بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

 

فضيحة فساد أخرى من العيار الثقيل تنفجر في غرب مدينة تاوريرت ،ويتورط فيها بعض المسئولين في وزارة العدل  قد يتم او تم إعفاؤهما. وعفا الله عما سلف ويتعلق الأمر بعملية  اختلاس لملايير السنتيمات من ميزانية مشروع بناء المحكمة الابتدائية الجديدة غرب المدينة

      ذلك ما سيعطل إتمام المشروع الذي كان من المفروض أن يبدأ العمل فيه قبل ثلاثة أشهر الماضية، ليخرج موظفو المحكمة الابتدائية من الاكتضاض والاختناق  ولكن شاء قدرهم وقدر  المدينة أن يبقى وضع هذه المحكمة الجديدة كما هو وضع  المحطة الطرقية وغيرهما من المشاريع  المتوقفة إلى حين معاودة تدشينها أو إيجاد دعم إضافي من اجل إنقاذه ،عندما تكون الدراسة المعتمدة خاطئة وهي لا تتحمل مسئولية أخطائها ولا محاسبة تربطها بمسئوليتها

        ولما يطال الفساد ممتلكات ومشاريع وزارة العدل والحريات التي تواجه المفسدين فيها بالعفو والإعفاء يبقى الأمر من العجائب السبع فلا مجال إذن من القول بمحاربة الفساد الذي ينهش جسم الإصلاح في كل القطاعات الحية  

        فمن يمنع غير هؤلاء وأمثالهم من المتورطين  في اكبر عمليات فساد من هذا النوع فما كان على المشرع المغربي إلا أن يبحث عن صيغة جديدة تزكي الفساد بأنواعه وعن شبهة يدفع بها الأحكام التي قد تصدر في شانه  كطبيعة وكعادة يجب التعامل معها في إطار العرف السائد ” عفا الله عما سلف ” وكنص قانوني يوفر ظروف التخفيف أو البراءة لكل نصاب ونهاب ومسرف كلا حسب ثقل جريمته وقيمة سريقته. ثم تشدد في نفس الوقت العقوبة على المواطن الذي يفكر في السرقة لمجرد التفكير، على غرار النص التشريعي او القانوني الذي يجرم مفسر الأحلام ،الذي سيعرض للمصادقة عليه من طرف البرلمان المغربي وفقا للمثل الذي يرمي بالشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ،أولئك الذين قتلوا الحسن والحسين ،ويتساءلون عن حكم من قتل ذبابة في الحرمين

       منتهى الغرابة ونهاية العجب أمر هذه الدولة ،والأعجب فيها هذه الموحيات الفكرية التي تتهادى إلى الباب مسيريها المتعودين على النقل لا العقل في التسييس والتشريع والتدبير والتبذير واستيراد المدونات، حتى وان لم يكن العمل بما ينقلونه لا يتماشى مع الواقع والمحيط الذي يعيشون فيه

        فليتأمل كل ذي عقل سليم  كيف تتم سرقة أموال الشعب من خزينة الدولة وسبل الاحتيال عليها، ما يجعله لا يحار بعد اليوم  في سبب مضاعفة  تكلفة المشروع الذي نهبت منه كل هذه  المليارات من السنتمات ، وما خفي كان أعظم حقيقة قد نقف كما يقف أي مواطن موقف حيرة وذهول أمام حجم الميزانيات المبالغ فيها، المخصصة  لبعض المشاريع التي قد لا تكلف ولو الربع من تكلفتها المدروسة

       قد تبدأ السرقة من الأعلى وتنتهي الى الأسفل ،ولا أظنها غير ذلك كما يظهر مشروع النفق الأرضي تحت خط السكة الحديدية ذو تكلفة 4,5 مليون سنتم ،الذي يراه عامة المواطنين  مبلغا  مضخما شيئا ما ومبالغ فيه الى حد ما ، ناهيك عن جل الصفقات التي تم انجازها في هذه المدينة بالملايير السنتيمات ،كما سبق الإشارة إليها في تقرير مكتب الحسابات الذي  نشرناه على هذا الموقع منذ شهور قليلة ،وقد كانت مهازل وليس فضائح وحسب

      اختلاسات وتلاعبات في الصفقات قد تبدو من مكاتب الدراسات وتنتهي عند المقاولات بمباركة حملة المشاريع والمنجزات .اجل رغم حجم الفضيحة  فان وزارة العدل والحريات  قد تفاعلت معها وقضت بإعفاء  مدير التجهيز وتدبير ممتلكاتها ،الذي ربما يكون من التماسيح المتورطين في هذا المستنقع الآسن، وعفا الله  عما سلف ،ولكن يبقى السؤال المطروح في حال عرض هذا الملف على المحكمة الضحية  كيف سيتعامل القضاة المستقلين معها ومثلها  وهذه الجرائم المشمولة بالعفو عما سلف مهما كان حجمها ونوعها ووزن المتورطين فيها من  التماسيح والعفاريت التي ورد في شانها هذا البند الجديد الذي ينبغي أن تتضمنه إحدى المدونات القانونية ،ليعتمده القضاة والمحامون على حد سواء ،ويستفيد منه المصلحون المفسدون وعفا الله عما سلف