بقلم : عزالدين قدوري

وثيقة الاستقلال المغربية

 

يشكل هذا اليوم 11 يناير 2016 في مغربنا الغالي مناسبة مجيدة عزيزة على قلوبنا نخلدها بكل مظاهر الاعتزاز والإكبار، وفي أجواء من التعبئة الشاملة ، نمزج فيها بين مشاعر الفرحة واستحضار ملاحم الشرف والبطولة التي تحلى بها العرش والشعب المغربي البطل ،انها الذكرى 72 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تعتبر منعطفا حاسما في تاريخ المغرب وإحدى المحطات المشرقة في مسلسل الكفاح الوطني، الذي خاضه الشعب تحت راية موحدة و بقيادة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس من أجل الحرية والانعتاق من ربقة الإستعمار

ففي مثل هذا اليوم من سنة 1944 قام رجال الحركة الوطنية الافذاذ بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ، وسلمت نسخة منها للإقامة العامة ولممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا بالرباط، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثل الاتحاد السوفياتي.

و كان لهده الوثيقة الأثر العميق في مختلف جهات المملكة ، حيث تضمنت على الخصوص المطالبة باستقلال المغرب تحت ظل ملك البلاد سيدي محمد بن يوسف ، والسعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال، وانضمام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الأطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح، والرعاية الملكية لحركة الإصلاح وإحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية والإسلامية بالشرق، تحفظ فيه حقوق وواجبات جميع عناصر الشعب المغربي.

وقد لقيت تلك المناسبة تأييدا كبيرا تجسد من خلال صياغة العرائض و نزول الجماهير الغفيرة إلى الشوارع في مظاهرات التأييد أشهرها مظاهرة 29 يناير 1944، التي سقط فيها عدة شهداء برصاص قوات الاحتلال.
و استمرت المقاومة بالرغم من تعنت المستعمر وكل محاولاته و مخططاته التي باءت بالفشل أمام جرأة ورباطة جأش قائد التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس الذي أكد ا على وحدة المغرب من شماله إلى جنوبه في خطابه السامي الذي ألقاه أثناء زيارته التاريخية لمدينة طنجة في 9 أبريل 1947، واكد أيضا المناداة بالاستقلال من فرنسا في أكتوبر 1950.
فما كان أمام قوة العزيمة والثبات على الموقف و بفضل هذه الملحمة البطولية المجيدة الا ان عاد جلالة المغفور له محمد الخامس وقد حقق آمال الأمة المغربية قاطبة حاملا معه لواء الحرية والاستقلال ومعلنا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر من أجل بناء المغرب الجديد الحر والمستقل.
وعلى نفس الخطى وبنفس قوة الإرادة والإيمان بالوحدة الترابية للبلاد تحقق في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني الملك الموحد ، رضوان الله عليه استرجاع سيدي ايفني سنة 1969 واسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة سنة 1975 بفضل المسيرة الخضراء المظفرة، التي تعتبر حدثا وطنيا عظيما حيث ارتفع العلم الوطني في سماء العيون يوم 28 فبراير 1976، وجرى تعزيز استكمال الوحدة الترابية باسترجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
و اليوم يحتفل الشعب المغربي الى جانب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله بهذه الذكرى التي هي من أغلى وأعز الذكريات المجيدة التي تحتفظ بها الذاكرة الوطنية، وتستحضر الأجيال المتعاقبة دلالاتها ومعانيها العميقة وأبعادها المثلى التي جسدت سمو الوعي الوطني وقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية واستشرافا لآفاق المستقبل. التي يقودها جلالة الملك محمد السادس من خلال المشاريع و المنجزات الضخمة التي تحققت في عهده مند اعتلاءه للعرش بفضل رعايته السامية . كهيكلة البنى التحتية، وإطلاق سلسلة من الأوراش التنموية والمشاريع المهيكلة والتي تشمل كافة القطاعات الحيوية، في إطار تعزيز المكتسبات. و تحقيق الاستقرار الديني والروحي في منأى عن كل المخاطر والتهديدات الظرفية. اما على المستوى الديبلوماسي فقد حقق المغرب ارتباطه ببلدان إفريقيا وأوربا وأمريكا واسيا ورسم له صورة مشرفة بين سائر دول العالم
وكل ذلك يجعل من الشعب المغربي يدا واحدة وكثلة متراصة قمة وقاعدة دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، ومجددة التعبير عن التجند الدائم والمستمر صيانة للوحدة الراسخة التي لا تزيدها مناورات الخصوم إلا وثوقا وقوة وإشعاعا.