بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

ذلك عندما أعلنت الحكومة في بداية الشهر المنصرم على أنها ستقدم للشعب تسهيلات في أداء الضريبة الخاصة على السيارات لدى كل الوكالات البنكية ظاهريا يعكس المراد بالأمر اهتمام الحكومة بالشعب وسهرها على راحته بالعمل على تخفيف الضغط والازدحام وطول انتظاره بأبواب إدارات الضرائب ليس إلا ،وقد لقي هذا الإجراء في بدايته استحسانا من طرف كل الملزمين وكأنه عملا يخدم مصلحة المواطن ،قبلأن يفاجأ هذا الأخير بزيادة غير معلنة تتجاوز قيمتها خمسا وعشرين درهما مقابل هذه الخدمة الغير مجانية ،التي تقدمها الوكالات الموكول إليها بالمهمة
هناك من الميسورين من تقبل هذه الزيادة باعتبارها واجب تنبر أو مجرد عمولة مقابل خدمة بمثابة “جوج فرنك ” قد لا تسمن هزيلا ولا تغني جائعا ، في حين وجد فيها المعسرون نوعا من الابتزاز بالنسبة إليهم قد تمارسه الحكومة عليهم بطرق ذكية باعتبارهم أغبياء ومغفلين لا يعلمون الحساب ولا يفهمون لغة الأرقام ،ما جعل هؤلاء يعزفون عن هذه المعاملة متجنبين هذه الزيادة بالرجوع إلى الإدارة المعتادة لاستخلاص الضريبة ،متقبلين الانتظار والوقوف في الطوابير لساعات طوال لا يهم ، لكنهم لما فوجئوا بأبواب هذه الإدارات مغلقة في وجوههم ،أدركوا في حينه وفهموا أن الأمر كان متعمدا من اجل فرض هذه الزيادة بطرق ملتوية
ولو كنا سنحسبها بحساب ثلاثة ملايين سيارة فقط التي تترتب عليها هذه الضريبة ، لوجدناها تتجاوز سبعين مليون درهما أي سبعة ملايير سم ، نفس الأسلوب الذي تحسب به الاشطر على فواتير الماء والكهرباء، ونفس الأسلوب الذي يستصلح به صندوق المقاصة برفع الدعم عن كل المواد الأولية مقابل بعض السنتات بحساب القيمة الجديدة لعملتنا الوطنية ،التي يقال إنها ستصرف لبعض الأرامل والمطلقات والمتطلقات ،نفس الأسلوب الذي يستصلح به صندوق التقاعد الذي سيحدد سقف الأجور للمتقاعدين بألف وخمسمائة درهم لكن بعد اجل غير مسمى ، نفس الأسلوب الذي يعالج به مشكل الأطباء والأساتذة والمعطلين ،ونفس الإصلاح الذي سيشمل بالزيادة كثيرا من المواد الاستهلاكية الأخرى التي ستشهد زيادة في قيمتها او انتقاصا من وزنها وجودتها، نذكر على سبيل المثال لا الحصر مادة السكر والزيت ومسحوق الصابون وبعض أنواع قنينات الغاز وغيره ، ليبقى السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، لماذا تتعامل الحكومة وبعض شركات التماسيح والعفاريت بهذا الأسلوب الغامض ،مادام الشعب كحمل وديع يحتمل كل الزيادات دون تردد ويتقبل كل القرارات دون حرج ، بمقابله الم يكن جديرا بالتعامل معه بكل شفافية ووضوح ودون لف أو دوران؟ حتى لا تكشف هذه الحكومة عن سر مهنتها وتفقد هذه الشركات ثقة زبنائها في صلاحية منتجاتها ، ولئلا يصدم هذا الشعب ويندم على اليوم الذي بشر فيه بحكومة تحارب الفساد بالفساد ،وتهضم حقوق المساكين والمستضعفين في البلاد
