الخضير قدوري

 خطاب صاحب الجلالة هذه المرة كان موجها الى الشعب بالوضوح والى الحكومة بالمرموز ولقد عدد جلالته انجازاته الكبرى المنجزة منها والتي هي في طور الانجاز بالعشرات منذ توليه عرش اسلافه المنعمين صحيح هي منجزات مسجلة في سجل تاريخ الملك قد غيرت بالفعل ملامح مملكة المغرب وابانت عن وطنية الملك وواجب الملك ودور الملك واظهرت فرقا شاسعا بين مغرب الامس ومغرب اليوم جلالة الملك فعلا قد اعطى للبلاد مما لايدع مجالا للشك ما يجب وينبغي ان يعطى وما زال عنده من الطموح ما يجعل المغرب ضمن خانة الدول النامية او السائرة في طريق النمو حتى وان كانت هذه المنجزات باعترافه قلما تلامس حاجيات المواطن او تنعكس ايجابا في الوقت القريب على الحياة اليومية للمواطن الذي يعاني يوميا الفقر والحاجة ومن استنزاف مستمر لطاقاته من طرف الدولة التي تثقل كاهله بالاستدانة من صندوق النقد الدولي مقابل خضوع الحكومة لإيحاءاته برفعها الدعم عن معظم المواد الاستهلاكية ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية وانعدام توفير الشغل والسكن وقد جعلت الدولة نفسها تتحلل كليا من تبعاتها ومسؤوليتها تجاه الشعب منكرة كونه باني الدولة ومؤسس قاعدتها
خطاب العرش هذه السنة كان مختلفا عن سابقيه نوعا وشكلا ومضمونا ويحوي في طياته معان كثيرة ويعبر بكلماته عن حقائق تكشف للشعب عن دور الملك وواجبه كرئيس دولة وايضا عن ضعف وعجز وفشل الحكومة وتقصيرها في اداء واجبها بقوله .. كما ذكرت سابقا بلهجة تصاحبها غضبة دفينة .. مشيرا بذلك الى تعليماته ومذكرا باقواله في خطاب العرش السابق ..من لم يستطع القيام بواجبه عليه ان يغادر ويترك المجال لمن لهم غيرة على هذا الوطن .. والى تعليمات جلالته للحكومة بضرورة اصلاح الادارة بناء على شكايات المواطنين الواردة على ديوانه وقد ضرب امثالا متعددة ملمحا بضرورة قرارات لابد منها وقد ان اوان اتخاذها وان كانت قاسية . واذا كانت العربات المهترئة من تعطل اقلاع القاطرة كان من الواجب تغييرها واستبدالها بالتي يمكنها مسايرة الركب ومساعد القاطرة على الجر ان لم تكن قادرة على الدفع فصاحب الجلالة فعلا انه يساير الزمن بالسرعة الواجبة وبطاقة الشبوبية وعنفوان الشباب من اجل الحاق المغرب بركب الدول المتقدمة وقد يتطلب ذلك توفيره على اليات تواكب هذا الركب بالاشارة الى عزمه على احداث لجنة من اجل استقطاب الكفاءات والقدرات التي يجب ان تنهض بالمغرب داخليا وخارجيا ويعتمد عليها في تدبير شان هذا الوطن محليا ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا هؤلاء من تفتقدهم الحكومة التي تمنح الحقائب المليئة لذوي ادمغة فارغة معظمهم ان لم يكونوا كلهم يعملون على تصيد الفرص من اجل اغراض شخصية وعائلية قد لايخفى امرهم على احد وبالاحرى صاحب الجلالة الذي منح من الفرص الذهبية ما يكفي للاحزاب السياسية ودعوتها الف مرة الى ضرورة اختيارها الكفاءات واستقطابها القدرات وتاطير الشباب واعدادهم لتحمل المسؤليات لكن دور هذه الاحزاب كان دائما ينحصر في اطار تهيئ افراد الاسر والعائلات واتخاذها الشعب سورا منيعا يضمن استمرارها وسنها قوانين وتشريعات لحماية مصالحها وكأن المغرب لم يلد سواها فعقم .وما كان تعليم ابناء الشعب وتكوينهم وتاطيرهم صالحا ولامفيدا ولامناسبا لمن سينافس ابناءهم مستقبلا
لقد ذهب صاحب الجلالة الى التلميح لذلك بقوله … لو تالم مغربي واحد من مائة … واذا كانت الحكومة من يجب ان تتولى هذا الامر فتسمع توجعات المواطنين في المستشفيات وترى غضبهم في الشوارع وتحس بمعاناتهم من اجل كسب الرغيف لكن هذه الحكومة كانت عن كل ذلك في صمم لم تسمع او ترى او تحس بما يدور في اوساط فئات الشعب من تذمر وسخط معنى ذلك انها حكومة صماء عمياء بكماء عاجزة فاشلة ضعيفة يجب ان تغادر وترحل و تجعل الملك يلجاء الى امساك زمام امر شعبه باصابع جامدة لئلا ينفلت من يده باعتباره الطوق الامن الذي يطوق استقرارالدولة ويحمي حمى الوطن ويضمن استمرار النظام ترى هل يكون المغرب في حاجة الى رجال وطنيين والى فاعلين اقتصاديين والى باحثين اجتماعيين ومفكرين سياسيين حتى وان كان الامر كذلك فلا عيب في استيراد هذه الادمغة او استئجارها او حتى شراؤها اذا اقتضى الحال من اجل انقاذ شعب دمره الفساد ووطن خربه المفسدون وعلى انقاضه ينبغي ان يؤسس هؤلاء محكمة عادلة لقطع رؤوس المجرمين واحراق جثث المفسدين قال صاحب الجلالة في شان قراره باختيار نخبة المرحلة …اننا لانعني بها تشكيل حكومة موازية ولكن … ونحن نقول في شان استيراد هذه النخبة اذا اقتضى الحال قد لانعني بها فتح الباب في وجه استعمار جديد حتى وان كان هذا الاخير حلا قد تطلبه بعض الشعوب المغلوب على امرها وتقبله بعض الدول العاجزة عن تدبير شانها والتي تستهلك اكثر ما تنتج او تستهلك مالا تنتج وتعتمد في عيش شعوبها على الاستيراد والاستدانة ورهن الوطن اوعلى ما تجود به الدول الاخرى عن طريق المساعدات والصدقات والهبات والعطاءات اما بالنسبة لمغربنا فهو وطن محمي بنظام ملكي راسخ وبلد يزخر بثروات طبيعية هائلة ودولة بناتها شعب منتج خلاق لكن مدبروا شانه قد يفتقدون الغيرة الوطنية وروح المواطنة ويفتقرون الى الوفاء للوطن والاخلاص للمواطن انهم مرضى لاتداوى امراضهم اذا عز الدواء واستعصى الداء الابعزلهم واستبدالهم فاذا عز في البلد بديلهم لابد من استيراد من يقوم مقامهم لكن وطننا بحاره تزخر احشاؤها بالدرر الثمينة كما تمتلئ براريه بالادمغة النادرة غير انه في حاجة الى غواصين عن صدفاته ومنقبين عن مكامن ادمغته