بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

قام السيد رئيس المجلس البلدي الجديد رفقة طاقم من معاونيه يوم عيد الأضحى المبارك بزيارة للمستشفى الإقليمي بتاوريرت، تفقد خلالها أحوال المرضى ووقف على سير الأعمال في أقسام هذا المرفق الاجتماعي الذي ينبغي ان يحض بأولى أولويات المجلس البلدي، كيفما كانت هذه الزيارة بالنسبة إلينا بروتوكولية أو مرائية أو مجاملاتية، سنعتبرها إلى حد ما ايجابية ،ونحسبها مبادرة طيبة ،ولكن يبقى السؤال القبلي و البعدي مطروحا في انتظار النتيجة والحصيلة وراء هذه الزيارة ،ونتمنى أن يكون رئيس مجلسنا البلدي قد عاين الأوضاع المتردية داخل هذا المستشفى، والتي يعاني من رداءتها الطبيب والممرض والمريض على حد سواء، ونتمنى أن يكون قد وضع يده على احد الملفات الاجتماعية التي يجب أن تحضا بأولويته كمسئول يرى المسئولية تكليفا لا تشريفا ،كما رآها سيدنا عمرو بن عبد العزيز حينما حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس بقوله ” أخاف أن تعثر بغلة في العراق فيسألني الله يوم القيامة لماذا لم تصلح لها الطريق يا عمرو”
قد يكون ملف المستشفى الإقليمي بما يحتويه من شوائب ويتضمنه من عوائق تنعكس سلبا على صحة المواطن بالدرجة الأولى، ويتعلق الأمر بما يفتقرا ليه من موارد بشرية من ممرضات وممرضين واطر طبية ،باعتبارها عناصر أساسية للنهوض بالقطاع الصحي في هذه المدينة ، مرورا بمرافقه وطاقته الاستيعابية الغير كافية وتجهيزاته المتدنية ، التي لا ترقى إلى مستوى الضرورة الحتمية التي ينبغي توفيرها لمعالجة المرضى وإتاحة العمل للطاقم الطبي في ظروف حسنة ، وباعتبار كل ما ذكر كأهم ما يمكن اعتماده من اجل إعطاء دفعة لهذا المرفق الصحي الذي تؤمه ساكنة الإقليم في حواضره وبواديه ومدنه وقراه ، غير أنها تبقى من الشبهات التي تبرر إلى حد ما كل الأحكام ، الناجمة عن كمية الحبر التي أسالتها في شانه كثير من الأقلام ،وإجابات عن كل سؤال ترامت بعده مئات علامة استفهام ، وتنفي كل ما توجهه إلى طاقمه كثير من أصابع الاتهام .
إنها شبهات ومبررات قد تبدو معقولة إلى أن يشمل الإصلاح كل مرافق هذا المستشفى وتجهيزاته وتحسين ظروف العمل لأطبائه وممرضيه وممرضاته وتوفير العلاجات لنزلائه وللمتوافدين عليه وإلا سيسأل الله كل مسئول ذو صلة به يوم القيامة لماذا لم يوفر لهذا المستشفى ما يلزمه لخدمة عباده المتألمين والمتوجعين ولماذا لم يقدم لهم كل ما في وسعه بما يخفف عنهم الألم والوجع
من حيث الشكل يجب أن يعلم السيد رئيس المجلس البلدي، أن هذا المستشفى يبدو حسب حاله في نظر العارفين والمهتمين بالشأن الصحي انه لم يكن يرقى إلى مستوى المستشفى الإقليمي من حيث ما يتوفر عليه من ندرة في اطر طبية متخصصة ،وقلة في الممرضات والممرضين أكفاء ،بغض النظر عن المرافق الأساسية والتجهيزات الضرورية التي بدونها لا يمكن لأي طبيب أو ممرض أن يؤدي مهمته في ظروف غير ملائمة ،وأشير على سبيل المثال لا الحصر إلى مستودع الأموات بهذا المستشفى الغير المجهز بما يلزمه من مستلزمات في الحد الأدنى من اللياقة بجثث الأموات وبكرامة الموتى .
مرورا بقسم المستعجلات الذي يفتقر إلى اطر طبية وممرضين ويحتاج إلى توسعة .قد سمعنا منذ زمان عن مساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المقدرة بحوالي خمس ملايين درهم خصصت لهذا الغرض دون أن نرى لها أثرا على ارض الواقع ، ناهيك عن السكن الوظيفي للأطباء الذي توقفت الأشغال في انجازه منذ حوالي عشرين سنة لأسباب مجهولة، وقد كانت من الأسباب الغير المشجعة على رغبة المتخصصين في مزاولة مهامهم بمستشفى هذه المدينة
هذا غيض من فيض ،ترى هل سيستطيع السيد رئيس المجلس البلدي أن يتأبط هذا الملف حتى يضعه بين يدي السيد وزير الصحة شخصيا ، ولا يغادر مكتبه إلا وهو متأبط بحلول سريعة لكل هذه الإشكالات التي يعاني منها السكان والأطباء والممرضون ،فتجعلهم جميعا يشتغلون ويعالجون في ظروف ملائمة كما تجعلنا كصحفيين موضوعيين على أهبة الاستعداد لتقييم أدائهم
إلى هذا الحد قد تكون زيارة رئس مجلسنا البلدي لهذا المرفق ايجابية ومبادرته إنسانية ،فإما أن تسجل في سجل حسناته وأخلاقياته ، أو تبقى مجرد رقصة من رقصات كثير من المسئولين أمام عيون الكاميرا، وشطحاتهم أمام عدسات آلات التصوير ليس إلا .