بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

 

         إذا كانت حماية الملك العمومي واجبة ، فضمان حق المواطن من اوجب الواجبات منذ سنين عديدة كان ومازال الملك العمومي يحتل من طرف التجار وأصحاب المقاهي والباعة المتجولين ولم تكن هذه الظاهرة وليدة اليوم أو الأمس وإنما هي ظاهرة اجتماعية يفرضها الوضع الاجتماعي منذ عقود عديدة   في كل مدينة من المدن المغربية بصفة خاصة وفي كل مدن العالم بصفة عامة قد لا يمكن ربط أسبابها بزمن أو تحديد مسبباتها بمكان أو الإلقاء بمسؤوليتها في مرمى أية  جهة دلك  حينما يتعلق الأمر بمصدر عيش الفرد ويكون الدافع رغبته  في الحصول على الرغيف الكريم للأسرة كجماعة وقد لا يعني هذا مبررا للفوضى والتسيب في المدن التي يسودها القانون والانضباط في كل شيء  بالطبع  مع العدل والإنصاف وتدبير الشأن العام بحكمة وتبصر.

    فإذا كانت السلطة في المدينة تتجند من اجل ممارسة أسلوب الزجر في حق المتطاولين على  المرفق العمومي من التجار وأصحاب المقاهي والمهن الأخرى في إطار القانون الجاري به العمل والرأي العام بدوره قد لا يرى ما يبرر هذا الزحف على الملك العمومي الذي يستدعي تدخل السلطة ويجعله ايجابيا إلى حد ما ومقبولا في نظر المواطن حتى يمكنه يمكنه ممارسة حقه في التجوال في شوارع المدينة بحرية  والتسوق في راحة والسير على الأرصفة باطمئنان كما لا يرى أصحاب المحلات أنفسهم فيما ترمي إليه السلطة خرقها للقانون أو أي نوع من الشطط في استعمال السلطة ضدهم  لكن ما نجده شيئا ما يخالف ما سبق ذكره وما لم تستسغه شريحة اجتماعية أخرى من تتمثل في الباعة المتجولين الذين ترى السلطة إصلاحا بمطاردتهم من الشوارع والأزقة  وأحيانا اللجوء إلى حجز بضاعتهم وكل ما ملكت أيديهم من رأسمال وسلب أرزاق أسرهم الى حد قد يكون هذا التصرف في نظر الرأي العام شيئا يكسب المتضررين نوعا من عطف الشارع  باعتبارهم مواطنين يمارسون حقهم في التشغيل الذاتي  ويريدون  أن يعيشوا  بالحلال وان يكسبوا رغيفهم  الكريم بعرق الجبين .

    فإذا كان الأمر المتعلق بإفراغ الملك العام بشموليته يدعو إلى الإصلاح ومحاربة الفساد وحماية الاقتصاد وفرض سيادة القانون على الجميع وبسط الانضباط في المدينة شيء جميل جدا وعمل مرحب به من طرف عامة المواطنين الراغبين في التمدن والتحضر بخضوعهم  لكل القوانين والضوابط التي تنظم حياتهم في مدينة تعتبر بيتا لكل واحد منهم عليهم أن يحافظوا فيها على كل مرفق من المرافق الضرورية التي تعكس جماليتها ورونقها ونظافتها وكل ما يؤمن حياتهم وممتلكاتهم ويضمن سلامتهم ويوفر لهم الأمن والسلام  والحرية والاطمئنان ليس منهم ولا فيهم من يكره ذلك ولكن من باب الإنسانية وروح المواطنة يجب مراعاة ظروف مواطنين آخرين أحيانا قد ترتكب أخطاء  في حقهم فيخطأ العنوان إلى الإصلاح حينما يدفع بالتصدي  للأسباب التي تعاكس هذه الفضائل  إلى كل ما من شانه أن يساعد على التطرف الاجتماعي وإعداد هؤلاء المواطنين وجعلهم يتقبلون كل البدائل السلبية وينغمسون في كل الرذائل الخبيثة.

      فإذا كان الباعة المتجولون من الشباب العاطل ومن الآباء المكلفين بإعالة اسر وعوائل ليس لهم أي مورد للعيش وكسب رزق أبنائهم الصغار وآبائهم الشيوخ وأزواجهم إلا من عربة على متنها بضع حبات عنب يدفعها في شوارع مدينة لا تتوفر على سوق فواكه وخضر الم يكن هؤلاء الباعة أولا وقبل كل شيء  قد أدوا خدمة للمواطن قبل أن يكسبوا من ورائها فلسا يستعينون به على أود حياتهم جدير بهم أن يلاقوا التشجيع من كل الجهات بدلا من المطاردة باسم الضوابط والقوانين السالفة الذكر .

      كان على السلطة قبل ذلك أن تبحث عن الحلول الممكنة وعلى الأقل إيجاد أماكن لإحداث أسواق في كل حي على مدى أيام الأسبوع حتى يمكن لهؤلاء المغلوبين على أمرهم عرض بضاعتهم وكسب قوت يومهم ولا باس من أن تفرض عليهم في إطار القانون ضريبة محلية من اجل تغطية مصاريف نظافة المكان الم يكن هذا العمل الذي لا يكلف السلطة سوى كلمة أفضل بكثير من حشدها للقوة العمومية واستنفارها  ليلا ونهارا في كل شوارع المدينة من اجل  قطع الأرزاق والدفع بالوضع إلى التمرد والفساد والعنف  والسرقة وما إلى ذلك من دواعي الفتنة والفوضى والتسيب .  

     فلا تحسب السلطة بعملها على مطاردة الباعة المتجولين أنها تخدم مصلحة عامة المواطنين ولا تحسب أن هؤلاء يباركون عملها ولا يتعاطفون مع هؤلاء الباعة المتجولين الذين يقربون لسكان أحيائهم  حاجياتهم من الخضر والفواكه وغيرها في غياب أسواق للخضر وللفواكه في هذه الأحياء لذلك نرجو أن تفكر السلطة في خلق أسواق على مستوى الأحياء وعلى مدى ايام الأسبوع قد تكون بذلك قد دبرت الشأن المحلي بحكمة وبصيرة بدلا من المطاردة والزجر والحجز وسلب أرزاق شريحة تريد أن تعيش في هذه المدينة بعز وكرامة.