بقلم:الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

فضائح أخلاقية تتالى وتتوالى ،وغضبات شعبية تناسل وتتزايد ، وسخط اجتماعي يتمادى ويتمدد ،وانحلال أخلاقي على منابر إعلامنا يشخص ويجسد ، وفساد عارم يعم كل القطاعات من الزين السينمائي إلى فضيحة موازين مغرب الثقافات ،إلى فن “فيمن” صومعة حسان، فإلى فضيحة تسريب مواد الامتحان ،والباقية تأتي والشعب المغربي من أقصاه إلى أدناه ، يصرخ ويستغيث ومحمداه ،أدرك ما أنت مدركه وأنقذ ما يمكن إنقاذه ،فالغضب الثائر آت، والسخط الجارف قادم، والمغرب المستقر بدا يهتز من الداخل، فلا تحسبن المتربص به بغافل، شمر واتزر والبس جلد النمر، لمواجهة هذا التحدي الخطير، واحشد له كل ما أتيت من قوة ونصير، إنها أعراض ورم بدا ينتشر، وبشكل فضيع في جسم هذا المجتمع النخر، الذي لم تعد مناعته تمنعه من تفشي هذا الورم الخبيث، الذي أصبحت الضرورة تستدعي استئصاله بواسطة عملية جراحية مدققة ، تبدو نسبة نجاحها جد محدودة ،وقد تتحمل مسئوليتها وزارتا ما يسمى الثقافة بالدرجة الأولى ،وما يسمى التربية الوطنية ولم يبق فيهما من الثقافة والتربية إلا الاسم. إن دل هذا على شيء إنما يدل على أن الضرورة الحتمية تتطلب من الوزارة الأخيرة إعادة مواد التربية الوطنية والإسلامية والأخلاق إلى برامجها التعليمية ،ومن الأولى إعادة النظر في كلمة الثقافة التي أضحت وصمة عار على جبين المثقفين ،علما أن كل ما حدث ويحدث ناجما عن إفراغ هذه المسميات من محتواها، وعن عدم تشبع ناشئتنا بالروح الوطنية ،وخلو أجيالنا من الغيرة الدينية ،وافتقار مجتمعنا للقيم الأخلاقية والوعي الثقافي
فالشعب الذي يحارَب في الداخل لا يحارِب الدخيل، وما كانت هذه الممارسات لا أخلاقية إلا الشرارة التي يمكن أن ينشأ عنها الحريق الذي قد يأتي على الأخضر واليابس ،والجذوة التي تشعل الفتن ،وممارسات قد تغذي الإعلام المناهض لأمن هذا البلد وتهدد استقرار هذا الوطن ، لقد بدأ هذا الأخير من شرقنا وغربنا يوجه إلينا انتقادات لاذعة، ويسدد نحو قيمنا سهاما قد تصيبها في الصميم ، وتؤثر إلى حد بعيد في أعماقنا الدينية ،وتتوغل في أغوارنا الاجتماعية ،وتضرب في صلب ثقافتنا العربية ، باعتبارها من الركائز الأولية والدعائم الضرورية والقواعد الأساسية التي تتأسس عليها مؤسساتنا الوطنية ،مما لا ينبغي أن يكون غلونا في الانفتاح على العالم باسم تحضر وتمدن وديمقراطية لا تتناسب مع هويتنا الوطنية ،ولا تتماشى مع تقاليدنا، ولا تتجاوب مع أعرافنا وعاداتنا ،ولا تحترم ديننا وثقافتنا ، وإذا كان استغلالنا المفرط لحرية التعبير التي تطال شرفنا وسمعة بلدنا ،وتسمح بفتح الباب على مصراعيه في وجه من يرغبون في النيل من كرامتنا ،وتحط من المكانة المرموقة التي يحظى بها بلدنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة، قد يكون ذلك تجاوزا للخط الأحمر في ملتنا وعقيدتنا ، من المفروض أن يكون ردنا قاسيا وبلا هوادة
