عزالدين قدوري:

تحت شعار “احترام قانون السير دعامة أساسية لتحقيق الاستعمال الأمثل و السليم للفضاء الطرقي ” نظمت المحكمة الابتدائية بتاوريرت ، أمس الثلاثاء 22 فبراير، يوما دراسيا ،بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية.
تميز هذا اليوم الدراسي، بحضور مسؤولين قضائيين في مقدمتهم السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتاوريرت و السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت و السادة نواب وكيل الملك ٬ وممثلي مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي و السيد مدير السجن المحلي و بعض أعضاء هيئة الدفاع والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، و فعاليات من المجتمع المدني.
أطّر هذا اللقاء بكفاءة نخبة من الأطر القانونية و في مقدمتهم الأستاذ سعيد ايكيس وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت أكد فيها أن هذا اللقاء التواصلي و العلمي يشكل محطة مهمة و نقاش عمومي للوقوف على المجهودات المبذولة من كافة المتدخلين، لتطوير و تحقيق الاستعمال الأمثل و السليم للفضاء الطرقي.
وقد عرف هذا اليوم الدراسي عرض مفصل حول ” الإشكالات التي تعترض النيابة العامة في تطبيق أحكام مدونة السير “ ألقاه الأستاذ حسن بن موسى نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت. تناول فيه الإشكالات المرتبطة بضبط مخالفات أحكام مدونة السير مثل الإشكال المرتبط بالمعاينة الآلية لمخالفات تجاوز السرعة ، والإشكال المرتبط بإثبات جنحة السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير مواد مخدرة ، و الإشكال المرتبط بالخبرة التقنية و البحث الإداري في حوادث السير المميتة ، والإشكال المرتبط ببعض المخالفات التي تحتاج لوسائل تقنية ، وإشكال تداخل جنحة الفرار كظرف تشديد و كجنحة مستقلة. كما تناول في محور ثاني أهم الإشكالات المرتبطة بإجراءات المتابعة و من بينها الإشكال المرتبط بالزامية الخبرة الطبية في حوادث السير الناتج عنها جروح ، و إشكال نقص بعض بيانات محاضر مخالفات السير ، و إشكالية عدم اشتمال مدونة السير على عقوبات لبعض المخالفات ،و الإشكال المتعلق بتوقيف رخصة السياقة من قبل الإدارة .
و ختم عرضة مؤكدا على أن مدونة السير تحتاج إلى تدخل تشريعي جديد و متواصل لتجاوز الإشكالات التي كانت تطرحها مدونة السير .
– و في عرض حول ” دور حوادث السير الوهمية بين الواقع و سبل التجاوز “ قدمه الأستاذ يونس العلمي قاضي بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت. اعتبر من خلاله اللقاء مناسبة لتجديد التواصل بين مختلف المتدخلين حول السلامة الطرقية كل من موقع مسؤوليته ، وقد ركز في عرضه على محور أول مرتبط بالخصوصيات المميزة لحوادث السير الوهمية ابرز فيه أصناف الحوادث الوهمية (الحوادث الوهمية بالكامل، الصنف الثاني هي الحوادث الوهمية جزئيا ، الصنف الثالث والأخير هي في الحقيقة حوادث حقيقية لكن الأضرار الناتجة عنها هي التي تكون وهمية ) كما أشار إلى الدوافع المسببة لجرائم الحوادث الوهمية . و في المحور الثاني حول عواقب الحوادث الوهمية والحلول المقترحة أشار المتدخل إلى الآثار السلبية لحوادث السير الوهمية ، و الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة . و التي قسمها إلى ( حلول وقائية و حلول زجرية ) واعتبرها عناصر كفيلة بالحفاظ على الأرواح البشرية وتفادي نزيف حوادث السير.
– المداخلة الثالثة كانت حول :” التعريف بالوكالة الوطنية للسلامة الطرقية و دورها في تحسين مؤشر السلامة الطرقية بتاوريرت ” للسيد عصام دحموني رئيس الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية بتاوريرت قدم دراسة تشخيصية لحوادث السير ، واعتبر أن فئة الراجلين تأتي في مقدمة ضحايا حوادث السير ،مستشهدا بارقام و احصائيات ، و أكد على ان إقليم تاوريرت عرف انخفاضا مقارنة ببعض المدن الأخرى التي تتصدر الجهة بعدد الحوادث المسجلة، واعتبر أن الظاهرة شأنا مجتمعيا لا يعني قطاعا بعينه بل يستلزم تظافر جميع الجهود.
– أما مداخلة الأستاذ عبد القادر المسعودي– محامي بهيئة وجدة ، فقد تناول في (نقطة ترافع حول السلامة الطرقية) أهم الاكراهات المرتبطة بتدبير السلامة الطرقية بإقليم تاوريرت، و أماط فيها اللثام عن دور المنتخبين الذين يحتم عليهم القيام بدورهم في توفير التشوير الطرقي و كل ما هو مرتبط بالسلامة الطرقية . و لترسيخ ثقافة السلامة الطرقية دعا المتدخل إلى وجوب تجسيد مبدأ التشاركية بين الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية و المجتمع و أكد على ضرورة التعبئة الإعلامية لإبراز ادوار و جهود هذه المؤسسات في هذا المجال.
