تاوريرت بريس :
أكد رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، اليوم الخميس بالرباط، أن المملكة المغربية جعلت، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من التعاون جنوب – جنوب، رافعة استراتيجية لسياستها الخارجية، وكرسته في الدستور ضمن ثوابت دبلوماسيتها.
وقال السيد ميارة، رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، في كلمة في افتتاح أشغال المؤتمر البرلماني للتعاون جنوب-جنوب، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، إن التزام المغرب بهذا التعاون “يندرج ضمن رؤية ملكية استراتيجية وشاملة، تقوم على تعزيز القدرات في ميدان التنمية البشرية، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار، ودعم التكامل الاقتصادي الجهوي والإقليمي”.
وأضاف أن هذا الالتزام يقوم أيضا على منطق رابح-رابح، وروح التضامن، مؤكدا أن التعاون جنوب-جنوب الذي تطمح إليه المملكة، “ليس مجرد شعار، بل هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات المعقدة والمتعاظمة التي تواجه بلداننا”.
وبعد أن ذكر بأن جلالة الملك لطالما أكد في خطاباته السامية الموجهة إلى مختلف المحافل الدولية أو الإقليمية، على ضرورة تنمية التعاون بين دول الجنوب لتوحيد صفوفهم على المستوى الدولي، أبرز السيد ميارة أن المملكة تمكنت بالتعاون مع الأشقاء الأفارقة، من تطوير نموذج مبتكر للتعاون جنوب-جنوب، قوامه تقاسم المعارف والكفاءات والخبرات والموارد.
وتوقف، في هذا السياق، عند المبادرة الدولية لجلالة الملك الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي تم إطلاقها بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، في إطار استمرارية الجهود التي تبذلها المملكة من أجل إفريقيا مزدهرة.
وأشار إلى أن المملكة تقترح من خلال المبادرة الملكية نمطا جديدا ومعاصرا للاندماج والتعاون بين الدول الإفريقية، يشمل مجموعة واسعة من الإشكاليات والأهداف المترابطة، إذ لا يقتصر على المجال الاقتصادي فقط، بل يشمل مجالات مختلفة مثل السياسة والأمن والتنمية الاجتماعية والتبادل الثقافي والاستدامة البيئية، مشددا على أن هذه الدينامية الجديدة لأطلسي أوسع وأكثر شمولا “ستمثل نقطة التقاء بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بحيث أن جنوب الأطلسي يمثل صلة وصل بين دول هاتين المنطقتين، ويشكل فضاء استراتيجيا للتبادلات السياسية والتقنية والتجارية بين القارتين”.
وعلى المستوى العربي، يقول السيد ميارة، إن المملكة طالما دعت إلى بذل مزيد من الجهود لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي العربي من أجل التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة من خلال تسريع وتيرة مشاريع الاندماج الاقتصادي والتجاري، والعمل على تحقيق تقارب أمثل بين المنظومات التشريعية والتقنية لبلوغ مستويات أعلى من التكامل.
وفي نفس الإطار المتعلق بتعزيز العلاقات جنوب-جنوب، أبرز رئيس مجلس المستشارين، حرص المغرب على ربط علاقات جيدة مع دول أمريكا اللاتينية، لافتا إلى المكانة التي تحظى بها المملكة لدى دول المنطقة، والتي تتجسد من خلال انخراطه كعضو ملاحظ بالعديد من التجمعات السياسية الجهوية والتكتلات الاقتصادية الإقليمية بالمنطقة كتحالف المحيط الهادي ونظام التكامل لأمريكا الوسطى(سيكا) ومجموعة دول الأنديز.
ومن هذا المنطلق، يشدد السيد ميارة، “يمكن للتعاون جنوب-جنوب أن يشكل فضاء متينا للوصل بين دول المناطق الثلاث، خصوصا، وأن ما يجمع دولنا من رصيد تاريخي وحضاري مشترك، ومن روابط ثقافية وإنسانية عريقة، يؤهلنا للارتقاء بعلاقاتنا، إلى نموذج رائد للتكامل والاندماج الجهوي جنوب-جنوب”.
وتوقف في هذا السياق، عند الدور المهم الذي يمكن أن تضطلع به الدبلوماسية البرلمانية في توطيد أسس الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدان الجنوب، منوها إلى أن البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الإقليمية والقارية في كل من إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية، تلعب دورا رياديا وحيويا “في توحيد وجهات النظر فيما يتعلق بقضايا التنمية والاندماج الاقتصادي، والسلم والأمن وتحقيق العدالة المناخية، والانتقال الطاقي، وغيرها من المواضيع”.
وخلص إلى أن المحاور التي رسمها برنامج هذا المؤتمر الذي ينظمه كل من مجلس المستشارين ومنتدى الحوار البرلماني للتعاون جنوب-جنوب، ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، ستشكل فرصة لاستكشاف الفرص التنموية المشتركة، والتعريف بالروابط الثقافية بين إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية، وأدوار الفاعلين غير الحكوميين في الانخراط الفعال في مسلسل دعم التعاون بين بلداننا، وكذا التفكير والتفاعل الجماعي حول مختلف المبادرات التي يمكن أن تسهم بها الدبلوماسية الموازية في دعم بناء نموذج شراكة تضمن لشعوب دول الجنوب الأمن والاستقرار والكرامة الإنسانية.
ويشارك في هذا الحدث البرلماني الرفيع الذي ستمتد أشغاله ليومين، أزيد من 260 مشاركة ومشاركا، يمثلون 40 دولة، ضمنهم 30 رئيسة ورئيسا للبرلمانات الوطنية والاتحادات الجهوية والإقليمية والقارية بكل من إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب.