بقلم : حسن ايناو

ايناو حسن

 

لقد عاشت الأمة العربية مند نشأتها سننين من المفارقات ،شعوبا قهرت من الاستعمار وذبحت وبعضها سجنت ،ولم يكن ليخرج من أوطاننا حتى يترك من سيحمي مصالحه لتمكينه من السلب و النهب بأياد عربية تقهر الشعوب وتحجب حرياتها وتلجم أصوات الحق فيها بوسائلها الخبيثة المشينة ،تاركا لها منظومة قوانين مجحفة واستمرت تحكم به دولنا العربية الى حد الآن ، في الوقت الذي كانت هته الدول تأسس لعدالة اجتماعية لشعوبها وترعى أبناءها وتعلمهم قيم الدمقراطية على حساب دماء المقهورين .لقد حرصت دول الاستعمار على تغذية هذا الوضع اللا صحي لسنين حيث كانت ولازالت تراقب أي بادرة للتغيير للأفضل ،ساعية إلى وأدها وتحجيمها،مرة بإثارة القلاقل الحدودية التي تسببت فيها،ومرة بتحريك الحركات الحقوقية بحجة الدمقراطية وحقوق الإنسان.إن السبيل لتجاوز هذا الواقع المرير هو اعتمادنا على النفس و السعي إلى الدفاع عن أوطاننا بالطرق القويمة المبنية على التأسيس لمنظومة عدل منصفة . إن الأزمات العربية لن تنتهي ولن تتوقف بل ستزداد وسيقضى على الشعب العربي مرة بقتله مباشرة كما تفعل إيران وأمريكا و روسيا في العراق وسوريا وإما بزرع الحركات الإرهابية في هدا الجسد الحساس والهزيل أصلا .إن أسس الدولة السليمة هي العدل المستقيم الذي يعطي لكل ذي حق حقه ،وينصف الضعيف واليتيم والأرملة هدا العدل الذي يؤدي إلى عدالة اجتماعية يحس من خلالها المواطن البسيط بكرامته ويرفع رأسه أمام شعوب العالم على أنه عربي ،عدل مستقل عن جميع السلط ،ولا يخضع للترغيب والترهيب .هذا العدل هو الذي يصنف المواطن ما محله من الإعراب ،وهدا هو السبيل لإعادة تكوين الإنسان الواثق بنفسه ووطنه . .إن منظومة العدل العربي متفككة ومريضة لا يمكن للشعوب العربية أن تستمر تحت رحمتها وهي تعاني القهر والقمع و الطغيان و الكيل بمكيالين .إن الدول العربية لا محل لها من الإعراب من دون عدل، ولن تقوم لها قائمة ما دامت تحكم بالهوى وليس المنطق و الأسس.إن الشعوب العربية لا يمكنها أن تضاهي شعوبا أخرى وهي مقهورة مكسورة الأجنحة …شعوبا ترعرعت في كنف الوعي الحر وعاشت حياة سعيدة في ضل ديمقراطية حقة تأسسها عدالة اجتماعية كلها رخاء …شعوبا مبدؤها النية قبل العمل .إن الشعوب العربية تربت على النفاق والأنانية والنميمة منذ نشأتها وهذا نتاج منظومة عدل هزيلة وبالتالي لا يمكنها أن تتغير وتصبح شعوبا متماسكة ومتراصة إلا إذا كان العدل أساسا للحكم ولا شيء غير ذلك ،حين ذاك سيعاد بلورة هدا النمط المعيشي المخيف والمرتجل الذي لا تحكمه روابط مؤسسية ،ولا قيم إنسانية محضة. لقد أبعدت الأمة العربية كثيرا عن الطريق الصحيح، وتاهت بين أوحال الغدر والمكر بإيعاز من الدول الاستعمارية دون التمكن من تربية الأجيال الصاعدة تربية حرة تمكنها من الدفاع عن نفسها وأوطانها بالطرق الحضارية الواثقة..