بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

على اثر زيارة العمل التي قام بها السيد محمد مهيدية والي الجهة الشرقية في إطار التأهيل الحضري لمدينة تاوريرت والعيون ودبدو، حيث تم عقده للقاء موسع مع المنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية من اجل الاطلاع على حصيلة الأشغال المنجزة خلال السنة الحالية ، والعمل على الدفع بالمشاريع المبرمجة في إطار الاتفاقيات نحو الانجاز السريع وفي أحسن الظروف خلال السنة المقبلة ،ويتعلق الأمر بقطاع الماء والكهرباء والصحة والعمران ومختلف المرافق العمومية بشكل عام
فإذا كنا قد اشرنا منذ زمن الى المرتبة الدونية التي يمكن ان يحتلها اقليم تاوريرت في التصنيف الجهوي ، وعاصمته على وجه الخصوص مقارنة مع مدن الاقاليم المجاورة ،ذلك لأسباب جعلت مدينة تاوريرت باعتبارها عاصمة الاقليم هي المدينة الوحيدة من بين الاقاليم الثمانية التي لا تتوفر على مخطط عمل ،ومن المدن المتموقعة في أسفل الترتيب الإداري والصحي أساسا ،ومن قد وصفها السيد الوالي بجرأته المعهودة بالمدينة المحتضرة والمهددة بالسكتة القلبية
وقد كشف السيد الوالي بكل وضوح عن الخلل الذي يطال كل القطاعات التي من جرائها ضلت مدينة تاوريرت تعاني من إشكالية تقنين العقار، الذي يفتح الباب على مصراعيه في وجه المضاربين في هذا القطاع دون ردع او محاسبة ،ويشجع على العشوائية في كل المجالات ذات الصلة ، هذه الإشكالية التي تلقي بضلالها على كل القطاعات الأخرى وتؤدي الى شلل كلي يهدد المدينة بسكتة قلبية ، فإذا كان بعض أباطرة القنب الهندي بالمدن الشمالية لا يكفون عن ممارسة نشاطهم التجاري في هذه المادة المحرمة ،على غرارهم قد لا يقبل أباطرة الأرض بمدينة تاوريرت بتقنين هذا القطاع الذي يعتبر مصدر الثروة الفاحشة للمفسدين ،الذين يغامرون من اجلها بأموال طائلة للفوز في الانتخابات البلدية ، ولولاه ما كان ذلك التسابق المحموم للوصول الى قصر البلدية رغم تكاليفه الباهظة من اجل خدمة المدينة وسواد عيون ساكنتها ، وحينما سيغرن ضرع هذه البقرة الحلوب يومئذ ترى السكان يحملون مشاعلهم ضحى وهم يبحثون عمن يمثلونهم وربما يتخذون لهم خرجا فقلما سيجدون منهم واحدا
وقد اشرنا منذ زمان على صفحات موقعنا هذا إلى ان مدينة تاوريرت توجد في حالة احتضار، ولم يكن هناك من يفهم معنى الإشارة او يولي اهتمامه لإنقاذ المدينة ،فان لم يكن الأجل قد وفاها بعد، نتمنى ان لا تكون مبادرة السيد الوالي قد جاءت متأخرة ، رغم التكشف من خلال مباشرته لمناقشة هذه الملفات مع بعض المسئولين والتقنيين عن الخلل الذي جعل بعض المشاريع تتعثر وبعضها يتوقف ويتأخر، وبعضها يضل وصمة عار على جبين المدينة
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر محطة معالجة المياه العادمة المتموقعة في غرب المدينة ،التي يمكن بسببها في إطار حماية البيئة من التلوث، وحفاظا على السلامة الصحية للساكنة ،فان الضرورة تقتضي إخلاء المدينة بشكل كلي ،وإلغاء كل المشاريع المبرمجة فيها ، او نقل هذه المحطة التي أصبح أثارها ينعكس سلبا على الحياة فيها ويزكم أنوف الوافدين والمغادرين ، فان دل ذلك على شيء إنما يدل على هشاشة البنية التحتية وسوء التدبير الحضاري الذي تعاني منه مدينة تاوريرت في كل المجالات، التي يسهر عليها أناس دون مستوى المهام المنيطة بهم من اجل النهوض بمدينة تعتبر ممر عبور وبوابة الجهة الشرقية، مقارنتها بمدن أخرى كمدينة جرسيف وجرادة واحفير وغيرهن التي ذكرها السيد الوالي على سبيل المقارنة وبإشارة واضحة الى ضرورة الاعتماد على اطر تقنية غير محلية من اجل إصلاح المفاسد ومعالجة الخلل وتقويم الاعوجاج ومحاربة الفساد الذي تشهده هذه القطاعات، ان دلت هذه الإشارة على شيء إنما تدل على توجيه نوع من التوبيخ والتقريع لكل المتهاونين في اداء مهامهم والتقليل من كفاءتهم او نزاهتهم وبعث الروح الوطنية في قلوب الساهرين على الشأن المحلي ،وشحذ همم الغيورين من أبناء هذه المدينة للنهوض من اجلها وعملهم على إسناد الأمور للكفاءات والقدرات وترك الأماكن المناسبة لرجالها ونسائها وللفعاليات الجادة والنزيهة التي لا تريد علوا في الأرض ولا فسادا
يبدو من خلال هذا اللقاء ان السيد الوالي قد شخص الوضع المزري الذي لا يشرف عاصمة الاقليم ، وحدد مواضع الخلل الإداري فيها ،وقد اطلع على المبررات الواهية التي تعقد المساطر وتعطل التنمية، فأبدى استعداده للنهوض بهذا الاقليم ،ووقوفه شخصيا على انجاز المشاريع ومتابعة الأشغال ومعالجة كل المشاكل التي قد توقف العربة أمام الحصان فيبدو لمتتبع كلمات السيد الوالي انها لم تكن تخلو من نبرة توحي بنوع من الصرامة المصاحبة لعزمه ،والتي ستكشف له حقائق كثير من السلاحف التي ترغب في العيش تحت المياه الراكدة ، شخصيات تهدف بعملها الى حماية مصالحها الخاصة ،وترمي الى مراكمة الثروة على حساب انتظارات ساكنة هذه المدينة ، مما يتعين ربط المسئولية بالمحاسبة والضرب بقضيب من حديد على الأيادي القذرة ، وما دون ذلك سيبقى كل ما راج في الاجتماع كلاما في الخيال وحبرا على ورق