بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

       لقد كثر اللغط في كواليس الحكومة حول الزيادة في غاز البوطان ،ومازال الخبر الرائج يثير الجدل في الوسط الشعبي ما بين مصدق  ومكذب  لما تعتبره الحكومة تارة باسم وزير حكامتها مجرد إشاعة ،وتارة باسم رئيسها حقيقة لابد منها .ذلك عندما تتذرع بان ستين بالمائة من هذه المادة يستفيد منها ملاك المزارع والضيعات الشاسعة ،وأرباب المطاعم والفنادق الفاخرة ،وأباطرة المركبات الفارهة وغيرهم، وقد حصرت عدد هؤلاء في بعض الآلاف القليلة ، اجل انه بكل سهولة استطاعت الحكومة إحصاء هؤلاء الذين من اجلهم ستفرض على  كافة الشعب تعويض الدعم المزمع رفعه عن صندوق المقاصة ،دون أن تفكر قليلا في فرض رسوم أو نوع من الضرائب على هؤلاء المستهلكين الصناعيين والفلاحين والتجاريين ،بدلا من تفكيرها الكثير في المساس بالقدرة الشرائية لعشرات الملايين من المواطنين البسطاء والمستهلكين الضعفاء لهذه المادة الأساسية والحيوية ، باعتبارها أكثر حدة من الماء والبنزين والسكر والشاي بطبيعتها الغير القابلة للعوض والبديل . أم كانت حكومة العدالة تريد بهذه الزيادة زيادة الشحم في ظهر المعلوف، كما يقال وإفقار الفقراء واغناء الأغنياء، أم تريد مقايستها بحكم داوود عليه السلام في دعوى القسمة بين الأخوين ” إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها  وعزني في الخطاب “س ص ” وهل تعلم الحكومة كأنها بهذا تحرك الخنجر في الجرح الغائر، وإنها تلعب بالنار وتضع اللهب على فوهة البوطا غاز، وأيضا هل تعلم الحكومة أن ذر الرماد في أعين المواطنين لم يعد بالشيء الذي يجعلهم لا يميزون بين ما تدعيه ربحا ويرونه  خسارة وبين ما تراه إصلاحا ويرونه إصلاحا فاسدا ،حينما تعللهم  بالأمل في تمنيح الأرامل وإصلاح صندوق التقاعد ، ومساعدة العاطلين وغيرهم ، إلا أن كل ذلك يرونه مجرد وعود معتادة  تنصب في وعاء لا مصداقية الحكومة منذ أزلها إلى حين وجودها ، ودون أن يلمسوا منها مثقال ذرة على ارض الواقع ،فان كان هؤلاء قد احتملوا على مضض اثر الزيادة في المحروقات المنعكسة سلبا على معيشهم اليومي، حتى بعد الانخفاض العالمي في سعر النفط واستقراره في حدود اقل من خمسين دولارا للبرميل ،وخلافا لنظام المقايسة الذي كان من المفروض أن ينخفض بانخفاضه سعر اللتر إلى النصف وليس أن يرتفع إلى الضعف  ومازال سعر البرميل في العالم في انخفاض مستمر في حين مازال سعر اللتر في بلدنا في ازدياد مستمر،وسوف لن يستقر دون حدود العشر والخمسة عشر درهما ونرجو أن لا  تنجم عن ذلك زيادة أخرى في فواتير الماء والكهرباء، لاشك أن هؤلاء المواطنون قد تصبروا حتى اشتكى منهم صبرهم على البطالة والدخل المنعدم والمحدود  ، وسكتوا دهرا على خيبة أملهم في هذه الحكومة التي تبيعهم الوعود الكاذبة بعكس ما ذكر، وقد تم تفعيل هذه الزيادات بالسرعة القصوى ، لا أظنه هذه المرة  سيتصبر على الزيادة في قنينات الغاز التي تظهر من خلال هذا الاستطلاع خطا احمر ، وإنذارا بالخطر الذي قد يحدثه انفجار البوطا غاز ولا احسبه بعد ذلك سيجد لدى الحكومة شبهة تبرر قرارها فيعتبرها قدرا مقدرا وقسمة مكتوبة أو خطئا يحتمل الصواب والرضا بحكم العفو عما سلف   

     لذلك فان المواطنين مازالوا يترقبون بحذر شديد  وصمت رهيب حقيقة ما يروج أو ما يروج له في الشارع ،والذي بات حديث كل الأسر المغربية التي تطالعها  الحكومة مرة بالتصديق وأخرى  بالتكذيب ،وكأنها تريد بذلك جس نبض الشارع ، لعلها تجد منفذا إلى تحقيق ما اسماه الوفاء  بالإشاعة المغرضة ،ونتمنى أن تكون كذلك فيصدق الوفا ويكذب المغرضون ، كما نتمنى أن لا نرى ما يراه الأستاذ بنكيران فرضا مفروضا  وجب تحقيقه  وتمريره ولو رفضه الرافضون   

     لكن بعد استطلاعنا لرأي شريحة عريضة من المواطنين في هذه المدينة بخصوص هذه الزيادة ،التي يراها بعضهم  بمثابة النقطة التي تفيض الكاس ،في حين يرى الآخرون أنفسهم لا يختلفون في  حالهم عن حال  قنينات غاز قابلة للانفجار، حينما ستصبح هذه الزيادة بمثابة عود ثقاب قابل للاشتعال، ويبدو من خلال ما ورد في القول أن من سيتأذى بقوة هذا الانفجار مطبخ الحكومة بالدرجة الأولى، مما يتوجب على هذه الأخيرة توخي الحيطة والحذر، وقراءة العواقب قبل اتخاذها القرار الذي سيكون لا محالة حاسما في سياستها..؟ لذلك  فمن وجهة نظرنا نرى الخطر واردا والحذر واجبا ،وربما ما يراه المرء قد لا يراه الأخر