إن الشعوب العربية لم تتربى على أن تكون لها علاقة دستورية بالدولة المواطنة ،بل علاقة قبيلة و طائفة وهي التي لا زالت تلعب الدور الحاسم في معظم الدول العربية مثل لبنان وسوريا واليمن وووو،وما يزيد الطين بلة هو أن نظم الحكم هناك ساهمت بتكريس هته الحالة المريضة ،وفي ظل غياب فكرة المواطنة وغياب تكافؤ الفرص وفي ظل معاملة الناس على أساس انتماءاتهم وليس كفاءاتهم ستظل الأزمة قائمة وستظل جحافل الجهل والنزعة القبلية والطائفية موجودة ومؤثرة بشكل مريب ،هذا هو الوتر الذي تتنغم على خيوطه قوى الاستعمار. فحين نتكلم عن الديمقراطية سنجدها أسلوب تعامل وحكم يختلف من مكان لآخر ومن شعب لآخر، وقد يتضمن الدستور بعض النصوص التي تحض على تطبيق القانون فقط ،هذا قد يحقق العدالة لبعض الفئات ،لدى نجد عبارة ..العدل أساس الملك.. فالعدل من القيم التي جاء بها الإسلام وجعلها من مقومات الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية حتى جعل القرآن إقامة القسط بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها.. فقال تعالى في سورة الحديد ..لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ..صدق الله العظيم . نعم إن العدل هو الأمن والأمان لكل فرد ينتمي لهته الدولة أو تلك ،وحين يفتقد هذا الركن الأصيل في البناء المجتمعي يصبح المرء في حيرة من أمره ،و بالتالي ينقطع ذاك الحبل الذي يربطه بوطنه، وتصبح أمواج اللامعرفة والجهل تتلاعب به وينحني لضجيج السفلة والدجالين وبالتالي يصبح نقمة على وطنه هذا هو مشكل الدول الخليجية اليوم رغم وجود موارد ضخمة كانت ستعطيها الهيبة لو إستثمرتها في إرساء العدالة عوض قمعها للشعوب .إن أزمة العرب لم تكن لتحدث لولا تصرفات بعض العرب المشينة .إن نجاة أي دولة أرادت لنفسها الاستمرار هي تحرير منظومة العدالة ليحس الفرد أنه المكون للأسرة والمجتمع والدولة ،لا أن يحس بأنه مهمش وعليه البحث عن ملاذ آخر..إن السياسات العربية لم تكن في حد ذاتها تقبل التغيير،بل كانت تتكأ على العائلات النافدة والبرجوازية التي عثت فسادا دون رقيب أو حسيب،ولم يكن بناء الأوطان هدفها في حين كانت فئة تعمل بعرق جبينها لتخليص أوطانها من براثين الفقر التي أسسها الاستعمار بقوانين جائرة لا تليق بالعبيد..نعم لقد حرم هؤلاء من حقوقهم إبان الاستعمار ومع الأسف بعده…وأصبحت الأفواه الخبيثة تجني أموالا طائلة دون عناء وبحجة النضال الشفاهي والذي لا زالت إلى اليوم تتشدق به..فحين لاحت بوادر النهضة العربية من مصر تدخلت القوى الغربية لتدعم وكلاءها في المنطقة لحجب هذا التغيير حيث سجن وقتل من قتل في ظل غياب تام للحقوق والعدل،ومع الأسف صفقت له بعض القوى اللبرالية نكالا في خصومتها مع الإسلاميين رغم أنني أجزم أن الغباء السياسي للإخوان في مصر هو السبب الرئيسي وراء وأدهم ..ولأن دول الخليج تعلم علم اليقين أن الغرب قد أوجد من يخلفهم وقت الشدة.هته الدول لم تعمل يوما على إرساء العدالة في أوطانها،بل دأبت على دفع الرشى للغرب كلما زأر العم سام…هذا الواقع دفع بدول الخليج إلى ارتكاب أخطاء فادحة ،في العراق حين سلم على طبق من ذهب لإيران وأمريكا،ونفس الخطأ أرتكب في مصر حين ساعدت نظام القمع ليقضي على الديمقراطية التي كانت ستهز الكيان الإسرائيلي وليس دول الخليج،واليوم أصبح هذا النظام يكيد لدول الخليج مكرا لا مثيل له،ولن تقف مصر السيسي مع العرب بتاتا لأنه من طينة الحكام الذين يخافون على الكراسي أكثر من خوفهم عن الدين والهوية العربية .وستبقى مصر هذا النظام تزرع الشقاق بين العرب لأنها 

