع التنظيم القضائي والحكامة الجيدة” و”الخريطة القضائية للمملكة في ضوء الجهوية المتقدمة”.كما سيتطرق المشاركون إلى مواضيع أخرى ك”الحق في التقاضي وتقريب مرفق القضاء من المواطن” و”درجات المحاكم وأنواعها في علاقتها بالجهوية المتقدمة” و”استقلال السلطة القضائية في ضوء مشروع التنظيم القضائي للمملكة” و”التفتيش والمراقبة القضائيين”.