عزالدين قدوري :

 في مدينة كمدينة تاوريرت ، حيث تتعرض المواقع التاريخية للإهمال ، لا بأس أن أثير في هذا المقال المتواضع ، قضية قد تكون غائبة عن أذهان و أنظار معظم الساكنة ، و هي قضية المقبرة التاريخية التي تجمع اليهود والنصارى . هذه المقبرة التي تعرضت للإهمال ، حيث طمست معظم مقابرها ، و تحطمت رموزها و معالمها الدينية ، و تعرضت بعضها للنبش.
تعاني هذه المقبرة المشتركة بين اليهود و النصارى ، و الدين كانوا يسكنون مدينة تاوريرت فيما مضى ، من إهمال كبير ، فضلا عن قلة وعي المجالس المتعاقبة و المسؤولين على الشأن المحلي و كذلك المواطنين بأهميتها، و تركوها تواجه عوامل الطبيعة ، و عبث البشر والحيوان بها ، مما تسبب في طمس معالم بعضها ، و حفر بعضها ، و كسر شواهدها بسبب قلة الدعم المادي و المعنوي ، و كذلك عدم وجود حماية لها من قبل المؤسسات الوصية على حماية التراث . ما يتطلب وقفة جادة من قبلها لحماية تلك المواقع المهمة.

ان ما يحصل للمواقع الأثرية في مدينة تاوريرت ، هو إهمال واضح ، يتطلب قوانين صارمة تحد من التجاوز على هذه المواقع . ففي ما مضى تعرضت الكنيسة التاريخية لفعل الهدم ، وحاليا تتعرض المقبرة المشتركة بين المسيحيين و اليهود للاهمال و التهميش .
انه لمن العار ، أن تتعرض مثل هذه المعالم التاريخية لكل هذا العبث ، و هي التي كانت و مازالت تمثل محطة مهمة للتعايش السلمي ، و تمثل آثارا شاهدة على تاريخ لمدينة تاوريرت ، حيث كانت تدق أجراس الكنيسة و يسمعها المسلمون في مسجد الحي القديم و العكس أيضا ، وهذه صورة رائعة ، تجسد التعايش السلمي الذي كان سائدا بين الديانات الثلاث ، مسلمين و مسيحيين و يهود .
و لعل ما يثير الانتباه، هو الغياب الكلي لأي حماية ، أو صيانة لهذه المقبرة رغم أهميتها التاريخية، علاوة على غياب أي معلومات موثقة حولها.
إلا إذا كان هناك تعمدا في إهمال هذا المواقع الأثري ، و تعمد في التجاوز عليه لبناء البيوت والمشاريع العمرانية … غير مبالين بما يمثل هذا الموقع لمدينة تاوريرت .
و في خضم هذا المشكل ، و هذا العبث و الإهمال الذي تعرضت له هذه المقبرة ، دعونا نتساءل:
– إلى متى سيتحرك الضمير الإنساني للقائمين على الشأن المحلي ، للاهتمام بهذه المقبرة التاريخية ، و صيانة حقوق الموتى ؟
– أين دور الجماعة الترابية و مسئوليتها في الرعاية و الاهتمام بالمعالم التاريخية للمدينة؟
عموما ، يبقى على عاتق المسئولين على تسيير الشأن المحلي ، و على فئات المجتمع المدني ، أن يعوا أهمية هذه المعالم ، التي تختزل تاريخ المدينة ، و تجسد التعايش السلمي الذي كان سائدا بين الديانات الثلاث – الاسلام و المسيحية و اليهودية، فربما كان بإمكانها استقطاب عدد هام من السياح و المهتمين بالمعرفة و البحث في تاريخ مدينة تاوريرت وثقافتها.