بقلم : عزالدين قدوري

كاريكاتير الجمعية

 

قبل تناول موضوعنا حول العمل الجمعوي التاوريرتي بالحديث لا بد من إعطاء صورة عن الوضع الاجتماعي والثقافي . فمدينة تاوريرت رغم موقعها الاستراتيجي ودورها التاريخي وتعداد ساكنتها ورغم ما تتوفر عليه من وسائل للانتاج من شأنها ان تجعل منها إقليما رائدا وسط أقاليم المملكة إلا أنها لا تزال تتخبط في مجموعة من المشاكل وعلى رأسها تراجع أداء العمل الجمعوي . وقد اخترنا هذا الموضوع للمناقشة باعتبار العمل الجمعوي يعد إحدى ركائز و رافعات التنمية التي أصبح يعول عليها في الوطن على العموم وفي مدينة تاوريرت على الخصوص ونحن نقصد طبعا العمل الجمعوي الجاد النابع من الواقع المحلي والذي يتعاطى معه ويسعى لخدمته ، العمل الجمعوي المهتم بالقضايا المصيرية أكثر من تلك الأنشطة التكميلية . العمل الجمعوي ذاك الواعي بمهامه وأهدافه والذي تحكمه رؤية إستراتيجية واضحة .
لكن وبالرغم من صدور عدة قوانين تنظيمية لهذا الحقل وعلى رأسها ظهير الحريات العامة الصادر سنة 1958 المعمول به الى الآن حسب آخر تحيين له في سنة2011 و الذي يحمل في طياته قيم الشفافية و الديمقراطية التشاركية و الحكامة و تكافؤ الفرص ، وتجاوز ثقافة الإتكالية … إلا أن بعض المواطنين من تاوريرت على الخصوص لم يعيروا أي اهتمام لهذه الخطوط العريضة والتي يجب أن تحفظ في الصدور كإحدى أهم المبادئ الأساسية لنجاح العمل الجمعوي في حين نجد جل اهتمامهم منصب فقط على الأموال و المنح الضخمة التي خصصتها الدولة لتمويل مشاريع مدرة للدخل و التي تستهدف بالدرجة الأولى الإنسان و تقوية قدرات الفاعلين الأساسيين .
ولعل المتتبع للعمل الجمعوي التاوريرتي أصبح واعي ومدرك جدا لما يروج في الساحة وما يهدد الإرث الثقافي والاجتماعي المحلي ، و يساهم في عزوف فئة الشباب المثقف على وجه الخصوص . بعدما أصبح الوسط المحلي منذ وقت قريب يعرف تسارعا محموما في تأسيس الجمعيات المرتبطة بالتنمية من طرف بعض الأميين و الوصوليين والانتهازيين ممن لا يهمهم إلا الظهور وحب الشهرة ، تجدهم ينفقون جل وقتهم في الهرولة بكل السبل علهم ينجحون في الحصول على دعم مالي لجمعياتهم ، يحققون من خلاله مركزهم الاجتماعي و المالي الشخصي بطرق ملتوية وأساليب احتيالية . و يتملقون ويتشدقون إلى أصحاب القرار للاستفادة من الريع الجمعوي . متجاهلين أن العمل الجمعوي في حقيقة الأمر هو تطوع و تضحية من أجل أغراض المنفعة العامة وليس المنفعة الخاصة و هم بذلك يؤسسون لنشأة فساد جديد هو الفساد الجمعوي الذي يمارسون فيه هوايتهم المعهودة للكسب غير المشروع .
لذلك وحتى يتم توقيف هذا الفساد عند حده بات من الواجب على الدولة ربط العمل الجمعوي المستفيد من الدعم المالي بالمحاسبة من خلال تشكيل لجان صارمة لمراقبة هذه الجمعيات تطالبها بشكل دوري بالكشف و التصريح عن أوجه صرف المنح المخصصة لها ، بكل الإثباتات و الوثائق الرسمية التي تبرر طريقة تدبيرها للدعم الذي تم رصده لها حتى لا يتم الإفلات من العقاب وتكرار التلاعب بالمال العمومي .