تاوريرت بريس :

 مند اشتعال الشرارة الأولى للاحتجاجات بسبب وفاة شابين كانا ضحيتين لأبار الفحم المهجورة ومدينة جرادة تغلي بشعارات المطالبة بإيجاد حلول اقتصادية بديلة وتنفيذ تدابير لمكافحة الفقر بالمدينة. وهو الأمر الذي لقي تجاوبا في بداية الأمر بعد نزول رئيس الحكومة والوفد المرافق له بمدينة وجدة قصد الاطلاع والاستماع لمشاكل الجهة . لكن بالرغم من ذلك وبالرغم من بلاغ الناطق الرسمي باسم الحكومة الدي بين فيه التدابير المتخذة بشأن مشاكل مدينة جرادة مؤكدا على حتمية توفير الأمن والنظام العام لتنزيلها، ودعوة الجميع لاحترام القانون.
وقد أخذت الاحتجاجات شكلا متسارعا و متصاعدا من وقفات على مستوى المدينة اتسمت بالسلمية وضبط النفس إلى مسيرة نحو مدينة العيون وصولا إلى مواجهات بين المحتجين والأمن بعد بلاغ وزارة الداخلية الذي أكد على صلاحياتها القانونية، و على أحقيتها في إعمال القانون بمدينة جرادة من خلال منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام والتعامل بكل حزم مع التصرفات و السلوكات غير المسئولة، حفاظا على استتباب الأمن وضمانا للسير العادي للحياة العامة وحماية لمصالح المواطنات والمواطنين.
إلا انه لوحظ بشكل ملفت غياب شبه تام لدور الوساطة بين الدولة والمجتمع والدي هو من اختصاص الأحزاب و النقابات والنخب السياسية باستثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي الموحد عمر بلا فريج رغم عدم تمثيله لأي دائرة بالجهة .
وهو ما كشف أن الاحتجاج بمدينة جرادة كان نتيجة أيضا لفراغ سياسي وضعف للأحزاب والنقابات التي عليها أن تلعب دور الوساطة و تتيح لأفراد المدينة تقديم شكاويهم و إيجاد حلول لها بدل التواري ورمي الكرة بين الشعب والدولة . وذلك الفراغ هو ما أنتج لنا الوضع الذي نراه اليوم ” الشارع ضد الدولة ” .
و بالنظر إلى الحوار الذي كان بين ممثلي الحكومة و المحتجين وإصدار مجموعة من البلاغات التي تبين التدابير المتخذة بهذا الشأن فقد تخمد الاحتجاجات في الأيام القادمة لكن الإشكال المطروح سيبقى قائما ما لم تتحمل الأحزاب و النخب السياسية و النقابية مسؤوليتها كاملة في تأطير و تمثيل المواطينين بمصداقية خصوصا أن هده الاحتجاجات حاولت استغلالها مجموعة من الجهات المندسة وفق ما نشرته مجموعة من المنابر الإعلامية وكما لا يخفى على احد أن هناك عدة جهات لا تكن حبا للمملكة المغربية و يغيضها النمو الاقتصادي و المشاريع المهيكلة التي تعرفها البلاد .
وكحل مقترح يجب على رؤوس الأموال تحمل مسؤولياتهم كذلك وانخراطهم الفعلي لإيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها جرادة كغيرها من مدن المملكة عبر الاستثمار في مشاريع مدرة للدخل من شأنها توفير حاجيات المواطن وخلق فرص للشغل .