بقلم : عزالدين قدوري.

إن ما حدث و يحدث بمدينة تاوريرت ، يعد جريمة  في حق الثقافة و كل ما يرتبط بها، و الشاهد على ذلك فعل الهدم الذي تعرضت له المكتبة العامة .
و ما يحز في النفس هو عدم إبداء أي ردود فعل من قبل الممثلين السياسيين و الجمعيات الثقافية بين آلاف الأقواس بالمدينة لمنع حدوث هذا الأمر، فذلك القرار و ذلك الفعل ضد الثقافة و التاريخ ليس الأول من نوعه، إذ سبق من قبل هدم الكنيسة أيضا، و في المقابل حرمت المدينة من هويتها ومن مجدها التاريخي ومن التعاطي مع الثقافة وقراءة الكتب، ليحول هذا الفعل الآثم  نسبة مهمة من شباب المدينة ، إلى شباب ضائع لا يجد أمامه إلا المناطق السوداء.
ولا زالت المدينة تحصد نتائج هذا الفعل الغير أخلاقي الذي أبان على أن مرتكبوه يعادون العلم والتاريخ والفن والمكتبات وكل ما هو جميل، و يتسببون في كل مرة بجروح عميقة لذاكرة المدينة، وقد نجحوا في تحقيق أهدافهم ، وخير مثال على ذلك نجده في تراجع مستوى الإبداع بالمدينة مقارنة مع الأجيال السابقة التي كانت تبدل مجهودات جبارة من اجل توفير الظروف المادية والموضوعية و كانت تحقق مراكز مهمة على الصعيد الجهوي بل حتى على الصعيد الوطني.
إن مكتبة تاوريرت( التي تعرضت لفعل الهدم ) كانت تحتوي على عدد مهم من أمهات الكتب و المراجع موزعة على مختلف العلوم و التخصصات، فقد كانت تشكل مكسبا لشباب المدينة و طلبتها الباحثين و تلاميذها ، و لهذا السبب ولكونها منشأة تاريخية كان من الواجب عدم التفريط فيها و في محتوياتها، وعدم السماح بهذا القرار اللاواعي بأن ينفذ، حتى لا تصبح كما هو الشأن اليوم و سيكون غدا، تمثل وصمة عار يسجلها التاريخ على كل منتخبي ومسيري الشأن المحلي ، في وقت تحتاج الساكنة إلى بناء مدينة و شباب جديد مبدع و واعي ، وليس إلى عقلية العصبية و القرارات أحادية الجانب و الغير مسئولة.
لكل هذا ، بات على مثقفي مدينة تاوريرت وكل الجمعيات المدنية أن تتكاثف لإنقاذ التاريخ والثقافة بالمدينة .
فمدينة بلا تاريخ وبلا ثقافة هي مدينة ميتة .