غموض يلف سياسة هذه الحكومة منذ بداية ولايتها في تدبير الشأن العام كما يلاحظه المتتبعون من أبناء الشعب المغربي ، الذين يوحى إليهم بعدة موحيات حول حمولة هذه السنة 2016 التي ستكون حاسمة لإيجاد الأجوبة لكل سؤال ظل يراود أمهات أفكار العامة والخاصة ، وما يطالعنا به الأسلوب الجديد الذي تتعامل به الحكومة مع وقفات المكتوين والغارقين والمعطلين بأبواب الإدارات والمكاتب ،وكذا مسيرات المعالجين والمدرسين في شوارع المدن لخير دليل على أن الوضع أصبح محرجا للحكومة ،وسيلزمها بالخروج من مكاتبها المغلقة إلى الشارع لمواجهة الشعب بالحقيقة ،لكن من خلال ملامحها يبدو من البوادر الأولية في استعمال العنف بدل الحوار ضد المغلوب على أمرهم ، هو ليس بالأسلوب الحضاري الجاد الذي ينتظره الشعب من حكومة خيبت أماله وحطمت قوائمه وكسرت معاصمه ،ما كان بمثل هذه الأساليب يتم معالجة القضايا ،ولا بمثل ممارساتها تقوم الاعوجاجات فتستقيم الأمور لتتجاوب مع حاجيات المواطنين وتتناغم مع طموحات الشعب ، ولكن ما لم يكون شيء من ذلك يدل على فشل هذه الحكومة الذي تختلف في شانه تصورات رد فعل المنتظرين ذاك سؤال أخر قد تجيب عليه الأيام المقبلة بأسلوب يرونه متطابقا وسينعكس أثره سلبا على هذه الحكومة قبل نهاية ولايتها المشئومة، أو ستتحمل الحكومة التالية عبء هذه النتائج الخطيرة وتحمل ارث حكومة ملعونة بصمت بالسواد على صفحات التاريخ، وتركت سوء الذكر على السنة الشعب
لاشك أن الانفتاح على العالم قد كسر أسلوب الانغلاق على الذات ،ولا شك أن ممارسات الحرية والديمقراطية والاستغلال الأمثل للتكنولوجيا الجديدة ،جعلت الإعلام يكشف في أوطاننا عن فضائح المتقولين وطوائف المتكلمين ،ويعري ستر المجتمعين خلف الأبواب المغلقة حول الموائد المستديرة على الأكواب والفناجين والدسمات والطواجن ،ولا شك انه قد سلط الضوء على مكامن المفسدين . بذلك ربما يكون الشعب قد استوعب مفهوم ديمقراطية الواجهة في هذا الوطن الحبيب واقتنع بالأهداف والغايات الحزبية الرامية إلى حصد الحقائب الوزارية ،وتحقق من اهتمامات أحزابنا باحتلال المناصب السامية، ولعل هذا الشعب يكون قد استوعب ما يريدونه بالانتخابات والممارسة السياسية الرامية إلى تأطير الممارسين من اجل الفساد والإفساد، وكيفية الضحك على أذقان السذج ومن يحسبونهم مغفلين لا يستفيقون من غفلتهم ولو بعد حين، ترى هل دقت ساعة المنبه ليستيقظ هؤلاء النائمون من نومتهم ؟ ويستفيق هؤلاء المغفلون من غفلتهم ،ترى متى يريد هذا الشعب الحياة فيستجيب القدر
لا مجال للمقارنة بين ألأقوال والمتقولين، والديمقراطية والديمقراطيين والأحزاب والمتحزبين، والسياسة والسياسيين وحتى الثقافة والمثقفين في وطننا وأوطان الآخرين .وبين ألأفعال والفاعلين في صمت هناك ،ومن ورائهم العاملون في الظل قد تحسبهم مختلفين وقلوبهم مجتمعة، وكأنك تراهم غائبين وفي كل الميادين حاضرين ، فلا سبيل إلى مواكبة مسيرتهم بأدوات مهترئة ومتابعة ركبهم باليات معطلة ، إلا أن نقر بواقع مؤلم قد يرخي بسجفه على أوضاع السنين المقبلة، ويجر على الأجيال الآتية ويلات متنوعة