تاوريرت بريس:

الخضير قدوري

 

 

قد يكون مخطئا من يضن أن حكومة المغرب هي حاضرة في المغرب ، ومن يضن أن حكومة المغرب تسمع وترى ما يحدث في المغرب، وأيضا ربما يكون مخطئا من يحسب أن الحكومة في المغرب هي التي تقرر ما يصدر باسمها  من التقارير، مرة أخرى ربما يكون مخطئا  من يحسب أن حكومة حزب العدالة والتنمية راضية عما يصدر عنها أو باسمها وهي لا تدري بأنها تدق أخر مسمار في نعشها .لا احسب ذلك إلا أن تكون قد رضيت بمقابل يغنيها عن مستقبل تنظيمها ،ويكفيها تعب السعي من اجل استرجاع ثقة الشعب الضائعة ،التي حل محلها الحقد والشر والانتقام .وهو  ينتظر بفارغ الصبر ساعة الحسم وما يدريها ان تكون الاستحقاقات القادمة هي الفرصة الحاسمة جدا والتي ينتظرها هذا الشعب بفارغ الصبر ليقرر حسب وعيه الثقافي ووفق نضجه السياسي الرد الشافي ، الذي يعبر عن سخطه وتذمره، فيحاكم هذه  الحكومة ،ويعاقب هذا الحزب بما سيكون عبرة لمن يعتبر من كل الأحزاب التي تفرخ لهذا الشعب حكومات بأشكال متشابهة . وأما إذا كان ما يزال  بين هذا الشعب  من يرقص على أنغامها ، ويصفق لكلمات أغانيها ،وينخدع بتلاوينها ويؤمن بخطاباتها، يعني ذلك أن هذا الشعب هو من سيحكم على هذا البلد بالمؤبد مع الأشغال الشاقة ،ولا ذنب  للأحزاب في كل ما يقع ، منذ أكثر من نصف قرن لم تعط أية حكومة حقوقا لهذا الشعب مقابل  ما يؤديه  من واجبات ، وان كانت  الحكومات السابقة قد تتظاهرا حيانا  بنوع من التعاطف المشوب بالخجل والحذر، وتتريث في اتخاذ بعض القرارات المجحفة، وأحيانا تستجيب لعتاب الضمير، فتتعامل مع الأوضاع بنوع من المروءة . إلا أن حكومة أخر زمانها بما ألحقته من أضرار بفئات الشعب، نتيجة الزيادات المطردة في الأسعار دون رحمة أو شفقة ،ما يمثل بالواضح الإصلاح الفاسد . وقد أخلفت وعدها مع الشعب في محاربة الفساد ،ومصارعة التماسيح ،ومقارعة العفاريت والعمل على استرجاع أمواله المهربة ،فإذا بها لم تمنع نفسها حتى من الذباب وبالأحرى العقارب ،وما كان لها إلا أن تتحول إلى نوع من البعوض الذي يمتص الدماء من ضرع هذا القطيع الجائع .وقد وجهت بذلك رسالة واضحة المعنى لمن قد يعي ولمن لا يعي ، بان لا خير يرجى منها ولا من  قديمها  ولا من  قادمها

    حقيقة لقد برهنت هذه الحكومة عن ضعفها بشجاعتها ،وغامرت بكشف حقائقها  في استغلال خبرتها بدواخل هذا الشعب الوديع ، ثم أقبلت على ما لم تقبل عليه الحكومة اليوسفية من اجل إنقاذ المغرب من السكتة القلبية ،ولا الحكومة العباسية من اجل إنقاذ الشعب من الذبحة الصدرية ،وقد جاءت حكومة بن زيدان لتخنق أنفاس المتنفسين تحت الماء ،وتعرض هذا الوطن لجلطة دماغية ، قد تجعله  مشلولا قلما يقوى على الحركة إلى أن يموت موتة سريرية

    أنها حكومة صماء لا تسمع صراخ المعارضين، ولا عويل المتباكين أو الم المتألمين، ولا أنين المتوجعين ولا حتى بكاء الجائعين ،ولم ترحم ضعف الضعفاء والمساكين. قد تكون بالفعل حكومة متحكم فيها عن بعد ، فهي لا تسمع إلا ما يوحى إليها ،ولا تنفذ إلا ما يصدر إليها من أوامر،  ولا تملك أي إحساس بالعطف أو مشاعر بالرحمة، مقدورها أن تصنع نهايتها  وتحفر قبرها بيدها .وكحزب يستطيع أن يغامر بمستقبله ويضع حدا لحياته، ذلك حال كل من أدرك جميع أماله فلابد له  أن يطوي كتاب حياته .ولكن قد لا يهم الموت بمقابل يضمن الرفه الفاحش للأبناء  و الأحفاد على مدى عمر الأجيال

       اجل، حتى وان كانت الحكومات السابقات إلى حد ما قد خرجت من معتركها بشيء  من الكرامة ،واحتفظت في محيطها بقليل من الموالين الذين استطاعت أن تستحوذ على أفكارهم الضيقة ،فان هذه الأخيرة لم تبق لها من أول ولا أخر، وربما يبقى ذكرها عارا على كل لسان، وأثرها منقوشا على صفحات التاريخ بنقوش من نار وسواد يعلق بتلابيب كل من اقتحم أثافيها

      فإذا كان هذا الشعب قد أرخ للمجاعة والتسيب بسنوات الأربعينات ،فانه سيؤرخ للازمة بسياسة هده الحكومة التي قل في الكون نظيرها ،من يتسمى عهدها بعهد السنين العجاف والقحط والجفاف ،التي تفشت فيها البطالة والعنوسة والجريمة في صفوف الشباب ،والفقر وخنق الأنفاس وغلاء المعيشة في المجتمع وما سيأتي مع الأيام المتبقية أكثر وأكثر  ونسال الله اللطف