تاوريرت بريس :

المواطن بين المطرقة المعارضة و سندان الاغلبية

 

 

حق على ساكنة هذه المدينة أن تندب حظها وتشكو سوء طالعها ، و واجب عليها أن تعاتب ضميرها وتلوم نفسها . فتتوب إلى الله وتستغفره على ذنب اقترفته في حق نفسها ومدينتها .

    كأغلبية يقال عنها ما يقال ، ومن الطبيعي أن تعلق على مشجبها كل العيوب ما  ظهر منها وما بطن ، قد لا تكون من صنف الملائكة ، ونحن نعلم إنها لا تضحي بدقيقة من وقتها من اجل سواد عيون الساكنة ، ولا حرصا على مصالح المواطنين . حرصها على مصالحها الأولى والآخرة . في إطار المبدأ السائد ” أنا وبعدي الطوفان ” والمقولة القائلة ” اللهم ارحمني وارحم والدي ” فإذا كانت الأغلبية في هذا المجلس تنعت بالفساد ، والتكالب على الأرض ، والتلاعب في الصفقات و و و . فإنها  قلما تتطاول على حقوق المواطنين الذين تسعى جاهدة لإرضائهم من اجل ضمان أصواتهم للعهدة الأخرى .

     ولكن ما يحز في النفس  دور المعارضة ، التي كان من الواجب أن تكون سباقة إلى هذا المسعى ، حتى لا تخذل مرة أخرى . بدلا من أن تعمل من اجل كسب عطف الغاضبين عليها ، من الذين خذلوها بل عاقبوها بسحب ثقتهم منها ، فأجلسوها على الحصير في مؤخرة القاطرة ، وجعلوها تطارد ظل السحاب وتغني خارج السرب ، فهاهي ذي المعارضة تضع العمود في العجلة ، وتعارض مصالح المواطنين وتوقف العربة أمام الحصان ، عن قصد أو عن غير قصد ، انتقاما من فرد أو جماعة ، أو من اجل تصفية حسابات حزبية أو انتخابية ، ولا أقول سياسية لأنها ممارسات ابعد ما تكون من السياسة والسياسيين . وإنما هي معاملات قد تنم عن نفوس ضعيفة ، لتعطي بذلك فرصة سانحة للأغلبية التي تدب على كسب عطف هؤلاء المواطنين . ليبقى السؤال حول هذه الممارسات إن كانت ناجمة عن إستراتيجية سياسية ،  وتوجهات حزبية  أم هي مجرد معاملات مثلية .

      مازال المتسيسون في هذه المدينة بتلاوينهم يحيرون الباب الباحثين ، تارة يتاجرون بمصالح المواطنين ، وتارة يتظاهرون بمظاهر المدافعين عن حقوقهم وأخرى يضحكون على أذقانهم كخبراء سياسيين ليس غيرهم أدرى بدناءتهم أو سذاجتهم أو بلادتهم . في غياب وعي يؤلب على معاقبتهم شر العقاب . وهاهي الانتخابات على الأبواب ، وتلك فرصتهم السانحة التي تجعل كلمتهم العليا وصوتهم لا صوت يعلى عليه ، بعيدا عن الضعف العاطفي ، والنزع القبلي على حساب مصالحهم  العامة والمصالح العليا لمدينتهم البئيسة بين مدن الجهة .

     نكاد نبرئ ساحة الأغلبية فنوجه أصابع الاتهام إلى هذه المعارضة ، و بالأحرى بعض من يمثلونها ممن لا يريدون بدورهم سوى الحصول على نصيبهم من الكعكعة ، أو نكاد نجمع بينهما على صعيد واحد كأغلبية ومعارضة على حد سواء ، فان سلمنا بفساد الأولى التي يقال عنها أنها تتلاعب بالصفقات المخصصة لمصالح المواطنين ، فبأي دليل نبرئ من الفساد ذمة الأخرى التي تعارض مصالح المواطنين ، بالطبع سنسلم بالأخيرة ، واليها نوجه كل أصابع الاتهام ، وإلا كان عليها أن تواكب وتتابع وتحاسب لا أن تعارض من اجل الاعتراض وتخالف من اجل الاختلاف ، ثم تحاول تبرير سوء عملها بما تسميه الشرعية والنزاهة والشفافية والدفاع عن مصالح المواطنين ، فأي دفاع . لاشك في أن ميزان المعارضة على مستوى هذه المدينة بدا يخف ، وأصبح المواطن يعلم انه لا خير  يرجى من أغلبية ولا آمل يعلق على معارضة ، وكلتاهما تسعى لمصالحها على حساب هذا المواطن الذي آن الأوان ليعاقب بمثل ما عوقب به ، أو يجازي بقدر ما جزي به ، أو يقطع بان لا خير يرجى من قادم ولا من قديم ، ذلك ما لم تغلب عليه السذاجة باسم العاطفة والبلادة باسم القبلية ، والجهل باسم السياسوية ، والغباوة العمياء باسم العلم والمعرفة . حتى بات عبارة عن قطعة  لينة تدق بمطرقة المعارضة ، على سندان الأغلبية في مجلس هذه  البلدية  .