الخضير قدوري:


انه السؤال الذي يبحث له عن الجواب لدى النخبة المثقفة في المغرب ويتعلق الأمر بالإنسان المغربي كانسان وكمواطن قبل أن يكون سياسيا وزعيما ووزيرا ومديرا ومنتخبا باختياره أحيانا وليس باختيار سكان حيه او مدينته او جماعته او قبيلته وقد فرض باختياره وإرادته ترشيح نفسه للمنصب الذي يريده ويختاره كانسان نزيه شريف متخلق محترم تتوفر فيه شروط الكفاءة والنيابة والقدرة على تحمل المسؤولية وتقليد الأمانة والدفاع على مصالح من يرون أنفسهم دونه شطارة واقل منه جاها ومالا واضعف قوة وبطشا لذلك ومن اجله بات أجدر بثقتهم من غيره مقابل التزامه بوعوده ووفائه بعهوده كأضعف الإيمان
لكن حالما ينتقل هذا الشخص من العالم الافتراضي اين يشقى العبيد الى العالم الواقعي حيث يتنعم السادة فلم يلبث الا زمنا قليلا عندما يظهر لنظر من أقاموه المقام العالي ومن أوصلوه الى المكان اللائق تحولا بينا وتغيرا جليا ثم يتهمونه بخيانة الامانة وعدم الوفاء بالعهود والالتزام بالوعود فاسقطوا عنه كل الصفات الأخلاقية الحميدة والشرف الرفيع والنزاهة والصدق ونعتوه بأقبح النعوت المرتبطة باحقر الحيوانات ثم الصقوا به كل الاتهامات المبررة لسحب الثقة لكن ذالك ما لم يجديهم نفعا الا ان ينتظروا نهاية العهدة بعد خمس سنين عجافا
رغم ما كان لدى هذا المنتخب الحكومي او البرلماني او الجماعي من شبهات يدرا بها الأحكام وما عنده من مبررات ينفي بها التهم التي طالما ألصقت بسابقيه على مدى السنين المتعاقبة من بينها مواجهة منتخبيه بالصراحة الواضحة وكشفه عن كل الاكراهات الفاضحة ان لم يستطيع التخلي عن الكرسي ومغادرة المنصب الذي يكون قد كلفه الثمن غاليا وذلك اضعف الإيمان
تبقى الصراحة راحة ونوعا من الاعتذار باعتبارها الوسيلة التي يمكن ان يدرا بها الأحكام ويبعد الشبهات ويدفع بها الاتهامات الموجهة اليه من طرف منتخبيه وان كان القليل منهم من سيقبلون الأعذار والتصديق بعدم صلاحية الأسلحة التي يعتمد عليها لمحاربة الفساد ولا الإيمان بملائمة الأدوات والوسائل التي يمتلكها لمسايرة الوضع السائد ولاشيء من كل ذلك يسعفه في كسب الحرب مما يتعين عليه مغادرة ارض المعركة ومفارقة ميدان الحرب بذلك سيصون كرامته ويحتفظ بقيمته عالية ويحافظ على شرفه فيبقيه رفيعا بين أهله ومنتخبيه ليزداد حبا لديهم وامتلاكا لثقتهم
لكن معظم هؤلاء الرجال هم أشبه ما يكونون بالأموات منهم من يردون الى عذاب الضمير فينشغلون بأنفسهم ويدعون بالويل والثبور في انتظار انفراج أبواب التوبة وقبول طلب الغفران ومنهم من يغرقون في النعيم فلم يعودوا يتذكرون أحدا ممن شيعوهم ومن حملوا ثقلهم على الأكتاف الى المقابر ولما تواروا عن الأنظار وراء أطباق الثرى لم يردوا على أهل الدنيا خبر اهل الآخرة مثلهم كمثل السيد بنكيران الذي اعترف في إحدى خرجاته بضعفه وفشله في مواجهة التماسيح والعفاريت التي كان يتوعدها بالحرب فاذا به ظل يغذيها من لحوم الشعب ويسقيها من دمائه فيشاركهم وطاقمه اكلهم وشربهم حتى صاروا كلهم تماسيح وعفاريت وقد اعتنقوا ملتهم وتدينوا بدينهم وليس ثم من احدهم قد عافه الموت فعاد للحياة تائبا الا من فاقد لوعيه لم يعد يدرك متى اصبح صبحه ولا متى جن ليله كربع حي ونصف ميت
لكن هيهات هنا او هناك دون البحر او وراءه لا مفر ” اينما يسافر يروح يعيا ويولي ” يومئذ سيمثلون أمام محكمة عدل إلهية التي تفصل بالحق بين الخصم والحكم وبين البريء والمتهم ان يكون الشعب الذي عرض الأمانة على حكومة ضعيفة ام الحكومة التي أبت إلا أن تحملها وهي ظالمة أم الذي حمل المسؤولية لمن يعجز عن حملها ام التي أبت إلا أن تحملها وهي جاهلة فان تكون جاهلة قد لا تعذر بجهلها لحجم المسؤولية او ظالمة لنفسها أيضا قد لا تعذر لضعفها بالنهوض بثقل الأمانة والشعب كذلك قد لا يعذر بانخداعه لمرات متعددة ولا مبرر لأطماعه كل مرة
كلهم مدانون بظلمهم لأنفسهم كلهم مدانون بجهلهم لثقل أمانتهم وحجم مسؤوليتهم كلهم مدانون بانخداعهم مرات عديدة ولم يستفيقوا من غفلتهم كلهم مسئولون وكلهم متهمون ولم تكن البراءة من حق احدهم إلا ان يتوبوا لله كلهم ويرجعوا عن أطماعهم وغيهم و ظلمهم لهذا الوطن فيتصالحون مع ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وتاريخهم