رامي مهداوي:

رامي مهداوي

 

الأحداث المختلفة بكافة أشكالها التي شاهدتها خلال الأسبوع الماضي، يجب قراءتها بعمق أكثر من الحدث ذاته عند حدوثه، دون الاكتفاء بكوننا_ المجتمع_ مجرد ظاهرة صوتية تعبر عن حالة الإحباط والاستسلام للواقع المر المعاش بشكل يومي؛ بسبب غياب الرغبة والإرادة من أجل تنفيذ التغيير الذي نطمح لتحقيقه، على الرغم من اختلافنا نظرياً وتطبيقياً بمفهوم التغيير المراد تحقيقه في ظل التغيرات الإقليمية والدولية والمجتمعية التي أصبحنا لا نشاهدها بسبب تراكم أزماتنا وأخطائنا المتتالية.
تلك المشاهدات جعلتني أضع فرضيات مختلفة قد لا تعجب البعض إذا ما أسقطها على ذاته، إننا نتعامل مع الأحداث بشكل مجزأ دون وجود رؤية شمولية لما نحن نريده، مما يجعلنا نعيش حالة من التشتت لا نحسد عليها، والمبكي بأننا لا نتعلم من أخطائنا ولا نستطيع تحويل مكامن ضعفنا الى نقاط قوة، وأيضاً نتشبث بقصص نجاح لا تذكر يتم تحويلها الى انتصارات كونية لنطبل ونزمر لها متناسين الجرح الحقيقي!!
والأخطر من ذلك تفوه البعض بعبارة « هناك مؤامرة»، مما يعشعش في أذهان أصحاب المصالح أن كل من حولهم عبارة عن متآمرين ضدهم، فيتم تحويلهم الى مصفقين دون استخدام العقل لمعرفة حقيقة ما يحدث حولهم وأخذ موقف من إنتاج العقل!!
وحتى أكون صادقا مع ذاتي أولاً ومعك عزيزي القارئ ثانياً، يجب أن أعترف بأن تلك المشاهدات جعلتني أشعر بأن الكثير من أبناء شعبي يعيش حالة الوهم، أو أصبحنا كمجتمع نتخيل الوهم كحالة من الخلاص الذي نطمح له، وهم المصالحة!! وهم الإنتخابات _الرئاسية، التشريعية، المحلية؟!! وهم السلام!! وهم الوحدة العربية التي ستحرر فلسطين؛ دون أن نشاهد الأجندات السياسية «المصالح» لتلك الدول وأنها أصبحت صديقة مع عدونا أكثر منّا. وهم الدولة في ظل الإحتلال. تلك الأوهام يجب أن نضعها أمام أعين الجميع، وعلى الجميع أن يبدد تلك الأوهام والخيالات من عقله ويستخدمه لما له مصلحة وطنية فلسطينية أولاً وأخيراً.
لم يجب أحد عن أسباب تلك الأحداث/المشاهدات التي وقعت وستقع، من هو السبب؟ هل هذه النتائج التي كنّا نريدها؟ هل أوسلو هو السبب؟ أم أننا نتعامل مع ذاتنا بأننا دولة وعلينا دفع ضريبة ذلك على الرغم من إننا مازلنا نخضع جميعاً… نعم جميعاً دون استثناء تحت بطش الإحتلال وأدواته.
لا ينكر أحد أن القيادة الفلسطينية بمختلف مستوياتها تعيش تحت ضغوط شديدة خارجية، لكنها تناست كلياً بأن تلك الضغوطات لا قيمة لها إذا ما استندت الى صوت الشارع الفلسطيني، لتشكل أكبر حماية لها من ناحية، وليتحمل الشارع أيضاً مسؤولياته من ناحية أخرى. يوما بعد يوم تخسر القيادة _ من مختلف الألوان والمستويات_ ليس فقط شعبيتها وإنما قدرتها بالتعامل مع أبسط الأحداث.
هكذا قرأت أحداث الأسبوع الماضي، متمنياً من الجميع إزالة الوهم حتى نتمكن من التعامل مع واقعنا بمنتهى المسؤولية الوطنية في هذا الوقت الأليم، لهذا علينا أن نؤمن بأن قضيتنا لن تتعافى ما لم ندرك أن زراعة الأوهام لن تحصد سوى الخيال ليلد لنا أجيالا تقتل ذاتها بذاتها.