تاوريرت بريس :

الاشعري

 

شدد الشاعر والروائي، محمد الأشعري، يوم الخميس بالرباط، على الحاجة الملحة لجعل الإبداع “اختيارا سياسيا يبني المستقبل، ويحضر شروط مقاومة أفكار الجمود والرجعية”.
وبسط السيد الأشعري، لدى استضافته من الملتقى الثقافي لوكالة المغرب العربي للأنباء بتعاون مع جمعية الفن التشكيلي حول موضوع “إصلاح الثقافة وثقافة الإصلاح”، رؤيته للمداخل الأساسية لترجمة هذا الاختيار السياسي، وفي مقدمتها تغيير تمثل الفكرة الرائجة حول الإصلاح، واعتماد استراتيجية تزاوج بذكاء بين المقاربة الكمية والكيفية في تدبير القطاع الثقافي، وإصلاح النظام التعليمي، والنهوض بحقوق المرأة.
وانطلق الأشعري من اختيار موضوع الملتقى بحد ذاته، “إصلاح الثقافة وثقافة الإصلاح”، مؤكدا على ضرورة إعادة تمثل فكرة الإصلاح القائمة على تحقيق التقدم المادي، ومشددا على محورية “التحول الثقافي” في محاربة “التطرف” وإنجاز أي إصلاح عميق يثمن أوراش الإصلاح في مختلف المجالات.
وانتقد الأشعري التركيز على المقاربة الكمية في تدبير القطاع الثقافي، داعيا إلى اعتماد استراتيجية طويلة الأمد تزاوج بذكاء بين المقاربة الكمية والكيفية تضع شروط صناعة ثقافية حقيقية تستفيد من النجاح الذي يتحقق على مستوى تعبئة الطاقات المحبة للإبداع في عدد من المواعيد الثقافية بالمملكة.
ودعا في هذا الصدد، إلى تشجيع المقاولة الثقافية وسوق استهلاك المنتوج الثقافي وتعزيز بنيات الاستقبال الثقافي وبرامج التنشيط الثقافي والمواعيد المحتفية بالفكر والثقافة، وذلك من أجل تكوين مواطن منتج للحداثة في سلوكه اليومي وفي علاقة مع الآخر والبيئة والذاكرة والمستقبل.
وشدد الأشعري، وزير الثقافة السابق والرئيس الأسبق لاتحاد كتاب المغرب، على ضرورة إحداث “قطيعة” في النظام التعليمي الحالي، واتخاذ قرارات حاسمة بخصوص القضايا الخلافية حوله من أجل بناء مواطن مغربي مبدع ومتفاعل مع ثقافته الوطنية ومستوعب للحركات الثقافية حول العالم.
وأعرب عن رفضه القوي للدعوات إلى لفظ الأدب من المدرسة المغربية والمغالية في التركيز على المسالك العلمية والتقنية، موصيا بتشجيع تدريس مختلف اللغات سواء الوطنية أو الأجنبية وجعل الأدب مادة أساسية في كافة أسلاك التعليم.
ورهن السيد الأشعري إنجاز أي إصلاح ينتج وضعا ثقافيا جديدا في البلاد بتحرير طاقات المرأة، داعيا، في هذا السياق، إلى التسريع بتنزيل مبدأ المناصفة، وتعميم تمدرس الفتاة وضمان حقوق النساء في مختلف المجالات.
من جهة أخرى، أكد السيد الأشعري، الذي استحضر مختلف تجاربه في الفعل الثقافي والسياسي والحكومي، أن الإصلاح مسار طويل وخاضع لمبدأي التفاوض والتنازل المتبادل، داعيا إلى تجسير أكبر للعلائق بين الأفكار التقدمية والنضال السياسي واضطلاع المؤسسات السياسية بدورها الريادي في بناء المستقبل الحداثي المنشود.
ويعد هذا الملتقى، الذي يشكل مناسبة لبحث مؤهلات ونقاط القوة التي تميز الساحة الثقافية الوطنية وكذا الإكراهات والمشاكل التي تعترض تطورها، الثاني ضمن سلسلة لقاءات ذات طابع ثقافي، أطلقتها وكالة المغرب العربي للأنباء بهدف المساهمة في تنشيط الساحة الثقافية التي تشهد تطورا ملحوظا منذ بضع سنوات.
وارتأت وكالة المغرب العربي للأنباء، المؤسسة الإعلامية الوطنية التي تضطلع بمهمة المرفق العمومي، تنظيم هذه اللقاءات بشكل دوري، رغبة منها في إسماع أصوات المثقفين والفنانين للجمهور الواسع.
وتهدف الوكالة، أيضا، إلى توفير فضاء للنقاش وتبادل بناء للآراء بين الفنانين ونقاد الفن والمدعوين المهتمين بقضايا ثقافية وفنية، تعكس الانفتاح الكبير والحوار في جميع الاتجاهات الذي يشهده المغرب منذ أزيد من 15 سنة.