تاوريرت بريس :

الب

 

ما زالت أصداء الفشل الدريع الذي عرفه “المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال“، الذي احتضنته الجزائر العاصمة نهاية الأسبوع الأخير تتردد عبر المنابر الإعلامية على اختلاف توجهاتها في داخل وخارج البلد المنظم . حيث اتفق الجميع على أن بوادر الفشل كانت ظاهرة مند بداية المنتدى بعد الصراع الذي كان بين سلال وحداد حول أخد الكلمة ، والدي لم يستطيعا الطرفان إخفاءه عن أنظار المشاركين والمتتبعين لافتتاح أعمال المنتدى حيث انسحب الوزير الأول عبد المالك سلال ومعه المسؤولون الرسميون احتجاجا على رئيس الباطرونا في الجزائر علي حداد الذي تعمد خرق الأعراف البروتوكولية بأخذ الكلمة قبل الوزراء وهو ما اعتبر إهانة لحكومة بأكملها أمام الضيوف الأجانب ، فكان ذلك أيدانا بفشل اللقاء قبل افتتاحه . و قد خلف انسحاب سلال والوفد الوزاري عدة تساؤلات بين الحاضرين داخل القاعة ، و لم تتأخر الإجابة عليه، فبعد الإعداد الإعلامي المسبق للترويج لهذا الحدث، اندهش الجميع للتغير المفاجئ لوسائل الإعلام الحكومية التي غيرت موقفها بـ 180 درجة حيث قامت بتجاهله و تقزيمه وتحويله إلى ” لا حدث ” كما كان واضحا من خلال بث تقرير التلفزيون الحكومي الذي لم يتجاوز دقيقة واحدة عند افتتاح المنتدى في اليوم الأول تم التركيز فيه على كلمة رئيس الوزراء ، ومثل هذا الموقف كان بالنسبة للإذاعات الحكومية التي لم تبث سوى خبر من 30 ثانية بالتركيز أيضا على كلمة سلال في اليوم الأول ، أما ما تبقى من أيام المنتدى فلم تتم تغطيتها . وقد تأكد كل ذلك من خلال مقاطعة الوزير الأول وأعضاء حكومته لمأدبة العشاء التي كان يفترض أن يحضرها على شرف الضيوف الأفارقة.
كل هاته العوامل بكل ما تحمله من خلافات وصراعات واضحة وأخرى في الكواليس كانت سببا مساهما في فشل المنتدى الإفريقي للاستثمار من زاوية ضيقة ، لكن إذا ما نظرنا إلى الحدث من زاوية أوسع فإننا نجد اللقاء كان أيضا من أسباب فشله كونه لم ينظم طلبا للتنمية الإفريقية من اجل التنمية ، وإنما جاء تجسيدا لمساعي الجزائر للحاق بجارها المغرب ومعاكسة تحركه في القارة الإفريقية من خلال تنظيمها لهذا المؤتمر و النأي بنفسها لاستغلال السوق الإفريقية بكل ما تملكه من إمكانيات هائلة .
هذا بالإضافة إلى اختيار الوقت الغير مناسب لتنظيم هذا الحدث ، الذي جاء متزامنا مع الحملة الدبلوماسية القوية والناجحة التي يقودها الملك محمد السادس في العواصم افريقية ، وخاصة منها تلك التي كانت مع الأطراف المقربة للجزائر في دول شرق إفريقيا ووسطها . وقد أزعجت الجزائر هاته الرحلات المصحوبة بتوقيع الاتفاقيات والشركات المؤطرة للمشاريع الكبرى المهيكلة أيما إزعاج وأفقدتها صوابها .
وقد كان تنظيم هذا المنتدى في هدا الوقت الغير مناسب ووسط الأزمة الاقتصادية والتوتر والصراع على السلطة التي تعرفها الجزائر كافيا لجعل الأشقاء الأفارقة يعتمدون على ما يكفي من المبررات التي تجعلهم لا يثقون بالوعود التي تصدر عن الجزائر ، ويشككون في الأهداف الحقيقية وراء مبادرتها لتنظيم هذا المنتدى . إذ كيف يمكن التعامل مع دولة تفتقد لقوانين جاذبة للمستثمرين وتعرف غياب رؤية اقتصادية بشكل عام و لا تربطها أية علاقة باقتصاديات الدول الإفريقية بدليل عدم وجود مؤسسة بنكية جزائرية بإفريقية .
عموما فان هذا اللقاء عرف ظهور مؤشرات مباشرة وأخرى غير مباشرة مند البداية كانت كافية لافشال هذا اللقاء وتأكيد بعض الشكوك لدى دول إفريقيا من قبيل عجز الجزائر عن مواكبة الركب التنموي الإفريقي الذي بدأ يعرف تكتل وتعاون حقيقي بعد خطوات المغرب في لم شمل الدول الإفريقية للنهوض بالقارة تحت لواء ثورة تنموية حقيقية . وما يؤكد ذلك هو مجموع الاتفاقيات و عقود الشراكات المبرمة مع المغرب و قرار عودته إلى الاتحاد الإفريقي وتجاوب الأغلبية الساحقة من الدول الإفريقية وقادتها مع القرار المغربي باستعادة مقعده في المنظمة القارية.