تاوريرت بريس :

 قال محمد عبد النباوي، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب (مؤسسة دستورية تمثل استقلالية السلطة القضائية)، إنه رغم أن مهنة القضاء ومهنة الصحافة تبدوان متعارضتين، «فإن الحقيقة غير ذلك»، معتبرا أنهما «متكاملتان في حماية المجتمع والنظام العام، ولا تسمح إحداهما للأخرى بالتجاوز. وكل واحدة ترصد سير الأخرى، وتمنعها من الزلل والسقوط».
و أوضح عبد النباوي في كلمة ألقاها أمس بالرباط، خلال افتتاح ندوة دولية نظمها المجلس، بشراكة مع منظمة اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، حول «دور القضاء في تعزيز حرية التعبير في المنطقة العربية»، أن الصحافة «تتابع أبحاث وأحكام القضاء وتنقلها للناس لتكون لهم أخبارا ذات عبر. أما القضاء فيلتقط بعض الوقائع، التي تنشرها الصحافة لفتح أبحاث وتحقيقات، قد تنتج عنها محاكمات»، تصبح بدورها مادة خبرية وأحاديث ذات عِبر لمن يعتبر. معتبرا أن «تعرف القضاة على مهام الصحافيين مفيد لهم في تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحافة. كما أن تعرف الصحافيين على المهام القضائية مُفيد للإعلاميين في تحليل الإجراءات القضائية والتعليق على الأحكام».
كما اعتبر عبد النباوي أن الصحافة «مهنة الشرف، وبهذا استحقت أن تحمل لقب «لسلطة الرابعة في العرف المجتمعي. وقال إن الصحافي مطوق بالتزامات قانونية وأخلاقية، تجعل حريته رقيباً عليه، والمسؤولية مناطاً لمهنته. مشيراً في هذا السياق إلى ما قاله العاهل المغربي الملك محمد السادس في الرسالة الموجهة لأسرة الصحافة والإعلام بتاريخ 15 نوفمبر 2002 حيث صرح بأن «الحرية والمسؤولية هما عماد مهنة الصحافة ومنبع شرفها، ولا سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون ممارسة لحرية التعبير… شريطة أن تمارس الحرية في نطاق المسؤولية».
من جهته، قال حسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة (الادعاء العام)، إن انعقاد أشغال هذا المؤتمر بمدينة الرباط يأتي في سياق تحولات عميقة يشهدها المغرب في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الإصلاحات التي عرفها مجال العدالة، والتي توجت باستقلال السلطة القضائية بمقتضى دستور المملكة لسنة 2011، والذي أسهم في تعزيز مكانة حقوق الإنسان والحريات، وفقا لمنظور الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع، وهو ما يتجلى من خلال إقرار الدستور لباب خاص (الباب الثاني) بالحريات والحقوق الأساسية.
وأشار الداكي إلى أن التجربة المغربية في مجال دعم مقومات ممارسة حرية التعبير تعد «تجربة رائدة يحتذى بها في العديد من المحافل الإقليمية والدولية»، مشيرا إلى صدور قانون جديد للصحافة والنشر سنة 2016 الذي يشكل «طفرة نوعية في مجال تعزيز حرية التعبير»، من خلال تكريسه لحرية إصدار الصحف والطباعة والنشر، وضمان الحق في الوصول إلى مصادر الخبر، والحصول على المعلومة من مختلف مصادرها. بالإضافة إلى إلغاء جميع العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للصحافيين، الذين يشتبه في ارتكابهم أفعالاً مخالفة لقانون الصحافة، وهو ما شكل قفزة نوعية في مجال دعم حرية التعبير والنشر بالمغرب.