بقلم : قدوري الخضير 

الخضير قدوري

 

جريا على العادة المالوفة نظم السيد عامل إقليم تاوريرت حفلا تواصليا مع أفراد الجالية بمناسبة يومهم الوطني غير أن مراسيم الاحتفال كانت تختلف هذه السنة نوعا ما عن السنوات الماضية بتزامنها مع ظرف حساس جاد بنكهته السياسية وألقى بظلاله على الحدث جعله يزيغ عن شعاره المتعلق بمسارات نجاح المرأة المهاجرة وتحديات المستقبل
في هذا الصدد حاول السيد العامل عدم فسح المجال للمتاجرين بقضايا الجالية التي انصبت في اتجاه قرار منع تسليم رخص البناء على الأراضي الغير محفظة سيما في بعض التجزئات السرية كتجزئة اللويسي على سبيل المثال التي تورط في مستنقعها عشرات الضحايا من أفراد الجالية الذين طال قرار الهدم بناياتهم محاولا إقناع هؤلاء بأن ما يهدف إليه بقراره هو في خدمة صالح المدينة وساكنتها ومن بينها أفراد الجالية وحماية لهم من المفسدين والمجزئين السريين وأباطرة الأرض الذين استولوا على أموالهم بطرق احتيالية ووثائق مزورة برسالة بينة إلى ضرورة محاكمة هؤلاء محثا أفراد الجالية على تقديم الشكايات ضدهم إلى النيابة العامة لتتحمل مسئوليتها في اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة والعمل على حماية المتضررين والمنصب عليهم بإشارة واضحة إلى ساكنة حي اللويسي عامة والذي يحتوي على أكثر من ثلاثة هكتارات وساكنة تفوق الثلاثمائة نسمة كثير منهم من أنجز بناء مسكنه بطرق فوضوية على حد سواء بقلة من تم تسوية وضعيتهم الإدارية بعد اندماج هذا الحي ضمن تصميم التهيئة داخل حدود المدار الحضري ليصبح واقعا يفرض على الإدارة إعادة هيكلته حتى يمكن لساكنته الاستفادة من مزايا بنيته التحتية إلا أن الجهات المعنية لا تريد أن تصلح ما أفسده الآخرون أو تتحمل وزر الوازرة الأخرى ما يعني أن المجزئ السري والمتورط في هذا المستنقع الذي يغرق فيه ضحاياه والذي كان من الواجب أن يطله القانون ليتحمل مسئوليته ما دام قد استخلص أموالا طائلة إلا انه ظل متربعا على كرسيه في الصفوف الأمامية وكأنه يتحدى ما يسمى القانون الذي يتحدث عنه السيد العامل .
في هذا الصدد وأمام المشاكل المطروحة التي يعاني منها سكان هذا الحي ومن بينهم أفراد الجالية المنصب عليهم من طرف المجزئ المذكور الذين تقدموا إلى السيد العامل بتظلماتهم من طرف السلطة التي قامت بهدم بناياتهم في هذا الحي رغم توفرهم على رخص بناء تجعلهم في وضع قانوني في حين يعتبر السيد العامل هذه الرخص غير قانونية مادامت الأرض غير محفظة باسم صاحبها والتجزئة سرية غير مرخص لها وقد وجه عناية هؤلاء المتضررين من أفراد الجالية وغيرهم إلى ضرورة رفع شكاياتهم إلى النيابة العامة ضد أمثال هؤلاء المفسدين حتى يمكنهم استرجاع أموالهم أو تمكينهم من تسوية أوضاع عقاراتهم على حساب من باع لهم هذه الأرض .
لكن نرى بدلا من تدخل النيابة العامة بناء على شكاية فرد أو أفراد يعتبرون ضحايا نصب واحتيال وابتزاز قبل ذلك ينبغي أن تفعل بناء على شكاية قد تتقدم بها الوزارة الوصية على الملك العام في شخص السيد العامل الذي من حقه أن يفعل ما يمكن فعله في إطار القانون فينجز محضرا ضد المتراميين على الملك العمومي أو المتاجرين بحاجات المحتاجين ثم يحيله على النيابة العامة .
فإذا كان الوقت الضيق لا يسمح لأفراد جاليتنا بخوضهم هذه الحرب الطويلة ضد عدو يبدو عصيا حتى على السلطة نفسها التي تبدي عجزها على وضع يدها على ملفاتهم الحارقة وبالأحرى مواطنون مغلوب على أمرهم فإنهم غير ملومين على ما يقومون به من عمليات بيع وشراء في الأرض بهذا الشكل باعتباره نوعا من التعامل المتعارف عليه كعرف سائد جرى به العمل على أكثر من ثلثي سكان هذه المدينة ومنذ عدة عقود في غياب قوانين صريحة وضوابط منظمة نتيجة ما ذكر فان أية مصادقة على عقد بيع وتسليم رخصة بعد موافقة اللجنة الرباعية تعتبر تزكية قانونية لما يسمى اليوم الفوضى والفساد وفي نفس الوقت اعتراف ضمني بتحايل كل الأطراف على المواطنين عامة وأفراد الجالية خاصة وما يزيد الطين بلة تداخل مختلف المصالح للمصالح كل ذلك ربما قد لا يشجع على دفع عربة الإصلاح إلى الأمام ويساعد على معالجة هذا المشكل بين عشية وضحاها وليس منع تسليم التراخيص أو سحبها في نظري قد يساعد على إيجاد الحلول المنصفة وربما تكون هناك معالجة أسهل بطبيعة الحال إذا ما توفرت الإرادات وحسنت النوايا واستبعدت الأغراض الشخصية ولكن تحقيق هذا المبتغى ليس بالأمر الهين وقد يكون من سابع المستحيلات .
فالمواطنون المغلوب على أمرهم كأفراد الجالية الذين يزورون وطنهم مرة في السنة ويقيمون فيه أياما معدودة لا يرجى منهم تغيير الوضع المتعفن منذ عشرات السنين فإذا كان الفساد يبدأ من القاعدة يجب أن يأتي الإصلاح من القمة كان حريا بالسيد العامل المحترم من وجهة نظري الخاصة أن يبدأ الإصلاح من حيث بدا الفساد وهو من ينبغي أن يعرض ملفات المفسدين على النيابة العامة حماية للملك العام وعلى أساسه تنبني حماية المواطن فتلزم النيابة العامة بان تقوم بدورها وأما أن يصبح هذا المواطن المتضرر ككرة التنس تتقاذفه مضارب المتناقضات في ملاعب الداخلية والعدالة وبين مختلف الإدارات والوزارات أمر قد لا يساهم في حل المشاكل التي يتخبط فيها مواطنون أبرياء كل ذنبهم أنهم اقتنوا قطعا أرضية في وعاء عقاري معظمه غير محفظ ولا يراد تحفيظه ليظل شبهة يدرأ بها حقهم في الحصول على رخصة بناء بقدر ما تشجعهم على العشوائية والفوضوية والبناء دون رخصة .