تاوريرت بريس :

 سلطت محاضرة نظمتها كلية العلوم التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، اليوم الخميس برحاب الكلية، الضوء على الاكتشافات الأثرية الحديثة بالمغرب.

وحاول الباحث في علوم آثار ما قبل التاريخ بالمديرية الإقليمية للثقافة بالقنيطرة، عبد الرحيم محب، الذي ألقى هذه المحاضرة بعنوان “أقدم مرجع للاستيطان البشري بالمغرب من خلال الأبحاث الميدانية الحديثة”، إعطاء نظرة شاملة حول أولى الموجات البشرية التي استوطنت التراب المغربي، والتي تم اكتشافها مؤخرا.

وأكد السيد محب، في هذه المحاضرة، التي افتتحت أيام الدكتوراه بجامعة محمد الأول، أن هذا الاستيطان البشري، يتواجد في مواقع مهمة داخل تراب مدينة الدار البيضاء، مبرزا أن هذه المواقع مكنت من دراسة هذا الاستيطان بالمغرب منذ مليون و300 ألف سنة إلى حدود 300 ألف سنة.

وقال إنه إلى حدود الأبحاث الحالية، فإن أقدم استيطان بشري في المغرب يرجع إلى مليون و300 ألف سنة؛ وهو من أقدم الاستيطانات البشرية بشمال إفريقيا، والذي يتواجد بموقع (ل) طوما 1 بالدار البيضاء.

وأشار الباحث إلى أن هذه المواقع داخل تراب الدار البيضاء، مكنت أيضا من تحديد إطار مرجعي جهوي كرونولوجي لهذا الاستيطان البشري الأول، والذي ينبني على عدة فترات جيولوجية تم تحديدها في الطبقات الصخرية للمدينة.

وأضاف أن هذا الإطار الكرونولوجي ينبني كذلك على دراسات أركيولوجية وأخرى باليونتولوجية للبقايا الحيوانية، وعلى تأريخات مطلقة تم القيام بها في هذه المواقع، والتي من شأنها تحديد سلسلة جيولوجية وأركيولوجية تمتد من ستة ملايين سنة إلى حدود 300 ألف سنة، والتي من خلالها يمكن تأريخ الاستيطان البشري.

وخلص السيد محب، إلى القول بأن مدينة الدار البيضاء، عبر موقع طوما، والمواقع الأخرى، هي المرجع الأساسي لدراسة الاستيطان البشري القديم، أو ما يمكن تسميته بمهد البشرية الأولى أو البشرية القديمة بالمغرب.

وقال عميد كلية العلوم بوجدة، اسماعيل راضي، في افتتاح المحاضرة، إن جهة الشرق تزخر بمجموعة من المؤهلات الجيولوجية والكنوز الأركيولوجية المهمة التي من شأنها أن تشكل قيمة مضافة ليس للمنطقة فحسب بل للمغرب ككل.

وأضاف أن الكلية، التي توجد في قلب هذا الإرث الثقافي والأركيولوجي المهم، لا يمكن لها إلا أن تنفتح وتتفاعل مع هذا الواقع، مشيرا إلى أنها تضم فريقا يشتغل في الأبحاث الجيولوجية والأركيولوجية ولديه اكتشافات متعددة ستساهم في التعريف بالتراث المغربي وثقافته وكذا تاريخه.

من جهته، قال السيد عبد المالك عزيزي، مدير قطب دراسات الدكتوراه بجامعة محمد الأول، إن هذه المحاضرة تندرج في إطار أيام الدكتوراه بالجامعة التي تشكل فرصة للطلبة المسجلين في سلك الدكتوراه، للاستفادة من مواضيع متخصصة، وكذا لتقديم أعمالهم البحثية.

بدوره، اعتبر الأستاذ الباحث في كلية العلوم بوجدة، الحسن أوراغ، أن المغرب من خلال أهم الاكتشافات (أقدم استيطان بشري، أقدم حلي…)، أصبح مرجعية عالمية من حيث التراث الأركيولوجي، مؤكدا، في هذا الصدد، على أهمية هذا الموروث وهذه الاكتشافات في التنمية البشرية والاقتصادية.