بقلم : عزالدين قدوري

 

كاريكاتير تاوريرت

 

حين يقرأ القارئ كتب التاريخ أو يسمع روايات الشيوخ عن مدينة تاوريرت واصفة إياها بالعراقة وبأيام الخير و الازدهار لما تتوفر عليه من ثروات طبيعية وما تتميز به من موقع استراتيجي جعلها في الماضي تعتبر مركزا لالتقاء القوافل القادمة من كافة جهات المملكة والقيام بالمبادلات التجارية التي مكنتها من لعب دور كبير عبر مراحل التاريخ الوطني يذهب به التفكير مباشرة إلى التساؤل :

كيف هي اليوم ؟ فيجيب في ذات الوقت وبكل ثقة بناء على ما سمعه من الروايات أن مدينة بكل هاته المواصفات وبعد هدا الزمن الطويل لا يمكن إلا أن تكون مصنفة الأولى أو الثانية على رأس قائمة مدن الجهة الشرقية من حيث التنمية الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية و السياسية …
نعم ، كذلك كان يجب أن تكون ، للأسف ، لكنها اليوم تعاني عدة مشاكل اجتماعية وثقافية وبنيات تحتية منعدمة، وسكنا عشوائيا، وترامي على الملك العام وسوء تسيير وبطالة في صفوف الشباب إنها مدينة يلفها الصمت والتهميش ، مدينة تعيش وضعية اقل ما يقال عنها أنها كارثية ويظهر ذلك من خلال :
سوء التسيير وتذبير المال العام الذي كان من سمات المجالس المتعاقبة على هذه المدينة ، و التي صرفت ميزانيات ضخمة دون أن تظهر نتائجها على ارض الواقع فتاوريرت كانت و مازالت كما هي تعاني خصاصا مهولا في كل المرافق والبنيات التحتية .
والمسئولين تحركاتهم لا تنسجم مع تطلعات الساكنة وانتظاراتها فبدل القيام بتوفير ظروف ملائمة لسبل العيش الكريم . لا نرى أي مبادرات تبعث على التفاؤل . كل شئ في تاوريرت يسير عكس اتجاه التنمية فلا نرى بها إلا التدهور البيئي المتجلي في الروائح التي تزكم الأنوف لقناة التصفية المتواجدة بالقرب من معهد اللوجيستيك و مصحة الرحمة التي ستفتح أبوابها قريبا و ثلوت مياه وادي زا الذي يعتبر موقعا ايكولوجيا للمدينة بسبب رمي المخلفات و النفايات والأزبال وبقايا أعمال البناء على جوانبه . كما يسجل انعدام أعمدة الكهرباء في بعض الأحياء . إضافة إلى الخصاص الكبير في قطاع الصحة الذي يعرف احتجاجات من الساكنة و خصاص في التعليم يظهر من خلال الأكتضاض الذي تعرفه بعض الثانويات و إهمال الجانب الثقافي الذي ظل ولا زال يعاني الإهمال الواضح من دار الشباب التي لا تستجيب لطموحات سكان تاوريرت و من تهميش روائيي وقصاصي وشعراء . . . المدينة الذين يعتبرون ثروة فكرية وثقافية يجب العناية بها والاستفادة من خبراتها .

إن هذه صورة بسيطة لحقيقة مدينة تاوريرت و هذا غيض من فيض مشاكلها التي تتراكم يوما بعد يوم ، و بهدا ، و في ظل كل هذه الظروف يمكن القول أن صورة البناء والإصلاح الجاد لمدينة تاوريرت ستظل غائبة وفي ذات الوقت ستبقى هاجسا ومطلبا شعبيا عند سكان تاوريرت الدين باتوا يؤمنون بان الحل الحاسم لجميع مشاكلهم هو في القطيعة مع كل أسباب تردي أوضاع المدينة.
.ولا يمكن لأبنائها المخلصين والمسؤولين الغيورين إنقاذها من هذا الواقع المتردي إلا بمحاربة أصحاب أفكار ومبادئ المصلحة الفردية .