فلا ينبغي أن تزعجنا الانتقادات اللاذعة ،وتهمنا الاتهامات القاسية التي توجه إلينا عادة من طرف حساد النعمة ، وأعداء وحدتنا الترابية ،وإلا ما كان من الواجب علينا أن نمنح الفرص لتبرير هذه الانتقادات وتزكي الادعاءات، على غرار ما أثاره مهرجان موازين الفضائح المنظم من طرف جمعية أسندت مواده لمغرب الثقافات ،ونسبت أفعاله للرعاية الملكية ،وهو ابعد ما يكون في واقع أمره من رعاية أمير المؤمنين ومن الثقافة المغربية ، رغم ذلك سيظل فعل هذه الانتقادات مؤثرا في أعماقنا تأثيرا سيئا أولى بنا أن نحاسب فاعلها حسابا عسيرا ونطالب بمعاقبته عقابا شديدا
وإذا كانت الراقصة العارية تتهم مغرب الثقافات بالمتخلف ،وتصف الشعب المنفتح على الفنون بالغبي ، إلى حد ما قد تكون في نظر بعضهم على حق ،لان هذا البلد قد منحها لقب الفنانة الراقية وملأ حقائبها بملايين الدراهم من حساب شعب يعاني معظمه من حاجته إلى شغل وعلاج وتعليم، وزواج وتكوين اسر، إلى جانب ضروريات حياتية أخرى. وقد رقص جله لرقصتها ومال لميلها ،وصفق لتعريها وتفاعل مع حركاتها المثيرة للشهوة الحيوانية ،حقا لم تكن ستلقى هذا التجاوب لدى شعب يرضى بهبوطه إلى مستوى ابتذالها. قد يكون جمهورنا المحتشد حولها جمهورا متخلفا حقا ،وليس منفتحا ولا مثقفا ولا حتى متخلقا في شرعها وشريعتها ،حقا عليها أن تسميه ما تشاء، وتنعته بما تشاء، وتصفه كما تشاء، لأنه نزل من عليائه وتنازل عن كبريائه ، وتخلى عن مكانته ثم رفعها مكانا عاليا على حساب تواضعه ، ثم تطاول إليها بأعناقه ليشاهد عورة عاهرة أمريكية تحسبها قد تختلف عن عورات نساء العالم
فان تتهمه فقد اتهم قبلها من طرف أمثالها بكونه شعبا ينتج الرذائل، وبلدا يصدر المخدرات ومجتمعا يتاجر بالدعارة ،وجمهورا يميل حيثما تميل الرياح ، فلا بأس إن أصبح هذا البلد اليوم مستوردا للفساد الأخلاقي، وشعبه يستقبل على منابره الشواذ الجنسيين والمثليين و ، و ، باسم الفنون والثقافات ليفتح بذلك الباب على مصراعيه في وجه كل المتطرفين العقائديين،والاجتماعيين وللعلمانيين والمتقولين ،والمتكلمين والمعبرين المتحررين . فإذا كان المشرعون تحت قبتهم ،والمحترمون في مجلسهم، والحكومة في مقدمتهم ،لا يرون في الأمر ما يتعارض مع قيم هذا الوطن، ولا يجدون في جعبتهم جوابا يشفي غليل المتسائلين، حول ما راج ومازال يروجه مهرجان الموازين ،على ركح مغرب الثقافات، فتتناقله مباشرة على شاشاتها القنوات ، فتبثها على مرأى ومسمع من تسرق أموالهم كذلك دون أن تحترم مشاعرهم كتحد لإرادتهم، وأحيانا قد يكون نوع هذا التحدي من إحدى مصائب هذا البلد التي أصبحت تستدعي تدخل بعض السلفيين على الخط لتناشد صاحب الجلالة بصفته أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين لمجرد إعلانه هذا البلد بلدا إسلاميا ويسمح لهم تحت إمرته محاربة هذا الفساد الذي ينخر المجتمع ،ويطال الأسر المغربية، بإشارة واضحة إلى عجز وفشل الحكومة الحالية على الوقوف في وجه هذا الفساد الجارف، الذي يجر المغرب إلى مالا يحمد عقباه ،ويجرف الشعب إلى الهاوية
لاشك في أن الشعب المغربي المحافظ سيساند طرح هذا التيار ويتعاطف معه إلى حد قد يؤثر تأثيرا سلبيا على الاستحقاقات المقبلة ،وعلى الحرية والديمقراطية في هذا البلد الذي يسيل له لعاب الطامعين ،ويثير حقد الحاقدين المتربصين به الفرص والمصدرين إليه أسباب الفتن من ضمنها هذا الانحلال الأخلاقي باعتباره من الأسباب الحقيقية التي أدت عبر التاريخ إلى إسقاط أنظمة تعالت فتهاوت ، وعجل بنهاية حضارات شمخت فدكت دكا ثم انهارت .