بقلم : الخضير قدوري 

الخضير قدوري

 

 

طالما قلت لبني أمي  فلم يع بنو أمي مقالتي  وخاطبتهم فلم يدركوا كنه إدراكي  قد يهمني وقد لا يهمني الأمر بقدر ما يهمني أن أقول لبني أمي  وأخاطبهم بما اهتدى إليه صوابي من موحيات لست مستعدا ولا قادرا على نقل الصراع بشأنها من  داخلي إلى خارج ذاتي وبعيدا عن نفسي

    فقلت لنفسي قبل أن اتهم بني أمي أن ما يسمى السياسة المنبثقة عن أحزاب في مغربنا سوى خدعة لتبديد الافكار الغير مستقرة وتحجير الادمغة الغير ثابتة  فلم تسمع نفسي مقالتي , ولا فهمت ذاتي بان الكذب هو المفهوم الحقيقي للسياسة  فتقتنع ذاتي بأدلتي

    ثم رجعت لبني أمي  فقلت : إنما يتبع الشعراء الغاوون وهم في كل واد يهيمون ويقولون مالا يفعلون كذلك  يفعل السياسيون قد يتبعهم الطامعون وهم يعدون بما لا يملكون فان كان الأولون في كل واد يهيمون فلم لا يكون الآخرون على أتباعهم يضحكون قلت لبني أمي استيقظوا فما حياة النيام  سوى أضغاث أحلام قد تنتهي عند اليقظة أفيقوا فما خطب السياسيين سوى أضغاث كلام ابعد ما يكون من الحقيقة واقرب ما يكون من الضلالة فلم يستيقظ أبناء أمي  من سباتهم  ولم يستفيقوا من غفلتهم منذ نصف قرن مضى من عمرهم قضوه في كهف مظلم  ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وما زال أبناء أمي في نومهم يغطون يحتملون   لسعات البراغيث على فراشهم البارد ألا بئس الحياة  حياة  بني أمي من أجابني  بعضهم بقوله

 

  ـ   بل نعم الحياة حياة النيام  ونعم المتع أضغاث الأحلام

 ـ  فالي متى ستبيتون فرائس تتجاذبكم البراغيث ويمتص عناصركم البعوض ويلوث صفاء عيشكم الذباب وانتم عن كل ذلك مسترسلون في نومكم يحتويكم النسيان وانتم لا تشعرون

 ـ والى متى نضل نحتسي السموم المعتقة  ونتوارى خلف دخان الغلايين الداكنة عن الحقيقة القاتلة هلا قتلنا نصف العمر في عالم السياسة فنذبح ما تبقى على هياكل الأحزاب أم تريدنا  نخرج من عالم عدم اللامبالاة إلى عالم الوعي لنشقى كما يشقى كل ذي علم في النعيم بعلمه وينعم في الشقاوة كل ذي جهل بجهله ألا نعم الحياة حياة المجانين

ـ  بالله عليكم قبل أن تنقضي أعماركم وانتم غافلون عن قيمة الحياة بربكم قفوا هنيهة قبل موتكم وفركوا عيونكم وامسحوا سنة الغمض والرمد عن أجفانكم   وانهضوا من فراشكم عسى أن تغادر البراغيث مخادعكم وقوموا من مراقدكم الباردة وانفضوا الغبار عن غطائكم  ثم قفوا جميعا وولوا وجوهكم  للشمس لتعانقوا واقعكم وتواجهوا حقيقتكم وتطاردوا أضغاث أحلامكم وتحاربوا أضغاث كلام جهلائكم الذين تأتمنونهم عن مستقبل حياتكم  قوموا في مقامكم إن الاستسلام للهوان لن يجديكم   ولا الاسترسال في عدم اللامبالاة يفيدكم  

        هلا تململت أرواح  بني أمي  في أكفانها وتحركت أجسادهم  فوق فراشها وتحت غطائها هل انجلى ليلهم وانكسر قيدهم وانفرج باب كهفهم لتتسرب إليهم أشعة الشمس ثم ينظرون إليها بعيون جامدة واجفان غير مرتعشة وهل قاموا على أقدام ثابتة  فاستجابوا لقدرهم ثم عانقوا الحياة  وهل فهم بنو أمي  كنه ذاتي وسمعوا مقالة نفسي  لكن أرجو أن لا يكون استيقاظهم  بعد غروب الشمس وغياب القمر فيلاقون من جديد ليلا لا ينجلي مرة أخرى ولن ينجلي  فيستسلم بنو أمي إلى نومهم الأبدي