بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

مدينة الألف نسمة ،التي تتربع على مساحة تقدر بحوالي 15 كلم مربعا ، وتعتبر عمالة وعاصمة إقليم .من حيث الشكل فإنها تبدو كمدينة افتراضية بعيدة كل البعد على أن تكون مدينة بمعناها الواقعي ،وقلما يمكن ترقيتها إلى مستوى قرية نموذجية بمعناها الحقيقي، وبالأحرى أن ترقى إلى مستوى عمالة وعاصمة إقليم .هذا في تصوري المتواضع ،وربما حتى في تصور كثير ممن يملكون بعض المعرفة بأسس التمدن وقواعد التحضر .
هي في الشكل مدينة تحتوي على أحياء مهمشة ،لا تختلف في حالها عن حال “مداشر” قروية ،وعمارات غير مكتملة ، لا تمت لفن العمارة بصلة، وأزقة وشوارع غير مسمية ،وطرق محفرة وغير معبدة ،لا تتوفر على إشارات مرور ضوئية أو حتى قصديرية ،ولا على بنية تحتية مؤهلة ما ينبغي تصنيفها ضمن القرى النائية خارج الإطار الجغرافي ، وما دمنا بصدد الحديث عن هذه المدينة من حيث كونها مدينة شكلية
نذكر على سبيل المثال لا الحصر القطاع الصحي العام والخاص، باعتباره احد القطاعات الأساسية للتمدن .حينما نلاحظ من حيث الشكل أن المدينة تتوفر على أكثر من 12 عيادة طبية في القطاع الخاص، بالنسبة للتعداد السكاني للمدينة وحدها بغض النظر عن سكان القرى المجاورة ،بما يعادل أكثر من ألف نسمة لكل طبيب ، هي نسبة قد تجعل هذا الأخير في وضع مريح ماديا ويجعله في غنى عن قبوله بنظام المداومة ،إلا أن هذا الأسلوب إنسانيا قد يؤثر تأثيرا سلبيا على المريض الذي يفرض عليه في كل الحالات اللجوء إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي ،الذي يعاني بدوره من خصاص ملحوظ في الأطر والأطباء والممرضين .حال يعبر عن رداءة الأداء الصحي في هذا المستشفى بصفة عامة، وبقسم المستعجلات بصفة خاصة ،والقطاع الصحي العام والخاص ككل . حيث أصبح الوضع الصحي بالمدينة بشكل عام يعاني من نقص في الموارد البشرية والأطر الطبية ،كما أصبحت المدينة مع توسعها العمراني ونموها الدموغرافي في حاجة إلى مزيد من العيادات والمصحات الخاصة والمتخصصة لسد هذا العجز الذي يعانيه السكان، وتخفيف الضغط على المستشفى الإقليمي
على ذكر المداومة فان كان الأطباء في القطاع الخاص يرفضون نظام المداومة لأسباب من الأسباب التي تخصهم ، إلا أنها تبقى غير موضوعية ولا إنسانية في نظر الرأي العام المحلي والإقليمي ،كما أن الصيدليات وان كان عددها قد يغطي مساحة المدينة المترامية على أكثر من 15 كلم مربعا فان الصيدلية الواحدة للمداومة تبقى غير كافية ، ونرى من الصعب أن ينتقل المريض ليلا من أدنى المدينة إلى أقصاها ويقضي ساعات في البحث عن مكان تواجدها ،وقلما كان يهتدي إلى عنوان هذه الصيدلية ،وإذا حصل ذلك فقد يفاجأ أحيانا أنها لا تتوفر على نوع الدواء المطلوب من حيث الموضوع نجد ذلك لا يخدم المصلحة العامة للمواطنين
ومادمنا نتحدث عن قطاع الصحة يجب أن لا نتغاضى عن بعض لواحقه ،ونذكر على سبيل المثال لا الحصر أيضا سيارات الإسعاف الصحي ودائما في إطار المداومة ،فان هذه السيارات نراها منعدمة كليا إلا من سيارة الوقاية المدنية، التي ترفض نقل المرضى ليلا أو نهارا إلا ما كان ناجما عن حادثة سير ،إذن فان قطاع الصحة في هذه المدينة يبدو محتشما ومتدهورا إن لم نقل بعدميته .مما يتعين على المسئولين على هذا القطاع وعلى كل من له صلة به والقول موجه إلى كل الجمعيات المنظمة له والمطلوب منها أن تعمل على إعادة النظر في أدائه الغير مرضي ،وبخاصة ما يتعلق بنظام المداومة ، كما نرجو من وزارة الصحة أن تعمل على دعم هذا المستشفى وبخاصة قسم المستعجلات بأطباء وممرضين إضافيين ، لان الطبيب الواحد والممرض الواحد المداومان لا يمكنهما بأي حال من الأحوال أن يكونا قادرين على تلبية حاجيات نزلاء المستشفى في مختلف أقسامه ،والاستجابة لما يتطلبه الأمر لإسعاف المتوافدين عليه في نفس الوقت. كما ينبغي تعيين صيدلية في كل حي بدلا من واحدة على مستوى المدينة من اجل تقريب الخدمة للمواطنين ،مع توفير الأدوية المطلوبة .دون إغفال لدور سيارات الإسعاف الذي لا ينبغي أن يغيب في كل الظروف ،وتكون هذه السيارات رهن إشارة طبيب المداومة حتى يمكن استعمالها في الحالات الاستعجالية . قد يكون من العار أن تجد المريضة والحامل في أعالي الجبال مروحية تقلها على وجه السرعة إلى ابعد مستشفى ،في حين تبقى نظيرتها وسط مدينة كمدينة تاوريرت لا تجد سيارة إسعاف تقلها إلى اقرب مستشفى لا يبعد عنها إلا ببعض مئات الأمتار.ولا يجد المريض المتوجع طبيب مداومة في عز الليل ليصف له بعض المسكنات إلى حين