تاوريرت بريس :

أكد السفير البولندي بالمغرب كريستوف كريستوف كارفوسكي، أنّ العلاقات المغربية البولندية جيدّة على جميع الأصعدة، لافتاً إلى الإمكانيات المتاحة لتطويرها والارتقاء بها إلى مستويات أعلى، ذلك أن المغرب بلد استراتيجي بالنسبة لبولندا في إفريقيا.

وأوضح السفير البولندي بالمغرب، في حوار خاص مع موقع القناة الثانية إلى أنّه يهدف إلى تقريب المغرب من بولندا وبلاده إلى المغاربة، ومساعدة شعبي البلدين على اكتشاف والتعرف بشكل أكبر على بعضهما البعض، مبدياً إعجابه بالتقدّم المحرز بالمغرب، والذي يجعله قبلة للاستثمارات الدولية وجذّاباً كذلك للمستثمرين ببلاده.

وعن موضوع الأزمة الأوكرانية الروسية، أوضح المسؤول الدبلوماسي البولندي، بأن بلاده تتابع الحرب بكثير من الرعب والألم، موضحاً أن بولندا حذّرت منذ سنوات من سعي موسكو بسط نفوذها العسكري على المنطقة، وأشار إلى أن ما ترتكبه روسيا يرقى إلى جرائم حرب يجب أن يعاقب المسؤولون عنها.

نص الحوار:

كيف تتابع بولندا الحرب الدائرة على حدودها بين روسيا وأوكرانيا؟

بولندا تتابع بكثير من القلق والرعب العدوان غير المبرّر من روسيا ضد أوكرانيا، الأمر لا يتعلق بخلاف عسكري فقط بين البلدين، بل بهجوم على المدنيين، على المستشفيات والمدارس والإقامات السكنية. هذه جرائم حرب، ومرتكبوها يجب أن يواجهوا عقوبات شديدة. سنة 2008 تابعنا نذير ما سيقع بعد الاجتياح الروسي لجورجيا، حيث كشف الرئيس البولندي آنذاك ليخ كاتشينسكي، اليوم جورجيا وغداً أوكرانيا وبعدها دول البلطيق وربما في يوم ما، سيأتي الدور على بولندا.. نحن البولنديين كنّا نعلم بأن هذا سيقع، وحذّرنا منه العالم أجمع من قبل، وكون الاقتصاد متحكّماً كالعادة، تمّ التعامل معنا كأننا مصابين ب”فوبيا” من روسيا.

استقبلت بولندا أزيد من 2 مليون لاجئ منذ بداية الاجتياح العسكري الروسي على أوكرانيا، كيف تدبّر وارسو ملف اللاجئين؟

بولندا اليوم تستقبل أكثر من 2 مليون ونصف المليون من اللاجئين، وأنا فخور جداً بالمواطنين البولنديين، الذين قدموا مساكنهم ومنازلهم لفائدة اللاجئين. يمكن للأبطال الأوكرانيين الذين يواجهون الاجتياح الروسي، أن يكونوا متأكّدين بأننا قدمنا الحماية لأمهاتهم وأخواتهم وأبنائهم، وبأنهم في أمان هناك في بولندا. نحن البولنديين علينا دينٌ من الامتنان، نتذكر بأننا خلال سنوات طويلة غادرنا بلدنا، ووجدنا المأوى في فرنسا وسويسرا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، ونحن اليوم نردّ فقط هذا الدين للأشخاص الذين هم في حاجة، وهذا أمر واجب علينا.

سُجلت مجموعة من الشكاوي المرتبطة بتعرض مهاجرين غير “أوروبيين” لحوادث عنصرية على الحدود البولندية، ما الإجراءات التي اتخذها بلدكم في مواجهة هذا الوضع؟

أولاً، أود الإشارة إلى أن الشهادات محصورة في حالات قليلة والتي أتأسف بشأنها، لكن يجب إدراك بأن الظروف المأساوية بأوكرانيا، تسببت في نزوح 4 ملايين لاجئ، وكان الإجلاء أولوياً للنساء والأطفال، وبالتالي، أظن بل متأكّد بأنها لم تكن حوادث متعلقة بالعنصرية بل فقط بوجود ضرورة اختيار الحالات ذات الأولوية في عملية الإجلاء. ومن حسن الحظ أنه في الأيام الموالية تم تجاوز هذه المشاكل. في هذا الصدد، أرغب في التعبير عن امتناني الكبير لسعادة السفير المغربي ببولندا، عبد الرحيم عثمون، على تواصله الجيد ورسائله والشهادات التي نقلها عن الوضع بالحدود.

