تاوريرت بريس :

اليونيسيف

 

أكد ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة بالمغرب (اليونيسيف)، السيدة مليكة العاطفي، اليوم الخميس بالرباط، أن المغرب حقق إنجازات مهمة في مجال تفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة.

وقالت السيدة العاطفي، خلال ندوة خصصت لإطلاق دراسة دولية حول الاستغلال الجنسي للأطفال في سياق السفر والسياحة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي أطلقتها منظمة (إكبات) الدولية (المنظمة التي تركز على القضاء على الاستغلال الجنسي للأطفال والاعتداء الجنسي عليهم والاتجار لأغراض جنسية) أن الأمر يتعلق بالإصلاحات التشريعية الرامية إلى مؤاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ووضع هياكل مخصصة لحماية الطفولة كالمساعدة الطبية الاستجالية وفضاءات الاستقبال لفائدة الأطفال ضحايا جميع أشكال العنف.

وأشارت إلى أن السياسة العمومية المندمجة في مجال حماية الطفولة، التي تم إعدادها بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، تتضمن ترسانة كاملة تشمل جميع الإجراءات الرامية إلى منع والتحذير ومحاربة جميع أشكال الإهمال والتجاوز والاستغلال والعنف تجاه الأطفال.

وبعدما سجلت أن دستور 2011 أولى أهمية خاصة لحماية الطفولة، أكدت السيدة العاطفي أن المغرب يشكل أرضية ملائمة لتفعيل هذه السياسة العمومية التي تتيح إقامة إطار جامع للفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين وتطوير المعايير والقيم السوسيو-ثقافية لحماية الطفولة.

وأوضحت أن السياسة العمومية المندمجة في مجال حماية الطفولة تتوخى تحقيق خمسة أهداف استراتيجية تتمثل في تعزيز الإطار القانوني لحماية الأطفال وفعاليته ووضع أجهزة ترابية مندمجة لحماية الطفولة، وتوحيد معايير الهياكل والممارسات، وتعزيز المعايير الاجتماعية الكفيلة بحماية الأطفال ووضع أنظمة معلوماتية موثوقة وموحدة المعايير، والتتبع والتقييم والإشراف المنتظم والفعال.

من جهتها، قالت كاثرين مبينغ، المنسقة الإقليمية لمنظمة (إكبات) بقارة إفريقيا، إن المغرب يتوفر على ممارسات جيدة في مجال حماية الطفولة، منوهة باختيار المغرب (الوجهة المفضلة للسياحة بالنسبة لملايين الأشخاص عبر العالم) الترويج لسياحة مسؤولة تحترم التوازن بين الفوائد الاقتصادية وحماية الطفولة كأولوية وطنية.

وأكدت السيدة مبينغ أن المغرب يسعى إلى تكريس هذا الخيار من خلال المصادقة على العديد من القوانين والسياسات لفائدة الطفولة، مشيرة إلى أن المغرب صادق سنة 2007 على ميثاق وطني لسياحة مسؤولة يرتكز على المدونة العالمية لأخلاقيات السياحة التي تم تعديلها من قبل منظمة السياحة العالمية.

وأوضحت أن “هذه المدونة تنص في فصلها الثاني على أن السياحة تعتبر محفزا للازدهار الشخصي والجماعي وأن استغلال البشر بجميع أشكاله، لاسيما الجنسي وبالأخص عندما يستهدف الأطفال، يمس بالأهداف العالمية للسياحة”

وتطرقت السيدة مبينغ أيضا لمصادقة المملكة في 2013 على مشروع السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة التي تتضمن تدابير وقائية من الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة ومن جميع أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال لأغراض تجارية، بما في ذلك عبر التكنولوجيات الحديثة التي “تجعل الأطفال أكثر هشاشة في مواجهة المفترسين الجنسيين”.

من جهتها، عرضت رئيسة مجموعة العمل من أجل إنجاز دراسة عالمية حول الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة، نجاة مجيد معلا، بالمناسبة، نتائج تقرير يركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فيها المغرب، في إطار هذه الدراسة.

وأبرزت، في هذا الصدد، غياب معطيات حول الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة بالمنطقة، مشيرة إلى أن أهم خلاصات التقرير تؤكد قصورا في التشريعات التي لا تحدد بوضوح هذه الجريمة، والمقاومات الثقافية واستمرار الطابوهات، فضلا عن التخوف من الإساءة لصورة البلد والتأثير سلبا على السياحة.

كما ركزت السيدة مجيد معلا على الهشاشة المتنامية للأطفال إزاء هذه الآفة، والنظم الاجتماعية المسيئة للأطفال، إلى جانب الاستعمال المتزايد للتكنولوجيات الحديثة التي تعرض الأطفال لمخاطر الاستغلال الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الجريمة تتطور ضمن عالم تميزه العولمة والربط والحركية.

وبخصوص الأجوبة المقدمة لهذه القضية في المنطقة، أشارت السيدة مجيد معلا إلى السياسات والإصلاحات التشريعية التي تم الشروع يها، وحملات التحسيس المنجزة لهذا الغرض وعمل المنظمات غير الحكومية في مجال التحسيس والإخبار والوقاية من هذه الجريمة.

وسجلت، بالمقابل، أن هذه الأجوبة تظل غير كافية لأن الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة يظل غير معروف في بلدان المنطقة، ولأن كلمة الطفل لا تؤخذ بعين الاعتبار ولأن النظم الاجتماعية المسيئة للأطفال لا تزال منتشرة في المجتمعات.

من جهة أخرى، استعرضت السيدة مجيد معلا توصيات التقرير، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق أساسا بتعزيز القدرات والتحسيس والوقاية الاستباقية والمستدامة، وحماية الأطفال على الأنترنت، ومحاربة الإفلات من العقاب وإشراك قطاعات الأسفار والسياحة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة.

وينظم هذه الندوة جمعية “مستقبل أفضل لأبنائنا”، بشراكة مع المنظمة الدولية “وضع حد لدعارة الأطفال وإباحية الأطفال والاتجار في الأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي” وفرعيها بفرنسا واللوكسمبورغ، وبدعم مالي من دوقية لوكسمبورغ الكبرى.

وتشكل الندوة فرصة للتعبئة حول حماية الطفولة عموما والانخراط في محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار السفر والسياحة بالخصوص.