تاوريرت بر يس/مراسلة :

 ينظم كلية الشريعة بتنسيق مع فريق البحث المقارنات التشريعية التابع لمختبر تاريخ الأفكار في العلوم الاسلامية يومي 29 و 30 نونبر 2018 ندوة علمية في موضوع مدونة الحقوق العينية : الاستمداد الفقهي وتوجهات العمل القضائي ، وهي ندوة علمية نظمت بشراكة مع المحكمة الابتدائية باكادير و هيئة المحامين لدى محكمتي الاستئناف باكادير والعيون، تهدى أعمالها تكريما لأستاذين بالكلية هما الدكتور احمد اد الفقيه و الدكتور ابراهيم قضا،في تقليد دأبت عليه كلية الشريعة بأيت ملول في الاحتفاء بأطرها. وهي الكلية الأعرق بجنوب المملكة سواء زمن انتمائها لجامعة القرويين أو حتى بعد الحاقها بجامعة ابن زهر. ويعد المحتفى بهما من رعيل المؤسسين لرسالتها العلمية التي تميزت بها عن جميع المؤسسات الجامعية المشابهة؛ فهي المؤسسة التي انبرت لربط الصلة بين الشريعة- الذي هو اختصاصها المحض- وبين العلوم القانونية في دراسات مقارنة، تظهر حيوية الفقه الاسلامي ببسط قاعدته الاقتراحية، سواء في مخرجاتها التكوينية أو على مستوى البحوث الاكاديمية التي تعرض بين يدي التشريع و التقنين المغربيين إمدادا واستمدادا.
وهي الرسالة التي ترجمتها الندوة العلمية شاهدة على ذلك الانفتاح الذي لهذه المؤسسة على محيطها في أسمى صوره، إذ حظيت بحضور وازن للسادة المسؤولين القضائيين بمحكمة الاستئناف باكادير وبالمحكمتين الابتدائيتين باكادير و انزكان، ويثري أشغالها قامات علمية مشهود لها بالتمكن والخبرة وطول الممارسة سواء من الاكاديميين أو خبراء المهنيين؛ من أمثال الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين سابقا و عضو المجلس العلمي الأعلى و ذ ابراهيم بحماني رئيس غرفة الاحوال الشخصية والميراث بمحكمة النقض، و الفقيه القانوني الكبير الدكتور محمد الكشبور. مع ثلة وازنة الباحثين الجامعيين و نخبة من الممارسين بالسلك القضائي وبالمهن القضائية و كذا من أطر المؤسسات ذات الصلة بقضايا العقار، إدارة الضرائب و أملاك الدولة.
ولقد اقتضت دقة موضوع الحقوق العينية ذلك السبك بين البحوث الأكاديمية والخبرات الميدانية وبين علماء الشريعة وفقهاء القانون لطبيعة الاشكالات التي أثارها صدور قانون 39-08 بمثابة مدونة الحقوق العينية، إذ إن ذلك الوصل المأمول بالفقه الإسلامي بعد فصام نكد هو أحد مقاصد مدونة الحقوق العينية من غير شك، إذ تواترت الشكوى من تضارب الأحكام الفقهية و عسر تمييز الراجح والمشهور وما جرى به العمل، عدا الصعوبة الأصلية في الرجوع إلى مظان هذا الفقه المتفرقة فيه، خصوصا بعدما اضطر المشرع بسبب ضم العقار غير المحفظ إلى فرعه أن يقنن وينظم أحكاما جديدة كإحياء الموات أو إعادة النظر في بعضها كأحكام الكنز بما يوافق أحكام الفقه أو تضييق واسع كمدد الانتفاع بالملك الناقص وغيرها . وهو وصل بوعي خاص؛ إذ لا يسعى إلى إظهار تقارب الفقه المالكي والفقه القانوني. بل إلى إبراز الفروق النافعة بما يكون جسرا يصل المنابع بالمصب إمداد و استمدادا؛ فتجوّد العمل التشريعي بما تبسط بين يديه من قاعدة اقتراحية تطور العمل القضائي فيستكمل النقص إذ هو المختبر الحقيقي للعمل التشريعي نجاعة وجودة.
وتجدر الإشارة إلى أن أعمال الندوة قد أغنيت بتكوينات موازية لأشغالها، خصصت لدورات تكوينية لطلاب اسلاك الدكتوراه و الماستر بكليات الشريعة والحقوق والآداب بجامعة ابن زهر ، في موضوعات صناعة البحوث الفقهية والقانونية و في حسن الاطلاع والتعامل مع الاجتهاد القضائي بتأطير عال من الأساتذة الدكتور الروكي والدكتور الكشبور ،ذ البحماني. وتختتم الندوة بتوصيات مشتركة تنشر كاملة مع المداخلات التي تشهدها أشغالها.