تريد زعامتهم لتبيعهم مثل بيعها للقمم العربية كلها…فحين أرادت السعودية تصحيح سياساتها اتجاه العرب نجد مصر تكيد لها مكرا ما أنزل الله به من سلطان…. …

لنرجع إلى دول المغرب العربي ونجد أن الحركات الحقوقية لها هامش كبير في كشف بعض الخروقات هنا وهناك خصوصا في تونس والمغرب ،وقد تؤثر إما سلبا أو إيجابا على التوجيه ،وقد يكثر صراخها وعويلها حين يتناول الإعلام قضية من القضايا الاجتماعية ،لكن هذا الأسلوب غير سليم،لأن المواطن يحس بالاطمئنان إلا إذا كان حقه مصونا بقوة القانون ،ولا شيء غير ذلك، وأن عليه واجبات للدولة والمجتمع من الواجب عليه صونها.إن ما نراه من تجني للبعض على البعض الآخر بحجة الحرية والحقوق ،وتفشي ظاهرة التدخل في ما لا يعنينا سببه عدم تطبيق القانون وإعطاء لكل ذي حق حقه .هذا الأسلوب غير سليم وتهضم فيه حقوق كثيرة،إن المعالجة الموسمية للقضايا الاجتماعية وتدخل السلط فيها بدل القضاء لن يكون صائبا،بل هذا المسلك لا يليق حتى بأحزاب سياسية أو حركات حقوقية متينة .إن العزف على وتر الشباب والمستقبل،والمرأة وحقوقها في الحملات الانتخابية لن تكون الوصفة الرزينة لتمكين هذا البلد من السير إلى الأمام،لأنت تشريعات هته الأحزاب هي نفسها التي تجحف في حق العمال الذين قدموا الغالي والنفيس لخدمة هذا الوطن ،ولم تكلف هته الأحزاب نفسها لإصلاح منظومة التشريع التي تطبق عليهم بعد سبعين سنة من خروج الاستعمار من بلادنا ،بل ما يزيد الطين بلة هو أن هته الأحزاب تدفع إلى إصدار تشريعات ظالمة أكثر قساوة من مخلفات الاستعمار… إن مغربنا قد قطع شوطا كبيرا في التنمية،وأصبحت كل دول العالم تشهد بذلك ،فبفضل السيإسة الحكيمة لهذا الملك الشاب ،أستطاع المغرب أن يبني ويشيد ما لم تقدر عليه دول تمتلك مقومات النمو أكثر منا عديدا وعددا،نعم لقد أصبح المغرب بلد يتغير في كل مجال مقارنة مع البلدان العربية..وسيبذل أعداء هذه الطفرة النوعية أقصى ما بجهدهم لعرقلتنا داخليا وخارجيا،لكن بعزيمتنا نحن المغاربة سنتصدى للكل ،ملكا وحكومة وشعبا، ذلك باحترام القانون وجعله مظلة لكل فرد من هذا المجتمع، وأن يكون الشعب سواسية أمام القانون وليس إتباع الطرق السالفة الذكر،لأن العدل الثابت والمستقيم هو الضامن الرئيسي لبناء الأوطان، إن كنا فعلا نريد ذلك…وشكرا