بقلم : عزالدين قدوري

 مدينة تاوريرت، مدينة لها أهمية تاريخية و ذات موقع الاستراتيجي بالجهة الشرقية ؛ إلا أنها تتخبط في مجموعة من المشاكل، و تفتقد إلى ابسط الشروط الضرورية لتحقيق حياة كريمة للساكنة، فقد ظلت تئن تحت وطأة التهميش التنموي والاقتصادي و الثقافي لعقود من الزمن بالرغم من الوعود التي يطلقها المنتخبون في حملاتهم الانتخابية بتجسيد مشاريع تنموية تزيل هموم السكان.
و قد جعل هذا الوضع المزري الساكنة تدق ناقوس الخطر في أكثر من مناسبة، وتشتكي من المشاكل التي نغصت عليها حياتها وحولتها إلى جحيم لا يطاق.
فخلال ريبورتاج أنجزته “جريدة تاوريرت بريس” ، أجمعت العديد من القوى الحية و المهتمة بالشأن المحلي بمدينة تاوريرت على أن الواقع التنموي بهذه المدينة بات أكثر هشاشة إذ تعكسه وضعية الأزقة و الأحياء و كذلك وضعية الساكنة التي باتت تحتج على ابسط شروط الحياة الكريمة على مستوى الصحة والشغل و البنية التحتية … ، موضحين أن مدينة تاوريرت التي تتواجد بموقع جغرافي مهم باتت تعتبر من المدن الأكثر فقرا وتهميشا بالجهة الشرقية بسبب فشل الجهات المنتخبة المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي للمدينة.
يقول عبد الرحمان الرامي الإطار التربوي و الفاعل النقابي بمدينة تاوريرت، إن عدم اهتمام المسئولين على الشأن المحلي بهذه المدينة حرمها من مشاريع تنموية عديدة، فلا الطرق بلطت ولا الأرصفة بنيت و لا الحدائق و المساحات الخضراء شيدت، بالرغم من البرامج التي تم تسطيرها لأجلها.
يضيف عبد الرحمان الرامي في تصريح لجريدة “تاوريرت بريس”، أن المدينة بقيت تنتظر حلم التغيير مند عقود لكن للأسف ضاعت أحلام الساكنة دون تجسيد أي مشاريع تنموية تخرجها من دائرة اليأس الذي تعيشه، مشيرا إلى حدة المعاناة بالمدينة والتي تزداد بسبب جملة من النقائص والمشاكل على مستوى البنية التحتية كما هو الشأن على مستوى حي مولاي علي الشريف و الإهمال الذي طاله و طال السوق القديم به ، والذي جرى هدمه وبقى عبارة عن أكوام و ركام من مخلفات البناء مما جعله ملاذا للمنحرفين و تهديدا لحياة الساكنة في تجاهل تام من قبل المسؤولين.

بدوره، أوضح رمضان حران كفاعل سياسي بمدينة تاوريرت ، أن التجاهل هو العنوان البارز الذي تشتكي منه ساكنة مدينة تاوريرت رغم محاولات التواصل مع المسئولين في العديد من المناسبات، وكذا في العديد من المطالب و المقترحات التي تطرح عليهم لأجل النهوض بالمدينة وتأهيلها، على الرغم من احتوائها على العديد من المؤهلات التي لا يستفيد منها شبابها في ظل البطالة التي تحاصرهم. وقد ضرب مثالا بالوضعية التي يعرفها الحي الصناعي الذي اعتبره لا يحمل إلا الاسم ، و كذلك السوق الأسبوعي الذي يجعل المواطن يعاني بسبب الأتربة و الأوحال و بسبب بعده عن المدينة في غياب تام لحافلات النقل الحضري.
و أضاف رمضان حران قائلا من المفروض أن تكون المجالس المنتخبة في خدمة التنمية وتشكل عامل تحفيز و إنعاش للارتقاء بالحي الصناعي إلى فضاء لاستقطاب استثمارات هامة كفيلة بخلق حركة و دينامية اقتصادية بالإقليم ككل. لكن وللأسف هذا المسعى غائب منذ زمان، لأن الجهات المحركة للشأن المحلي بتاوريرت لا تملك رؤية حقيقية.
