بقلم : عزالدين قدوري 

 كغيرها من مدن المملكة تشكل الصناعة التقليدية جزءا لا يتجزأ من مدينة تاوريرت ورمزا من رموزها الشاهدة على إبداع وابتكار الصانع التقليدي الذي ظل يعاني في صمت ولعقود طويلة وهو يكافح ويصارع العصر بكل ما يعرفه من تطورات صناعية وتكنولوجية غزت الأسواق من اجل صمود الصناعة التقليدية .
وقد استمر هذا الصانع التقليدي في تحمل معاناته وآلامه دون أي اهتمام أو دعم من الجهات المسئولة بالمدينة إلى غاية سنة 2013 التي كانت بالنسبة له بمثابة مصراع الأمل الذي فتح أمامه بعد تدشين جلالة الملك محمد السادس لمشروع قرية الصناع التقليديين الذي تطلب غلافا ماليا فاق 8 ملايين درهم و شيد على مساحة إجمالية قدرها 2500 متر مربع. وكان الهدف من هذا المشروع الحفاظ على بعض المهن المهددة بالانقراض والنهوض بمنتوجات الصناعة التقليدية المحلية وتعزيز تنظيم وهيكلة القطاع .
لكن اليوم ونحن نوشك أن نستقبل سنة 2018 التي تفصلنا عنها بضعة ايام فقط ، يستغرب المار بجوار هذه المنشأة بأبوابها المغلقة في اغلب الأحيان ، وخلائها و انعدام الحركة و الأنشطة في أروقتها رغم فتح أبوابها في أحيان أخرى.
ويرى مختلف المهتمين بالقطاع والمتتبعين للشأن المحلي بمدينة تاوريرت أن هدا المشروع الذي بدأ يندر بإفلاسه واتجاهه نحو الإغلاق النهائي . كان نتيجة لسوء توزيع المحلات بهده القرية والذي كان في غير محله بحيث لا زلنا نرى المحلات الأصلية للصناع التقليديين الحقيقيين القدامى بالمدينة لا زالت في أماكنها تعاني في صمت دون أي التفاتة من المسئولين .
و يرجع الكثير من المتتبعين و المهتمين مشاكل القرية الأساسية بشكل صريح إلى انعدام وجود إدارة فعالة وصارمة تسهر على تسييرها بشكل معقلن وتعمل على تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، والمتمثلة في إنعاش قطاع الصناعة التقليدية وإدماجها في القطاع الاقتصادي، وخلق فضاء مندمج للإنتاج والعرض والتسويق، وفضاء للتنشيط، وفضاء لتنظيم الحرف وإبراز مؤهلات القطاع.
كما ارجع المهتمون والمتتبعون أيضا فشل هذه القرية إلى غياب رؤية مستقبلية واضحة المعالم وخطة عمل لتنمية وإنعاش قطاع الصناعة التقليدية بالمدينة .
وقد بات المواطن التاوريرتي يعبر عن استيائه لعجز المسئولين عن الإقلاع بهذه القرية الصناعية وتنشيطها واستقطاب الزبائن من المقيمين المحليين أو من عمالنا بالمهجر أو من السياح من مختلف جهات المملكة أو من خارجها عن طريق الإبداع في تنظيم الأنشطة و المعارض بمقرها و عرض حتى منتوجات الصناع التقليديين القدامى المتواجدين اغلبهم داخل المدينة مثل ( صناعة الخناجر ، الخياطة ، الدرازة ، الحدادة ، الفن والديكور …) حتى تكون الفائدة اعم .
إن انقاد هده المنشأة من الإفلاس الذي بات يهددها و إنقاذ الصناعة التقليدية المعرضة للانقراض والضياع، بسبب كبر سن بعض الحرفيين “المعلمين” أو ضعف تنافسيتهم في السوق الحديثة لا يمكن أن يتم إلا بانتشالهم من الأوضاع المزرية الغارقين فيها وذلك يتطلب إرادة قوية عن طريق إعادة النظر في هذه القرية الصناعية و في منهجية تسييرها . و القيام بزيارات تفقدية لبحث الحلول الملائمة لإحياء هذه القرية ، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها.