بقلم : عزالدين قدوري

   لم تكن ساكنة تاوريرت الحرة و اللامنتمية حزبيا و لا إيديولوجيا سعيدة هذه المرة بنتائج الانتخابات السابقة .. باستثناء بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تظل تدون وتعلق وتنتقد و تتفاعل مع الشأن السياسي المحلي (بين مزدوجتين) عبر صفحاتها وذلك من منطلق انتماءاتها الحزبية أو النقابية فقط أو لغايات مادية استرزاقية مرتبطة بالحملات الانتخابية.

 

     لكن الواقع شئ آخر ، إذ أن الأغلبية الساحقة لم تأبه لما يجري على الساحة السياسية ولم تهتم له قطعا. فمعظم الساكنة إن لم نقل جلها فقدت الثقة في أي شئ مرتبط بالممارسة السياسية ، وذلك راجع للوضع المتردي الذي تعيشه المدينة على كافة المستويات و الأصعدة. و نتيجة للأداء السياسي الضعيف الذي عرفته المدينة مند سنوات مضت ، إذ لم تسجل تاوريرت أي تقدم يذكر ، ولم يتم تجسيد ذلك التصور المتكامل للمدينة و الذي أزعج به المنتخبون الساكنة طيلة مواسمهم الانتخابية.
إن مدينة تاوريرت باتت مقتنعة أن تطلعاتها إلى الوفاء بتوفير حقوقها المتمثلة في خدمات النقل الحضري وتوفير الحق في الشغل وغيرها من المطالب الأساسية التي ترقى بمستوى ساكنتها باتت مستحيلة، حيث يظل ذلك أمرا طبيعيا بالنظر إلى مستوى أداء ممثليها و مسيري شأنها المحلي الذي يعكس عجزهم عن إيجاد أية حلول للنهوض بوضعها و الالتحاق بركب مدن المملكة التي نجحت و أبانت عن رغبتها في التحول إلى حواضر في المستوى المطلوب.

     بل أكثر من ذلك أن تلك النخب لم تكلف نفسها عناء القيام بأية محاولات لتجسيد مفهوم تدبير المدينة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي و لم تتم برمجتها بالنظر إلى الإمكانيات المتاحة سواء فيما يتعلق بالتدبير اليومي أو المستقبلي وتحقيق التوازن بين المتطلبات والإمكانيات .
و مادام الوضع مستمر بهذا الشكل المستفز ، الغير مرغوب فيه ، فسيبقى المجال شاسعا بين واقع ترابي يعج بالعديد من الإكراهات و الإختلالات وضعف المؤشرات التنموية، وبين الانخراط في تطبيق وبلورة برامج إصلاحية هيكلية، وأنماط جديدة في التدبير الترابي ترتكز على مبادئ ومقومات الشفافية والمحاسبة والمسؤولية والتشارك والرؤية الإستراتيجية.

      خلاصة القول، ومما يجب على مسيري الشأن المحلي العلم به ، انه لا تنمية لمدينة تاوريرت بدون إعطاء أهمية لساكنتها، و بدون جعلها فضاء للاستثمار الحقيقي ، فكفانا من المنشآت الإسمنتية الفاشلة، منشآت الخرسنة والإسمنت المسلح ، مدينة بدون روح، مدينة منتجة للرفض و الاحتجاج و الغضب، نريد مدينة خضراء ، مدينة للثقافة والوعي ، مدينة تخلق في الإنسان معنى الإبداع والتحضر، معنى التسامح والتعاون . هذا ما نرجوه وما نود من المسئولين الانتباه إليه إن كانت لهم رغبة أكيدة في النهوض بمدينة تاوريرت.