و ختم حديثه بالقول أن مدينة تاوريرت في حاجة إلى مشاريع تنموية واقتصادية كبرى حقيقية لانتشال الساكنة من البطالة والفقر و العوز .
من جهته قال محمد عباس من موقعه كفاعل جمعوي ،أن جل شوارع وأزقة مدينة تاوريرت تحولت في الآونة لأخيرة، إلى حفر خطيرة جعلت حياة المواطنين وزوار المدينة وكذا سائقي السيارات والشاحنات والدرجات تتحول إلى ساعات من الجحيم بسبب انعدام التبليط و العناية بالطرق .
و أضاف محمد عباس أن جمعية سائقي سيارات الأجرة قد حاولت التواصل مع مسيري الشأن المحلي بالمدينة لمناقشة هذا الوضع المهترئ لطرقات و أزقة المدينة و البنية التحتية ككل ، و قد لقيت استجابة مستحسنة من السلطة المحلية، لكنها في المقابل أخفقت مع المنتخبين بالمدينة.
و ختم بالقول أن وضعية الشوارع والأزقة والطرقات بمدينة تاوريرت باتت من المظاهر المزرية التي يتأسف لها المواطن و يندى لها جبينه . و هو الأمر الذي يثبت بالتأكيد أن مجالس المدينة فشلوا في تحقيق وعودهم الانتخابية، ولعل وضعية الطرقات و الحفر التي تطغى عليها خير دليل.
و في تصريح لجريدة ” تاوريرت بريس” ، قال عبد الرحيم الوافي كفاعل جمعوي ، أن ساكنة مدينة تاوريرت أصبحت تعاني و تشتكي من عدة إختلالات و أهمها تلك المرتبطة بالجانب السوسيواقتصادي مشيرا إلى أن مدينة تاوريرت تعاني من تفشي البطالة في صفوف الشباب رغم توفر المدينة على عدة أسواق نموذجية بعضها فارغ بالكامل و بعضها الآخر معظم محلاته مغلقة .
كما تناول بالحديث أيضا الجانب المرتبط بثقافة المدينة وتاريخها الذي يعرف إهمالا واضحا، خسرت المدينة بسببه كنيسة تاريخية جرى هدمها ، و حاليا حديقة لالة أمينة (الجيدو) التي أضحت ملجأ للمنحرفين، و السوق المغطى ( المارشي ) الذي يعتبر أيضا من المعالم التاريخية بالمدينة حيث كانت تتم فيه عمليات البيع والشراء بين المسلمين واليهود و النصارى ، و قد تم هدمه وأعيد بناءه بشكل حديث، لكنه لا زال مغلقا إلى يومنا هذا .
و ختم عبد الرحيم الوافي قوله ، نتمنى من المسئولين أن يهتموا ببنية و معالم المدينة و بساكنتها .
في ختام هذا المقال ، تجدر الإشارة إلى أن “جريدة تاوريرت بريس” ومن منطلق تجسيد مبدأ الوضوح والحق في المعلومة ، فقد حاولت التواصل مع المجلس الجماعي بتاوريرت علها تجد إجابة لأسئلة المواطنين ، لكنها لم تلقى أي استجابة.
و بالرغم من كل ذلك فان القوى الحية بالمدينة و في إطار مسئوليتها ، فإنها تطالب مسيري الشأن المحلي بإيجاد حلول حقيقية للنهوض بالوضع العام للمدينة ، خاصة الجانب المرتبط المجال السوسيوثقافي والسوسيواقتصادي، و ذلك من خلال استغلال الأسواق النموذجية و تسييرها بشكل معقلن ، و الاهتمام ببنية المدينة من خلال تعبيد الطرقات و توفير المساحات الخضراء ، والاهتمام بالجانب الثقافي من خلال إتمام المشاريع العالقة وفتح المغلقة ، و الاهتمام كذلك بالتراث التاريخي للمدينة .
وكل ذلك طبعا لن يتم بمجالس تفتقر إلى تصور متكامل لنموذج تنموي يستجيب لحاجيات الساكنة . و إنما بمجالس واعية بحجم المسئولية الملقاة على عاتقها ، مجالس منفتحة على المجتمع مجسدة لمبدأ الديموقراطية التشاركية .