بقلم : كــــ  . أ 

files

 

 

كلنا نعلم الدور الحيوي الكبير الذي تلعبه الهيئات الشرعية والذي حدد لها لتؤديه بكل جدية وإخلاص وأمانة بالمدن التي تعمل من داخلها من خلال عقد اجتماعاتها الدورية والتي تقوم فيها بدراسة أحوال المدينة والتعرف إلى طلبات وحاجيات السكان . حيث تضع من اجلها تصاميم وتتخذ عدة إجراءات وتدابير كتهيئة المشاريع والتعجيل بانجازها وصرف الضرر على المدينة وأهلها وذلك من اجل تهيئ سبل الراحة والأمن والاستقرار الذي لا يتأتى إلا  بتوفير المرافق الأساسية والبنيات التحتية كإنشاء الطرق وترصفيها وتبليطها وتنوير الشوارع وساحاتها وبناء الملاعب العمومية وغرس الأشجار وإنشاء الحدائق واختيار المواقع المناسبة والصالحة لها والى غير ذلك مما يدخل في إطار تجميل المدينة وازدهارها وتوفير أجواء الراحة  لسكانها . وقد نجحت مجموعة من الهيئات الشرعية بعدد من المدن المغربية في أداء دورها كما يجب وحققت جزءا من طموحات وتطلعات ساكنتها . في حين أن بعض المدن الأخرى لا زالت تشكو وتعاني من الأوضاع الاجتماعية المتردية والبنيات التحتية المتهرئة الشئ الذي يجعلنا كمواطنين وكغيورين نقف حائرين عاجزين عن معرفة سبب نجاح جهة وإخفاق أخرى رغم أن القانون والنظام السائر على الجميع إدارة وشعبا هو قانون ونظام واحد .

ومدينة تاوريرت هي واحدة من مدن مغربنا العزيز والتي لا زالت تعرف ترديا كبيرا على جميع الأصعدة وذلك يظهر بشكل واضح و جلي من خلال ما تعرفه من وقفات احتجاجية تكاد لا تنقطع . فهي رغم كونها عمالة إلا أنها لا تتوفر على مساحات خضراء ترقى لمستوى المواطن باستثناء حديقة العمالة التي أتلفت أعمدتها الكهربائية وكسرت كراسيها وتم إهمالها بالكامل وانتشرت بها الممارسات المميعة للمراهقين و المراهقات حتى أصبح المواطن يستحي أن يقصدها للاستجمام والراحة . هذا إضافة إلى بعض المساحات الخضراء الأخرى والصغيرة جدا والمتمركزة في مواقع وسط المدينة  تعج بالضجيج وحركة السيارات والشاحنات . نصيب كل فرد منها مقارنة مع تعداد سكان المدينة لا يصل حتى إلى 1 سنتمتر للفرد  الواحد . في حين نجد بها انتشارا واسعا لغابات الاسمنت الناجمة عن ظاهرة البناء العشوائي والترامي على أراضي الملك العام وإنشاء التجزئات السرية من طرف عصابات العقار النافذة بالإقليم و التي تخطط لعمالياتها نهارا جهارا وتنفذ في صمت بعد سدول ستار الليل وانجلائه . وقد استمرت في عملياتها المشبوهة هاته مند زمن طويل إلى يومنا هذا ولازالت سائرة فيها بدون حسيب ولا رقيب .

واليوم وبعد أن استيقظت الساكنة بشبابها وجمعياتها ومثقفيها من سباتها الطويل للمطالبة بحقوقها المشروعة والمشاركة جنبا إلى جنب في التنمية وجدت نفسها وسط مستنقع كبير من المشاكل المستفحلة والمتوغلة التي تعاني منها المدينة مواطنا وإدارة  يكاد لا يكون لها حلا

 ( انفجار شبكات الصرف الصحي، شبكات المياه ، ضعف على مستوى الصحة ……) بنية أساسية منهارة تماما .

إن حال مدينة تاوريرت اليوم بات أشبه بذلك العليل الذي يحاول الطبيب والممرضين علاجه  فما من موضع يضعون يدهم عليه إلا ويجدونه يشتكي من الألم والالتهابات .

–         أين كان المواطن التاوريرتي طوال هذه المدة الزمنية حتى استفحل الوضع وبات إصلاحه مستحيلا ؟

في الوقت الذي كان لوبي العقار يجند جيوشا ويجهزها بالفؤوس والمعاويل واليات البناء ويوسع رقعته في كل مكان من تاوريرت يوما بعد يوم  غير مبال بأحد رافعا شعار لا سلطة فوق سلطة المال .

ينفذ عملياته دون أن يسأل أو يحاسب لان الألسن كانت مقطوعة والأقلام مقصوفة والمواطن مسكين ضعيف مغلوب على أمره لا حول له ولا قوة و لا يستطيع رفع رأسه أمام قوة المال الذي بسط سيطرته بشكل تام على المدينة وسكانها وأصبح يتمتع بالطاعة والولاء . وهمش أصحاب العلم والثقافة والدين حتى أمسوا يكادوا ينعدمون فلم يعد لهم صوت يسمع و لا سطر يقرأ وتدهورت القيم وهبط الإنتاج الثقافي و الأخلاقي وارتفع شأن الأميين والثرثارين الذين لا يفقهون شيئا سلاحهم رأس المال وبعض كسرات الخبز التي يلقون بها للمواطن البسيط  قبل أن يغتصبوه في حقه . إضافة إلى الأقلام المستأجرة التي يعتمدونها في تعتيم صورة الحقيقة أمام الرأي العام وغسل أدمغة شباب المدينة بالشعارات الزائفة الجوفاء والوعود الكاذبة …

إن اليوم وقبل أي وقت مضى نحن مطالبين بإيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها المدينة ووضع حد لها . يجب على الجميع ممن يمتلكون ضمائر حية أن يتجندوا لإيجاد حلول عملية مبنية على التعاون والتآزر إدارة ومواطن ولن يكون الأمر باليسير . فللقضاء على العلة وجب شرب الدواء المر .