بقلم : الخضير قدوري 

الخضير قدوري

 

 

في إطار مخطط إعداد التراب الجهوي وتوظيف المدينة ، وبحكم موقعها الجغرافي المتميز الذي جعل مدينة تاوريرت عاصمة إقليمها ،المنفتحة على سبعة أقاليم مجاورة لتعتبر بوابة المغرب نحو إفريقيا والوطن العربي ككل ،وبفضل المشاريع المنجزة منها كمشروع السكة الحديدية الذي يربطها بميناء الناضور وكذا الطريق السيار الذي يربطها بالشرق والغرب ، و المعهد المتخصص في مهن النقل الطرقي واللوجستيك الذي قام بتدشينه صاحب الجلالة أخيرا باعتباره الرابع من نوعه على المستوى الوطني، وكذا المحطة الطرقية والسككية التي ستنتهي  الأشغال بهما بعد شهور قليلة ،إضافة إلى مشروع القطب التجاري والصناعي الذي ستخصص له مساحة بعشرات الهكتارات . كل ذلك قد يساعد إلى حد ما على تأهيل مدينة تاوريرت لتحضى  بوظيفتها في إطار الجهوية الموسعة ،المخولة لها ضمن مخطط إعداد التراب الجهوي كمدينة للنقل اللوجيستيكي بامتياز. لاشك في أن هذه المدينة كما سبق الإشارة إليه بحكم موقعها الجغرافي المتميز من حيث شساعة أراضها التي قد تتسع لالاف المشاريع الفلاحية والصناعية والعمرانية بشكل عام، إلى جانب ما تتوفر عليه من مؤهلات اجتماعية واقتصادية وتاريخية وسياحية ،كحامة القطيطير التي توجد الأشغال بها على وشك الانتهاء ليصبح لها اثر فعال من اجل جلب السياحة الاستشفائية . والاهم من كل هذا مشروع انجاز ساقية تنبثق عن سد الحسن الثاني ،الذي دشنه صاحب الجلالة خلال السنة الماضية ،والتي سيتم بواسطتها ري أكثر من 1300 هكتار لفائدة 500 عائلة في المرحلة الأولى ،علما بان هذه السدود الثلاثة المتواجدة في نفوذ الإقليم قد تؤمن الاكتفاء الذاتي لساكنته من هذه المادة الحيوية ،وتحد من اثر التصحر  وجفاف المناخ الطبيعي

      واليوم قد أصبح ما ينقص مدينة تاوريرت، وأحوج ما تحتاج إليه فقط تسويقها كمدينة للنقل اللوجيستيكي بامتياز. مؤهلة لاستقطاب الاستثمارات الصناعية المتمثلة في صناعة السيارات وغيرها من الصناعات الثقيلة الأخرى، وكل ما يتعلق بوظيفتها في مجال  النقل بصفة عامة ،دون إغفال ضرورة العمل على تشجيع الاستثمارات الداخلية المواكبة والموازية . في هذه الحالة لاشك في أن مدينة تاوريرت ستشهد قفزة نوعية لا نظير لها، والتي ستجعلها عاصمة إقليم يحتل مكانة متميزة بين كل أقاليم الجهة والمجاورة لها.

     ولكن قد يبقى هذا الحلم بعيدا عن التحقيق إلا بتضافر جهود أبنائها الذين يتصارعون من اجل التربع  على الكراسي  لأغراضهم  الشخصية ،ومنافعهم  الخاصة. وحرصهم على إغلاق أبواب المدينة ومنافذها وجعلها حكرا عليهم وعلى أفراد الأسرة والعائلة .لاشك في أن ذلك زمن قد ولى مع بزوغ فجر الانفتاح الجهوي ،وسياسة اللامركزية ولا تمركز التي ستجعل كل مسؤول معرضا للمحاسبة والرقابة ،والى ربيع جهوي قد يجر إليه تبعات خطيرة ،نتيجة ذلك ربما قد لا تعود المسئولية لعبة بأيد متلاعبين بمصالح المواطنين، كما لم تبق الانتخابات سبيلا إلى الاثراء والغنى والاستحواذ على مدخرات المدينة ،بما أن المسئولية لم تعد تشريفا وإنما هي تكليف بمعناه الحقيقي الثقيل دونها الموت وشر العقاب لمن لا يعير لها الاهتمام، ويظن أنها مازالت لعبة بين الأيد القذرة  .

        ولا شك في أن الفائزين من المترشحين  للانتخابات المقبلة بالطرق التقليدية وبالوسائل المعروفة ،سيوضعون على محك خشن ،وأمام امتحان عسير في مواجهة المنافسات الشرسة. لذلك قد يكون من اللائق لمن لا يملك الجرأة على المواجهة، والقدرة على المنافسة ، ولا يتوفر على الحنكة السياسية  والثقافية ،أن ينسحب بكرامة ،و يتراجع خطوات إلى الوراء بشرف، فيجلس حيث يؤخذ بيده ويبر، أفضل من أن يؤخذ برجله ويجر. وذلك ما سيحدث دون شك للجشعين المتعودين على امتصاص الضروع ،إلا أن الضروع قد غرنت لم تعد تذر حليبا سوى أنهم  سيفوتون على مدينتهم بصفة خاصة وعلى إقليمهم بصفة عامة فرصا ذهبية قلما تعوض بعوض أو تقدر بثمن

      لذلك سيكون من الأفضل بكثير أن تنزل هذه الصقور من عليائها وتتخلى عن أنانيتها ، وتفسح المجال للعصافير لتعبر بالصفير عن جودة ألحانها ، وترفرف قليلا في أجوائها لتجرب نجاعة أجنحتها فتحس بحياتها،وتعود التماسيح إلى مستنقعاتها، فتسمح للأسماك الصغيرة لتسبح قليلا في أحواضها وتتمتع شيئا ما بحريتها   .