تاوريرت بريس :

 تغيير أسماء الأحزاب الفرنسية لا يشفيها مما تعاني منه

 

 

كان الفرنسيون يقولون من قبل إنه لم يكن لديهم نفط ولكنّ لديهم أفكارا. وصحيح أن فرنسا استطاعت أن تطلق مؤسسات فاعلة في صناعة المحروقات على المستوى العالمي برغم أن كميات النفط التي تنتجها يشبه حالها حال قطرة في محيط. ومع ذلك، فإن أحزابا سياسية فرنسية كثيرة أصبحت غير قادرة على الاضطلاع بالأدوار الأساسية التي هي أساسا أدوار الأحزاب السياسية في البلدان الغربية وغير الغربية أي صياغة أفكار تساعد المجتمعات على التقدم وعلى حل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والعمل على إشراك الناس في تنفيذها من خلال الوصول إلى السلطة أو المشاركة في الحكم.وتحاول بعض قيادات الأحزاب السياسية الهامة في فرنسا اليوم تجاوز أزمة انعدام ‏ثقة المواطن بالطبقة السياسية من خلال السعي إلى تغيير أسمائها. وتتعلق هذه ‏المحاولات أساسا بالحزب الحاكم وبأهم حزبي المعارضة وهما حزب ” الاتحاد من ‏أجل حركة شعبية” اليميني التقليدي وحزب “الجبهة الوطنية ” اليميني المتطرف. ‏أما بشأن الحزب الاشتراكي الحاكم، فإن رئيس الوزراء الفرنسي الحالي مانويل ‏فالس المنتمي إليه لا يأنس كثيرا لعبارة “الاشتراكي” في تسمية الحزب. واقترح ‏مؤخرا صهره في تنظيم سياسي جديد سماه “المنزل المشترك” الذي قال عنه إنه ‏ينبغي أن يؤوي” كل القوى التقدمية”. ‏ولكن يبدو من الصعب جدا على رئيس الوزراء الحالي تحقيق هدفه لأنه بكل ‏بساطة ليس في موقع يسمح له بتنفيذ رغبة هي لديه منذ سنوات عديدة. فهو يعتبر ‏أن الحزب الذي ينتمي إليه تحجر شيئا فشيئا وأنه عليه أن يتخلى عن الأيديولوجيا ‏التي كانت يتبناها من قبل وأن يتأقلم مع المستجدات الاقتصادية والسياسية في ‏فرنسا وفي بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى وفي العالم كله انطلاقا من رؤية ‏ومنهجية هما رؤية الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ومنهجيتها والتي اضطرت إلى ‏إدراج الاعتبارات الاقتصادية في كل حساباتها دون أن تتخلى بالضرورة عن مبدأ ‏العدالة الاجتماعية.‏‏ ولكن الإصلاحات التي يسعى مانويل فالس إلى القيام بها اليوم في البلاد تثير ‏حفيظة أحزاب اليسار كلها. بل إن قياديين ونوابا اشتراكيين في البرلمان الفرنسي ‏هم جزء لا يتجزأ من الحاملين على رئيس الوزراء داخل مؤسسات الحكم ‏وخارجها. ‏وأما حزب ” الاتحاد من أجل حركة شعبية” اليميني الذي يحاول الرئيس الفرنسي ‏السابق نيكولا ساركوزي استلام مقاليده من جديد لمحاولة العودة إلى الحكم في ‏البلاد عام 2017 ، فإن كثيرا من قيادييه غير راضين عن مشروع ساركوزي ‏الرامي إلى استبدال اسمه باسم جديد. ويقول هؤلاء إن الرئيس السابق ينوي ‏استخدام الحزب الحالي لقضاء مآرب شخصية لا يوافق عليها جزء كبير من شرائح ‏المجتمع الفرنسي. ‏وفي ما يخص حزب ” الجبهة الوطنية ” اليميني المتطرف الذي أسسه جان ماري ‏لوبين عام 1972، فإن زعيمته الحالية مارين لوبين التي هي في الوقت ذاته ابنة ‏مؤسس الحزب، ترغب بدورها في تغيير اسم حزبها حتى تتخلص من الصورة ‏السيئة التي يحملها عنه كثير من الفرنسيين لاسيما أثناء الفترة التي كان والدها ‏يقود خلالها الحزب. ولكن الوالد المؤسس يرغي ويزبد ويقول إنه ليس من حق ‏ابنته تغيير اسم الحزب. ‏ويتضح من نتائج استطلاعات الرأي أن الفرنسيين عموما ـ أيا تكن انتماءاتهم ‏السياسية والحزبية والأيديولوجية ـ يقرون بأن تغيير أسماء الأحزاب السياسية ‏الفرنسية اليوم لا يشفيها مما تعاني منه أي من أزمة انعدام الثقة بالطبقة السياسية ‏برمتها. ‏

وكالات