بقلم : الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

 

      بمعدل مليون مغربي لكل وزير في الحكومة الحالية  ومثل ذلك لكل حزب من عدد الأحزاب في الوقت الراهن التي ينتج عنها حوالي 10  برلمانيين  لكل واحد منهم مائة ألف  مغربي من عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية قد لا يمثل منهم سوى اقل من  50 ألف من عدد السكان واقل من النصف من عدد المسجلين واقل من الربع من عدد المنتخبين  واقل من سدس عدد المصوتين المعبر عنهم .

       بما أن مساحة المغرب تقدر هي الأخرى بحوالي 710000 كيلومترا مربعا بنسبة اقل من 20 مترا مربعا لكل مغربي حيث أن حجم الديون العامة المغربية بلغت مع متم سنة 2012 حوالي 600 مليار درهم أي ما يعادل 70بالمائة من الناتج الداخلي الخام بمعدل 15000 درهم مترتبة في ذمة كل مغربي انه ارث يصعب تقسيمه  ومعادلة غريبة ومتناقضة الى حد قد يستعصي فهمها على كثير من المغاربة من حيث شرعيتها وفرضيتها وديموقراطيتها وجديتها

    لذلك أردت إلا أن أخوض في تحليل هذه المعادلة الصعبة ومعالجة تقسيم هذه التركة لأصل إلى حقيقة ما يريده جلالة الملك بكلامه حول التوزيع العادل للثروة المتكدسة بين أيدي النخبة وبصرف النظر عن شموليتها أحاول التركيز على قسطها  المتركز في  مدينة تاوريرت كعاصمة إقليم يمتد عمرها إلى أكثر من مئة سنة  كمثل لذلك سنخلص إلى النتيجة التالية حيث سنجدها عبارة عن معهد لتكوين  المليارديرات وحقلا لإنتاج الثروات  لفائدة نخبة تحتكر صلاحية الولوج إليها  ولوبيات تستولي على كل القطاعات الاقتصادية فيها واخص بالذكر قطاع عقار الأرض الذي تتميز به هذه المدينة بالدرجة الاولى منذ نصف قرن من الزمان والذي كان وما يزال مصدر ثروة النخبة الإقطاعية التي تستولي على الهكتارات من ارض المدينة باسم الجماعات السلالية والجماعات القروية والحضرية والبلدية التي ذرت ومازالت تذر على أفرادها وأعضائها  ملايين الدراهيم  ودون أن تكون هذه المدينة تجارية أو صناعية استطاعت أن تلفت إليها الأنظار فتجلب كل فروع الابناك التي تحول فائضها إلى مراكزها في المدن الاقتصادية والسياحية و الفلاحية والصناعية التي تقوم هي الأخرى بتحويلها الى العملة الصعبة واستثمارها خارج ارض الوطن في مشاريع مماثلة على شكل فنادق وحانات ومقاهي و اقامات على العموم فان هذه النخبة قد تخطت كل الرتب دون أن تقف في وجهها الحواجز  لتتربع على عرش المليارديرات خلال مدة لا تتجاوز سنوات قليلة في حين مازال شباب المدينة ينتظرون دورهم في الشغل بالمعامل والمصانع التي يزعم هؤلاء إقامتها على مساحات شاسعة بالحي الصناعي في تاوريرت التي تحول بعضها الى تجزئات سكنية في حين مازالت المساحات الأخرى محتلة ومسيجة في انتظار فرصة تقسيمها وتجزيئتها إلى قطع من مساحات مختلفة.

      ناهيك عن اللوبيات التي تسيطر على القطاعات التجارية والمهنية والحرفية والصناعية والنقل والخدمات ثم تحتكر الأسواق وتستحوذ على الثروة وقد لا يسلم أي قطاع في المدينة من الاحتواء فيمكنه ان يخوض حرب المنافسة الشريفة بكل حرية ليثبت في وجه التكتلات اللوبية الشرسة  التي تتحكم في بورصة القيم على مستوى المدينة وتتحكم في العرض والطلب  ورفع الأسعار و خفضها  لا يهمها من أدائها إلا أن تراكم الثروة على حساب المواطنين المستضعفين منهم  والجائعين والمرضى والموتى دونما شفقة ولا رحمة  

     ما نراه من الصعب جدا على أي مسئول ان يغير الأوضاع ويقوم الاعوجاج ويصلح هذا المجتمع إلا أن يكون من المؤمنين الذين يدعمهم الله بجنود من عنده أو ممن يسخر لهم فصيلة من الجن قادرة على اقتلاع جذورهم وترحيلهم عن مواطنهم بقوة لا مرئية و إلا أن يشمر ويتزر ويلبس لهم جلد النمر ثم يقول بالسيف كذا لمن قال برأسه كذا فاما بعد ذلك هلك او ملك ولكن قلما  سنجد بينهم  ولا فيهم ولامعهم إلا من يختار غير ذات الشوكة وخير الجهاد وقد لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولا يأتيهم الإصلاح من الخارج ما لم يتم الإصلاح في الداخل كما لا يتم إصلاح الأمة بفساد الحكومة أو اصلاح الحكومة بفساد الأمة ليبقى السؤال المطروح من أين يجب أن يبدأ الإصلاح ومن يجب أن ينهي الفساد بالطبع هو من اكتشف الخلل وبيده السيف والحبل والقرطاس والرصاص وقد حل عليه ضرب أعناق  محتكري الثروة  وقطاع الأرزاق