بقلم : الخضير قدوري

 الرجل الذي عينه صاحب الجلالة عاملا رقم 6 على اقليم تاوريرت ومن هم سكان هذا الاقليم ومكوناته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الذين سيتولى أمورهم ويتدبر شؤونهم ،ذلك ما يراد معرفته من خلال الزيارات التي يقوم بها السيد العامل على غرار سابقيه الى الجماعات الترابية الاقليمية

 ،واللقاءات التواصلية مع المنتخبين في إطار المفهوم الجديد للسلطة ،والمعنى الحقيقي لسياسة القرب المناهضة للبيروقراطية المتعفنة ، وتجسيدا لروح الديمقراطية الرامية الى مباشرة الأوضاع الميدانية أسوة بقائد الأمة وعملا بتعليماته السامية
بكلمات مقتضبة توجه السيد العامل الى منتخبي الجماعات المحلية لدائرة دبدو ،معبرا بواسطتها على مضمون رسالته كرد على مداخلة السيد رئيس بلدية هذه المدينة ،ويعني من خلاله رؤساء كل الجماعات بقوله “

 

 .. اني لا أحبذ ان استقبلكم في مكتبي وإنما أريد أن تستقبلونني في جماعاتكم لاستمع لأقوالكم واشهد على أفعالكم وكقوله أيضا ” .ما جئت احمل إليكم أكياسا مليئة بالأموال “بالطبع فهو لا يملك خزائن الأرض ،وقد تكون أكياسا فارغة سيملؤها بالملفات الثقيلة التي تنقض ظهر الجماعات الإقليمية ،ولا يملك عصا موسى او خاتم سليمان لحل كل ما تحتويه من المشاكل العالقة ،وليس عنده قدرة سحرية للتغلب على كل ما تتضمنه من الصعوبات الشائكة ، كل ما يملك في هذه اللحظة سوى وعدا بالعمل على تذليل بعضها محليا ،ومعالجة بعضها جهويا ،ودراسة ما استعصى منها مركزيا. كل ذلك في إطار ما تسمح به الإمكانيات المتوفرة على مستوى كل الأصعدة ،وقد لا يتأتى له ذلك كشرط أساسي إلا بتعاون وتضافر جهود كل الطاقات والفعاليات الإقليمية .كلام معقول واضح المعنى مفهوم القصد
ومن خلال قراءتي المتواضعة لمسالك خريطة طريق السيد العامل وترجمتي لفحوى كلماته المقتضبة ومضمون رسالته المختصرة ، اكون قد فهمت ان ما يريده بسياسته من سكان الاقليم عامة ،والمنتخبين الجماعيين خاصة ،هو تحديد القياسات التي تناسب المقاسات ،والمتطلبات التي تتوافق مع الإمكانيات ، لكن هذه القياسات والمتطلبات قلما ستنسجم مع المقاسات والإمكانيات المتاحة حسب ما يكون السيد العامل قد استنتجه من خلال مداخلات بعض المنتخبين والمنتخبات، المحسوبين على السياسة كأشباه سياسيين ممن ولوا على من كانوا مثلهم طوعا او كرها

 

 ،او جاؤوا بمحض الصدفة لملء الفراغات في غياب او تغييب للرجال والنساء من نخبة المثقفين ،او من ثلة المبدعين ،او من زمرة المفكرين الذين كان من المفروض ان يعتمد عليهم صاحب القرار من اجل إقلاع ناجح في الاتجاه الصحيح ،وسعي وراء تدبير شؤون هذا الاقليم وفق المناخ العام وحسب الظروف المتاحة .وما يجعل من تغييب هذه الطاقات حالا يتنافى مع مطالب السيد العامل ولا يتناغم مع رغبته في التعاون وتضافر الجهود من اجل الدفع بركب التنمية الى الأمام ،وما أراه من الأسباب المعيقة التي توقف العربة أمام الحصان ،وتشل حركة الأجسام وتعطل التقدم الى الأمام ،واذا كان السيد العامل سيحرص على الوصول الى هذه الحقيقة فيدرك ان الأمور في كثير من الأحايين قد تسند لغير أهلها في كثير من الأماكن ،اجل لقد جاء اليهم ليسمع ما يقولون ويشهد ما يفعلون ،وهاهو قد سمع وشهد حقا، فماذا سمع و شهد وهل وجد في ذلك ما يريد حقا، ؟ وما لا يتعارض مع إستراتيجيته ؟ واذا ما تم له الوصول الى هذه الحقيقة ربما قد يختصر الطريق ويوفر بعضا من الجهد والوقت لتحقيق شيئ ما قد يحفظ له بعض الذكر على صفحات تاريخ هذا الإقليم ، او سيكون مروره به مرور كرام او عابر سبيل أدركه المبيت بأرض قبل الصبح سيغادر الى أخرى في صمت وأهلها نائمون
اتمنى مخلصا ان يكون من المؤمنين بمن نسميهم مثقفين حقيقيين باعتبارهم ضمائر المجتمعات بما يقدمونه من أراء ناجحة وأفكار صائبة وكذا من نسميهم كتابا وصحافيين ملتزمين باعتبارهم اذان السلطة التي تسمعها دبيب النمل تحت الأرض، وعيونها التي تكشف لها عن فاسد وراء كل لبنة ،وهم المصابح التي تسلط أضواءها على كل بؤرة مظلمة تنير سبيل الرشد لمن يريد المضي في الاتجاه الصحيح ،فأولئك من ينبغي الاعتماد عليهم حقا للنهوض بثقل الوطن وأعباء المواطن ،ولكن قد لم يكن بالامر الهين استبطان المجتمعات للتنقيب على هذه الفعاليات، وليس من السهل استقطاب هذه الطاقات اذا لم يتوفر المسئول على بطانة صالحة تدله على مواقعهم وتعينه على احتوائهم . ذلك لمن اراد ان يستقيم وتستقيم الأمور على النهج السليم ، فلابد له ان يشمر ويتزر ويرتدي جلد النمر، فلا ديمقراطية مع الجهل ولا حرية مع الفقر ولابد من إسناد الأمور لأهلها لتحاشي انتظار الساعة