تاوريرت بريس :

 تضطلع مشاريع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، كمورد بديل، بدور كبير في الحفاظ على الموارد المائية، وتثمين الموارد غير التقليدية لهذه المادة الحيوية عبر استخدامها في السقي، في وقت يُسجَّل فيه تزايد الطلب على الزراعات المسقية، وكذا انخفاض ملحوظ في وفرة المياه.

وتعد محطة معالجة المياه العادمة لمدينة وجدة، التي تم تدشين شطرها الأول سنة 2010، من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تجربة رائدة في هذا المجال، خاصة من خلال المساهمة في ري المساحات الخضراء.

الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بوجدة، أنجزت هذه المحطة، التي تطلبت غلافا ماليا إجماليا قدره 213 مليون درهم، على شطرين، من أجل مواكبة التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه المدينة، وكذا في إطار التدبير المندمج للموارد المائية والحفاظ على البيئة.

وتتميز هذه المحطة، التي تعتمد على تقنية الأحواض المهواة، بسلسلة متكاملة للمعالجة، تتضمن جميع المراحل التقنية؛ مما يتيح إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي أزيد من 1500 هكتارا من الأراضي الفلاحية.

واعتبر رئيس قسم الهندسة والاستثمار بالوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بوجدة، حسيني رضوان، هذه المحطة الرائدة على الصعيد الجهوي، ومن أكبر المحطات في شمال إفريقيا من حيث استخدام تقنية الأحواض المهواة، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أنها تشغل مساحة مهمة تمتد على 60 هكتارا.

وأكد السيد حسيني، في تصريح لمنابر اعلامية، أن هذه المحطة، وبعد إنجاز الشطر الثاني منها نهاية سنة 2017، تمكن من تلبية حاجيات ساكنة مدينة وجدة، من حيث معالجة المياه العادمة، إلى حدود سنة 2035؛ عبر معالجة نحو 65 ألف متر مكعب من المياه العادمة يوميا.

وقال إن هذه المحطة، تتسم أيضا، بتكلفة أقل، وباستهلاك منخفض للطاقة، بالنظر إلى أن جزءا من المعالجة، يتم بشكل طبيعي، مقارنة مع التقنيات الأخرى التي تتطلب منشآت إلكترو- ميكانيكية، واستهلاك كبير للطاقة، مضيفا أنها تتميز كذلك بمردودية عالية في معالجة تلوث المياه العادمة تصل إلى نسبة 88 في المائة.

وأبرز السيد حسيني المراحل التقنية التي تمر عبرها عمليات المعالجة، بدءا بالمعالجة القبلية؛ حيث تتم إزالة المواد الصلبة والعالقة، ثم المعالجة الأولية التي تتم عبر الأحواض غير المهواة (10 أحواض)، فالمعالجة الثانوية التي تتم عبر تقنية التهوية بواسطة أجهزة ضخ الهواء (الأوكسجين) لتسريع عملية إزالة التلوث في المياه العادمة (24 حوضا، و152 جهازا لضخ الهواء).

وأضاف هذا المسؤول في الوكالة، أن المرحلة الأخيرة، تتعلق بالمعالجة الثلاثية التي تتم عبر 21 حوضا، قبل أن يتم تصريف المياه العادمة في وادي بونعيم، في احترام تام للمعايير الوطنية في هذا المجال.

هذه المياه العادمة المعالجة، يستعمل جزء منها حاليا في سقي المنتزه الإيكولوجي في شمال مدينة وجدة، الذي يغطي 25 هكتارا من المساحات الخضراء المخصصة للأنشطة الرياضية والاسترخاء والتنزه العائلي.

هذا المنتزه الإيكولوجي، يعتبر أول إنجاز من هذا النوع على مستوى جهة الشرق الذي يقوم باستغلال الموارد غير التقليدية؛ حيث أن قربه من محطة معالجة المياه العادمة، يمكنه من الاستفادة من المياه المعالجة في السقي.

ويعتمد هذا المنتزه نظام الري بالتنقيط؛ إذ تم وضع قناة على طول 4.5 كلم وقطر 225 ملم لتزويده بالمياه المعالجة انطلاقا من محطة المعالجة وحوض لتجميع المياه داخل الحديقة. كما تم تعزيز هذه الآلية عن طريق نظام للتصفية والتعقيم باستعمال الأشعة فوق البنفسجية.

وفي هذا السياق، أشار السيد حسيني، إلى أن هناك مشروعا ستنطلق دراسته هذه السنة، من أجل إعادة استعمال المياه العادمة لمدينة وجدة في سقي المساحات الخضراء، مبرزا أن هذه العملية، تتطلب إنجاز معالجة تكميلية، وكذلك قنوات نقل هذه المياه المعالجة إلى مختلف المناطق الخضراء بالمدينة.

وتتطلع المحطة إلى تعميم هذه العملية لتشمل ري الأراضي الفلاحية المجاورة؛ مما يساهم بشكل كبير، في تنمية الميدان الفلاحي بجهة الشرق، ومن خلالها تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لساكنة هذه المناطق.

ومن المؤكد أن هذه المبادرة، ستعمل على انتشار سياسة المحافظة على الموارد المائية؛ عبر تعميم عملية إعادة استعمال المياه المعالجة في المستقبل في كامل منطقة الشرق التي تشكو من شح الموارد المائية، وندرة التساقطات المطرية.