بقلك : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

اكثر من 6 سنين مرت على تأسيس المجلس الاعلى للجالية القائم على انقاض المؤسسات المتقادمة التي جاءت لنفس الغرض ،والهادف الى خدمة مصالح الجالية الاجتماعية والثقافية ووو لخ الا ان كل هذه المؤسسات مع الأسف ولا واحدة منها اصابت الهدف ،الذي من اجله تأسست .

      فان كان المجلس الاعلى للجالية بحجم اسمه وضخامة مهماته ،قد تأسس كدليل على عدم نجاعة سابقاته وكفاءة اطقمته، بكل تأكيد على غرار سابقيه لم  يكن هو الاخر يفي بما عوهد اليه بعد اكثر من ست سنين، ولم يحرز هذا المجلس رغم علوه وسمو سمائه  اي تقدم يذكر في اي مجال من مجالات اختصاصاته الظاهرة والخفية ،او يحقق اية نتيجة ترى لفائدة الجالية ،وان كنا لا نستبشر خيرا  من تأسيسه القائم على اناس لا علاقة لهم بقضايا الجالية ،ولا صلة لهم بأفرادها ولا هم ادرى بهموم اجيالها .قد ترددنا كثيرا في محاولة فهمنا  لمسئولية هذا المجلس ومدى اهميته ومبلغ رسالته، وما كنا نحسبه سوى لسان حالنا في كل محفل، وصوتنا المسموع على كل منبر، قد يغني تغييبنا تحت  قبتي  ممثلي امتنا وان كان جل افراد جاليتنا لا يباركون حتى هذا ألحضور، علما بأنه لا يفي الغرض وسوف لن يكون له اي أثر، ولا يشكل اي ثقل على مستوى المجلسين ،وحتى لا تتفرق اصوات الجالية بين الاحزاب الحاكمة والمعارضة ، فتذوب مصالحها وتتشتت شمائلها مع توجهات سياسية غير مجدية باعتباره عمل قد لا يخدم مصالحها ، مقتنعة ومؤمنة ومتأكدة بأنه لا خير يرجى من قديم ولا من قادم .فضلت هذه الجالية الانتظام داخل اطارات جمعوية تحت مضلة جلالة الملك ،لئلا يختلف حالها عن حال جنود القوة المسلحة ألملكية مخلصة للشعار الخالد الله الوطن الملك ، وحتى تبقى ككتلة متماسكة تساهم بشكل قوي في تنمية اقتصاد البلاد،وكثروة خام تمنينا لو نجد بين كل الاحزاب الحاكمة والمعارضة على حد سواء من يتناولنا بحسن التدبير ويا خذنا بالا حظان. الا ان هذا مع الاسف لم يتحقق بعد ،الشيئ الذي جعل معظمنا يخطو الى الامام خطوة ،ويتراجع الى الوراء خطوات ،ويفكر في العودة ساعة وفي المغادرة ساعات

      فلا مؤسسة الحسن الثاني ،ولا مؤسسة محمد ألخامس ولا مجلس الاعلى للجالية ولا حتى وزراء منتدبين لدى الوزارة الاولى المكلفين بالجالية ،المتعاقبين على ظهرها منذ سنين عديدة . كل هذه المؤسسات لم تكن ترقى الى مستوى طموحات الجالية ، فتحظى برضا مؤسساها المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني ،ووريث سره جلالة الملك محمد ألسادس .لاعتبارات عدة وأسباب متعددة  قد توقف العربة امام الحصان. ما تزال هذه الاسباب والاختلالات قائمة الى اليوم تساعد على نفور اجيال الجالية من وطنهم وتؤثر في الروابط والاواصر التي تشدهم باصولهم ، نتيجة تغييبهم عن كل ماله صلة بقضاياهم ومعاملتهم كالغرباء في وطنهم ،فان يقال عن اهل مكة هم ادرى بشعابها ،فالأمر اصبح يختلف بالنسبة لمن وكل اليهم امر تدبير الشأن العام في بلادنا ،فوضع الجالية قد لا يختلف في ظاهره وباطنه عن وضع منظومة التعليم والتربية الوطنية وملايين الدراهم المصروفة من اجل اصلاحها دون فائدة ،مادام دعاة الاصلاح يعملون على تكريس الامر الواقع  بتغييب المعنيين بأمورهم ، ولا يسمحون لهم بتولية شانهم بأنفسهم ، وهم ادرى باوضاعهم من غيرهم ، علما  ان الجالية اصبحت تتوفر على اطر وأدمغة متمكنة ومتضلعة في كل المجالات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية قادرة على تحمل المسئولية .وباعتبارها قوة لا ينبغي التفريط فيها والاستهانة بقدراتها ، من يجب العناية بها عناية كاملة، والإحاطة بشؤونها وقضاياها احاطة شاملة ، الا ان هذا لم يتحقق بالنسبة لأجيال الجالية عندما اصبح كل مشروع يخصها مخيبا لأمالها محبطا لإعمالها، لاشك في ان هذه الخيبة والإحباط تعكسان خسارة للوطن ككل

   فاذا كانت العبر بالنتائج فماذا حقق المجلس الاعلى للجالية بعد ست سنين الخالية ،وماذا حقق الوزراء المتربعون على كرسي وزارتها ،من وراء سفرياتهم العائلية وتنقلاتهم المراطونية عبر دول العالم ،الى متى تضل هذه التجارب مستمرة الى مالانهاية في مغرب غريب . لقد ختم الصبر انتظارات الجالية بالرفض وبشكل قاطع كل تمثيلية لا تنبثق من وسطها، وقد استعملت الرشق بالأحذية احيانا كأسلوب من الاساليب المعبرة عن هذا الرفض ،حينما لم تجد الاذان المصغية لدى المكلفين بشئونها من المسترزقين والمتجولين على حسابها وحتى المتكلمين باسمها

    لم تحض اجيال الجالية بالوعود العرقوبية والعناية المعهودة ،ولا بالتشجيع والمساعدات المعنوية التي طالما يتغنى بها المسئولون في كل مناسبة في غياب المؤسسات المعنية بقضايا الجالية ،وعلى رأسها المجلس الاعلى الخالي من الجالية والجاهل بقضايا وهموم افرادها . وفي مقدمتها الوزارة المكلفة بشئونها. لاشك في ان هذه الشريحة قد باتت  تعي جيدا مالها وما عليها فلا مجال من مراودتها ومسايستها، لقد تشبعت بما فيه الكفاية من  انفتاحها على العالم الضيق الذي اصبح يضيق حتى من اهله ،وبالأحرى الوافدين عليه ، اجل فأمسى الواقع يجعل مقام الغرباء على كل ارض كبنيان القصور على الثلوج ، ينذرهم الى حين  تشرق الشمس فيعزم الغرباء على الخروج .

       كذلك عما قريب سيشهد المغرب موجة  تتقدم هذا التسونامي ألخطير، ترى فماذا  تكون الدولة قد اعدت لعودة ثلث ساكنة المغرب ،اذا لم تكن قادرة على تلبية متطلباتها في خلال شهر واحد من السنة .لكنهم قد لا يعودون مالم تكن هذه العودة  اجبارية ، وقد لا يقبلون عليها بإرادتهم واختيارهم مالم يكونوا مرغمين ومكرهين، في ماعدا ذلك  قد لا تكون هناك حاوية تحويهم الا حاوية وطنهم .