تاوريرت بريس :

 احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في تطوان يومي 30-31 مارس المنصرم، ندوة دولية في موضوع «المغرب الرّاهن بعيون عربية وأجنبية» بشراكة مع بعض مختبر البحث الجامعي. وقال عميد الكلية مصطفى الغاشي، إن موضوع الندوة بالغ الأهمية، فهو يتمحور حول المغرب الراهن وينفتح على تخصصات ومعارف متداخلة؛ إذ هناك قضايا وإشكالات متنوعة تفرض نفسها في هذا الإطار، وتفرض الحاجة إلى مقاربتها من منظورات مغايرة وجديدة تكشف تمثلات صورة المغرب كبلد جذاب ظلّ يستهوي مرتاديه بحضارته وتقاليده العريقة وأنماط عيشه وتفكيره.
وقال نزار التجديتي الأستاذ الباحث في الكلية نفسها، ومدير مختبر البحث في المغارب والمتوسط» الذي رعى الندوة في إطار مشروع ابن خلدون الذي أطلقه المركز الوطني للبحث العلمي والتقني – الرباط بتعاون مع وزارة التعليم العالي، إن هذا المشروع متكامل يتضمن إصدار كتب أكاديمية في الموضوع المذكور، وما الندوة الأولى إلا جزء من مشروع واسع وجماعي ومتعدد التخصصات، تساهم فيه مراكز بحث علمية مغربية وأجنبية. واعتبر أن توقيت الندوة جاء في سياقه، لأن المغرب يحقق تطورات مهمة في المجالات كافة، بل أصبح وجهة أساسية ومركز ثقل أساسي في وقتنا الراهن.
وفي محاضرته الافتتاحية، ألقى الكاتب والروائي المغربي عبد القادر الشاوي ورقة تحت عنوان: «المغرب؛ مكان في العالم» حيث أشار إلى أنه من اليسير تناول موضوع المغرب كتاريخ وجغرافيا ومجالات مختلفة، لكن يصير الأمر معقدا من زاوية المفاهيم المتصلة بالمغرب؛ مثل مفهوم السفر في علاقته بالهوية، والوعي والثقافة، وبينهما مفهوم السفر في الزمان والمكان، إذ يتعدى هذا الأمر شكل النظرة إلى ما يرتبط بالخطاب والمجاز والتأويل وما يحتمله من إسقاطات وأحكام قيمة وشهادات: «عندما نتكلم عن المغرب، فإننا نتحدث عن الوعي بالمكان والقدرة على تأويله». واقترح المحاضر التمييز بين علامتين أساسيتين: علامة السفر إلى المكان، حيث يتم تحديد القصد والهدف من الانتقال إلى مستقرّ الرؤية الذي يستحق الاكتشاف والمعرفة (مشاهد، آثار، فنون..) وعلامة الإقامة التي للمواطن أو للأجنبي نفسه، وهي لا تتحدد بالوجود فوق الأرض، بل كذلك بمجموع العناصر التي تجعل من هذا الوجود إدراكا شاملا يتم على ضوئه تحديد الانتماء إلى مدينة أو قرية أو حي أو قبيلة أو عرق. فالسفر هو الوجود المؤقت العبر، وهو الوعي بالإقامة بما هو وعي بالذات ومجال للاصطدام بالآخر.
وأحال على كتاب «المغرب؛ مكان في العالم» الذي يضم ستين نصّاً لمواطنين من تشيلي زاروا المغرب، بل أماكن معروفة فيه (جامع الفنا مثلا) وقد سبقتهم إليه تمثيلات ثقافية وإثنوغرافية تشبعوا بها من الأدبيات الكولونيالية الإسبانية، إلا أنهم حملوا معهم بعد الزيارة ذكريات وصورا مختلفة. وقد التأمت ضمن الندوة خمس جلسات نشطها أكاديميون وباحثون مغاربة وعرب وأجانب، ينتمون إلى جامعات ومراكز علمية مختلفة. وتوزعت هذه الجلسات تبعا لكل محور على حدة:
*المغرب كما يراه الأفارقة والأيبيريون والأمريكيون واليابانيون (من الريف إلى جبالة: رحلة إلى حلم المغرب وكابوسه للكاتب الإسباني لورنثو سيليا، جماليات الشمال المغربي في المخيلة الأندلسية، تمثلات طنجة في الفوتوغرافيا الإسبانية الراهنة، صور المغرب الراهن وتشكلاته النمطية في رواية «زنجي في طنجة» للكاتب السنغالي الحاجي مالك ندياي، مدينة طنجة بعيون المصورين التشكيليين المعاصرين: المدرسة الفنية الإسبانية المعاصرة نموذجا..).
*المغرب منظورا إليه من المشرق العربي (صورة المغرب في الرحلة المصرية الراهنة بين نقد الذات والانبهار بالآخر، الافتتان بالمغرب الراهن ومضمراته في الرحلة المصرية، تمثيلات المرجعي وشكل الخطاب: صورة المغرب الثقافي بعيون شعراء عرب، المغرب بعيون سعودية، وكويتية، وتونسية، وفلسطينية، وشامية..).
*المغرب بعيون أوروبية (تفاصيل الغواية في رحلة «فاس: الطواف سبعاً» لمؤلفها الألماني شتيفان فايندر، الطواف سبعاً: فاس والآخر والغرب الإسلامي..).
*المغرب بعيون أممية وأمريكية (صورة التنمية البشرية في المغرب الراهن من خلال الأمم المتحدة، شمال الصحراء الافريقية في الكتابات الرحلية الأمريكية، صورة المرأة المغربية في الدراسات الأمريكية الراهنة من خلال الحركة النسوية..).
وناقشت مداخلات الندوة الموضوع كمجال للتفكير والمساءلة والتنقيب، من منظورات متنوعة ومتقاطعة: أدبية، وفنية، وبلاغية، وسياسية، وفلسفية، وحقوقية، وتاريخية، وتنموية لها صلة بموضوع التنمية البشرية في تقارير المنظمات الأممية. كما أن المتون التي سعت لاستخلاص صورة المغربي تعددت بين أدب الرحلة، واليوميات، والبورتريه، والرواية، والشهادة، والاستطلاع الصحافي، والتقرير، والفن التشكيلي، والفوتوغرافيا، والخطاب النسوي.