بقلم : عزالدين قدوري


الكل تابع باهتمام الزيارات التفقدية التي قام بها وزير الثقافة للمواقع التاريخية والثقافية لمختلف مدن الجهة الشرقية و ما صاحب ذلك من إبرام للاتفاقيات و وضع مخططات للنهوض بهذه الجوانب، و هي خطوة مستحسنة.
لكن السؤال المطروح و الذي يفرض نفسه بقوة دائما في مثل هذه المناسبات هو :
– ما نصيب مدينة تاوريرت من هذا الاهتمام ؟
فمدينة تاوريرت كما هو معلوم لدى الجميع ، ليست اقل شأنا وسط مدن الجهة الشرقية ، خصوصا و أنها تزخر بعدة مواقع طبيعية و أخرى تاريخية عريقة منها ما هو مريني ، علوي، و فرنسي … تنوع يؤكد غنى و عمق الموروث الحضاري بهذه المدينة التي لا زالت تعاني في صمت و تئن تحت وطأة الإهمال.
فمما تجب الإشارة إليه أن هذا الموروث الغني الذي تزخر به مدينة تاوريرت يواجه عدة تحديات، منها ما هو مرتبط بقساوة الظروف الطبيعية، وما هو مرتبط بالإهمال الممنهج ، حيث تتعرض هذه المواقع الطبيعية والتاريخية لعمليات الحفر و العبث بها من طرف المنقبين عن الكنوز دون اتخاذ أي إجراءات لحمايتها، كما تعرضت بعض المعالم ( الكنيسة ) لفعل الهدم و الطمس دون مراعاة أهميتها التاريخية والثقافية، فأضحت أطلالا شاهدة على غياب الوعي و غياب الاهتمام الشعبي و الرسمي لحماية الثقافة و التراث بالإقليم .
إن المواطن التاوريرتي لا زال يقف مذهولا ، مستغربا ، ينهال عليه وابل من الأسئلة ، وهو يرى هذا المسئول أو داك و من يرافقه من ممثلين للشأن الجهوي والمحلي و حتى بعض ممن يسمون أنفسهم رجال إعلام بين ألاف الأقواس …. و هو يقوم بجولاته التفقدية لمختلف مدن الجهة الشرقية ( بركان وجدة فكيك دبدو ..) دون تفقد حقيقي لمدينة تاوريرت ، وكأنها ليست إلا معبرا أو باحة استراحة فقط .
– فأين هم ممثلوا مدينة تاوريرت ؟ و أين هي اللجان المهتمة بالتاريخ و الثقافة بالإقليم ؟
– ألا يوجد من يترافع على الثقافة والتاريخ في مدينة تاوريرت؟
عموما السيد الوزير و الهيئات والمنظمات العاملة في مجال حفظ التراث وصيانته لا مؤاخذة عليهم ، فعلى ما يبدو أن ممثلوا مدينة تاوريرت لا يجيدون الترافع إلا على ما يخص مصالحهم الضيقة، و يجهلون كل ما هو ثقافي و تاريخي . و وضع المدينة يشهد على ذلك مقارنة مع المدن المجاورة لها.
و إن مما أخشاه أن تتهدم و تندثر باقي المعالم التاريخية دون أن تحول إلى مواقع تاريخية تستفيد منها الأجيال القادمة . رغم أنها معالم تستحق الاهتمام كونها تعبر عن تاريخ مجيد عاشته مدينة تاوريرت على مدى عقود.
لذلك فإنني و من هذا المنبر ، أحيط علما الجهات الوصية، أن مما يجب التأكيد عليه هو ضرورة التعجيل بتخصيص تمويل مالي لتأهيل و ترميم هذه المعالم التاريخية وحمايتها من الانهيار وإعادة الاعتبار لها، وكذا توعية الهيئات المحلية بإقليم تاوريرت بتوجه مؤسسات الدولة و الخطوات الهامة التي اتخذتها لتثمين الموروث الثقافي التاريخي الوطني.