قرّر مجموعة من الطلبة المغاربة بأوكرانيا الاستقرار ببولندا، هل هناك تنسيق مع سفارة المغرب بوارسو لتدبير هذه الحالات؟

العدوان الروسي على أوكرانيا حمل الكثير من الآلام، وكان الطلبة الذين يدرسون بأوكرانيا ضحيّةً له كذلك. وهو أمر ينبغي تدبيره. بولندا مفتوحة أمام الجميع تماماً شأنها شأن باقي الدول، لكن يجب الإشارة إلى أن اللغة البولندية مختلفة عن الأوكرانية، كما أن الموسم الجامعي في نهايته، غير أنّ وزارة التعليم البولندية منفتحة ستقدّم مقترحات للطلبة المغاربة والقادمين من باقي الدول على الدراسة ببولندا.

بعيداً عن الأزمة الأوكرانية الروسية، ما تقييمك لواقع العلاقات المغربية البولونية، خصوصاً على مستوى الشراكة الاقتصادية؟

العلاقات المغربية البولندية جيدّة على جميع الأصعدة، ولكن هناك إمكانية تطويرها والارتقاء بها إلى مستويات أعلى، أشير إلى أن المغرب بلد استراتيجي بالنسبة لبولندا في إفريقيا، وعلى مستوى الأرقام، ارتفعت التبادلات التجارية بين البلدين بنسبة 50 بالمئة خلال السنة الماضية، والمغرب هو الشريك الأول في إفريقيا. تمكننا السنة الماضية من تجاوز 1 مليار أورو كرقم معاملات المبادلات التجارية، وفي نفس الوقت مليار دولار ونصف لصالح المغرب، وأهنئ المغاربة على هذا، لكن سنعمل على إحداث توازن بين هذين الرقمين. المغرب شريك استراتيجي مهم للاتحاد الأوروبي، وشريك مقّرب لحلف “الناتو”، وهذه سمات يتشاركها البلدان وتميّزهما، ويبقى هدفي تقريب المغرب من بولندا والعكس، والمساعدة على اكتشاف والتعرف بشكل أكبر على بعضهما البعض.

يُبدي المستثمرون والقطاع الخاص البولندي اهتماما كبيراً بالاستثمار في المغرب، كيف تعملون على تقوية الاستثمارات بين البلدين؟

صحيح، البولنديون يكتشفون المغرب أكثر فأكثر، والمغرب كذلك مهتم بالمستثمرين البولنديين، نسمع اليوم عن زيارات مرتقبة لرجال أعمال بولنديين. كما أن هناك مستثمرين حاضرين هنا بالمغرب عبر مشاريع ومقاولات مهمة، وأشير هنا إلى أنّ كل علبة “Canette” مستعملة بالمغرب بها لمسة بولندية، صنعت بمصنع بولندي بالدار البيضاء.. نفكر في توسيع مجالات وحجم الاستثمارات، بفاس وبالدار البيضاء مع المسؤولين الجهويين حيث نعدّ لزيارات بعد رمضان وأقدّر في نفس السياق، مجهودات السفير المغربي عبد الرحيم عثمون لجذب المستثمرين البولنديين، الذي قرر بعضهم الاستثمار بالصحراء وآخرهم شركة “LUG”.

لبولندا شأنها شأن المغرب تاريخ طويل وثقافة راسخة، كيف تشتغل سفارة بولندا بالمغرب على تعزيز التبادل الثقافي بين المملكة وبولندا؟

الثقافة قنطرة تربط البلدين، وجد مهتم هدفي بالثقافة البولندية إلى المغاربة وتعزيز الثقافة المغربية ببولندا. رغم فترة الجائحة التي حالت دون تنظيم تظاهرات كبيرة، استقبلنا عازف البيانو البولندي الكبير “آيدينوفيتش” بمسرح محمد الخامس بالرباط، وقريباً نعدّ لزيارة جديدة لعازفي بيانو وفرقة جاز، ونفكر كذلك في استقبال كتاب بولنديين وعرض أفلام بولندية حيث أنّي أحلم بتنظيم يوم للفيلم البولندي بمهرجان مراكش أو طنجة ..

سؤال أخير شخصي، كيف تجد تجربة العمل بالمغرب؟

جد سعيد بالتواجد بالمغرب سفيراً لبولندا، في المغرب عشت لأربع سنوات بمدينة طنجة عندما كنت طفلاً، وفي هذا البلد أجد شيئاً منّي. بعد 50 سنة، أرى كل هذا التقدم الذي أحرزه المغرب بدهشة وفخر، وأتمنى أن أبقى شاهداً عليه خلال السنوات المقبلة.

متابعة