وأشار المتدخل في صلب مداخلته إلى حجم و مبلغ التعويضات التي تقدمها شركات التأمين التي وجه لها سؤالا جوهريا حول قيمة التعويضات المقدمة لضحايا حوادث السير . كما دعا إلى ضرورة المواكبة في تجسيد مبدأ السلامة الطرقية و جعلها مبادرة مستمرة تعتمد على دراسة محاضر الضابطة القضائية . وختم مداخلته بتقديم مجموعة من التوصيات أعاد فيها التأكيد على التشاركية و الزامية المواكبة و التكوين المستمر لمؤسسات تعليم السياقة و إعادة النظر في المنظومة المرتبطة بالسير …
-ومن جانبه و في مداخلة بعنوان ” مجهودات المنطقة الإقليمية لأمن تاوريرت لضمان سلامة مستعملي الطريق في إطار الإستراتيجية العامة للمديرية العامة للأمن الوطني “ قدم السيد عبد العالي قرمون رئيس فرقة السير الطرقي بتاوريرت تحليلا مفصلا حول نشاط مصلحة حوادث السير و مفوضية الشرطة ، و أشار إلى أسباب ارتفاع حوادث السير ، و إلى كون المدينة تعرف توسعا عمرانيا وكثرة للمركبات بكل أصنافها إلى جانب السلوك البشري ،كون السائق هو العنصر العاقل والمتحكم في كيفية التعامل مع المركبة والطريق، فإن المسئولية الأكبر تقع على عاتقه في تفادى أو الوقوع في حادث مروري إضافة إلى عناصر أخرى لخصها في : التعب و إرهاق السائق … انشغال السائق عن القيادة بالهاتف … عدم التقيد بأنظمة المرور والتهور في القيادة .. عدم صيانة السيارة أو فحصها.. عدم وجود عوامل السلامة .. نقص كفاءة السائق.. نقص كفاءة وتجهيز وسيلة النقل (المركبة) .. نقص الانتباه والتركيز من السائق …
وختم مداخلته قائلا أن هذا اليوم الوطني أصبح موعدا سنويا للتواصل والتحسيس بالسلامة الطرقية التي يتعين ترسيخ ثقافتها داخل المجتمع، عبر مختلف وسائل وقنوات التواصل، بغية تنشئة جيل مدرك لرهان حقيقي يتمثل في حفظ النفس والغير..
– واستعرض السيد الملازم احمد بنعيني ، نائب قائد سرية الدرك الملكي بتاوريرت في مداخلته: “مجهودات الدرك الملكي بتاوريرت في محاربة آفة حوادث السير و العوائق المعرقلة لسير عملية السلامة الطرقية لمستعملي الطريق “ بالتحليل المستفيض دور رجال الدرك ومراقبتهم المستمرة لحركة السير والجولان، حيث قدم عرضا مفصلا حول اليوم الوطني للسلامة الطرقية وما يتعلق به من إحصائيات وأرقام مرتبطة بحوادث السير بالمغرب، ونظرا للأدوار المهمة التي تقوم بها إدارة الدرك الملكي في التحسيس و التوعية من اجل الحفاظ على سلامة المواطنين والحد من حوادث السير لمستعملي الطريق ، كما استعرض المتدخل خلال الكلمة نفسها، بعض الأرقام المتعلقة بنتائج السير والجولان بإقليم تاوريرت .
– وأضاف الأستاذ يحي يعقوبي مدير مؤسسة تعليمية بتاوريرت. خلال مداخلته : “السلامة الطرقية تربية و سلوك من اجل الحياة “ ابرز فيها دور المدرسة في خلق الوعي المروري لدى التلميذ بتعليمه قواعد وآداب المرور . مشيرا إلى أن المدرسة تعتبر بمثابة الصرح الذي فيه يتلقى التلميذ العلوم والتربية في مختلف المجالات ، ويمكن من خلالها غرس الوعي المروري في نفوس التلاميذ و المساهمة الفعالة في تحقيق السلامة المرورية .كما أكد على أن استيعاب مفاهيم ومتطلبات السلامة المرورية من قبل التلاميذ يتحقق من خلاله تعليمهم المبادئ الصحيحة للتعامل مع وسائل النقل (الصعود إليها والنزول منها والتصرف فيها أثناء سيرها ) أو استخدامه الطريق بصورة صحيحة بتفادي السلوكيات الخاطئة التي تعرضه للخطر سواء بعدم الانتباه أثناء العبور أو اللعب في أماكن غير مناسبة.

و بعد فسح المجال أمام الحضور في المناقشة العامة أجمع كل من ( ذ. الفتيت حافظ / رئيس مصلحة النيابة العامة بتاوريرت ) و ( ذة. فاطمة قدوري ، رئيسة مصلحة كتابة الصبط بمحكمة تاوريرت ) و ( ذ. الحسن بوعياد – محامي- ) على ضرورة تسطير برنامج عمل مكثف على طول السنة لنشر الوعي بالسلامة الطرقية ، و حماية الشارع العام من احتلال الملك العام ، و إصلاح الطرق و الحفر و الأزقة و اعتماد الإضاءة الكافية و الإشارات الضوئية و التشويرية في كل الأحياء و الشوارع، إلى جانب وضع خريطة للنقط السوداء بالإقليم لإعادة تأهيلها ، و تنظيم قطاع النقل العمومي بشكل صارم….
في الختام قدم الأستاذ أحمد النابوتي نائب وكيل الملك خلاصة مفصلة حول أشغال هذا اليوم الدراسي الناجح و الحافل بالنقاش و المعطيات العلمية و التحسيسية . و ما لمثل هذه اللقاءات من دور في نشر الوعي وترسيخ القيم الايجابية لدى السكان و السائقين، و شدد على ضرورة تكثيف الجهود لإنجاح الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية .