بقلم: الخضير قدوري

 مما جعله في نظر المتتبعين كذلك الجندي المنهزم في ساحة الوغى ،وهو يفرغ سلاحه مما تبقى فيه من رصاص بإطلاقه عشوائيا في كل الاتجاهات دون تحديد الهدف، او كذلك الخصم المحبط الذي لا يملك أدلة وحججا في مواجهة خصمه فيعمد الى رشقه بأوهى الاتهامات، وقد ورد في كتب تراثنا حكايات ذات صلة بالموضوع ،كحكاية ذلك الكلب الذي ضل يطارد غزالا يوما كاملا دون الظفر به وكلما وقف الكلب متلهثا ليأخذ نفسا وقف الغزال على مسافة قريبة منه متهكما ،قائلا له انك لن تقبض علي ولو بقيت تطاردني عمرك كله ،فساله الكلب عن السر في ذلك وقد أجابه الغزال بقوله ،لانك تبذل جهدك وتتعب نفسك من اجل سيدك اما انا فاني ابذل جهدي من اجل انقاذ نفسي وابعاد شرك عني ،فشتان بيني وبينك فانا سيد نفسي وانت عبد سيدك
وقد يحار اي محلل سياسي او ثقافي او اجتماعي او اقتصادي من طبيعة عقل المدبر السياسي لشان الدولة الجزائرية ،المتشبع بتوجهات عمودية واديولوجيات ماضوية ، لمؤسسة استبدادية متمثلة في حزب جبهة التحرير المدعمة بمتخرجين من المدرسة العسكرية ، باعتباره اب الاحزاب التالية وثكلى المليون شهيد . لماذا يحار المحللون في فك الرموز وإيجاد الحلول للعقد النفسية التي يخلقها المغرب للطغمة الحاكمة في الجزائر، المتكونة من اعضاء الحزب الحاكم وجنيرالات الموسسة العسكرية .
بعد مرور اكثر من 55 سنة على استقلال هذه الدولة ومداولة اكثر من 7 حكومات على الحكم فيما لم تستطيع واحدة منها وضع البلاد على سكته واخراجه من أزماته ،رغم ما يتوفر عليه من ثروات طبيعية كالبترول والغاز عبر اراضيه الشاسعة التي تجعله في نظر حكامه كا كبر دولة من حيث الشكل على مستوى دول شمال افريقيا والوطن العربي ، متوهمين ان ثقل الاوطان قد يزان بمساحتها وشساعة أراضيها وترامي اطرافها، كل ذلك سيكون كفيلا بتمكينهم من الزعامة والريادة ، لكن من حيث المضمون بقي هذا البلد من اصغر واحقر واضعف وافقر بلدان الجوار، ولاشك في ان تراجع اسعار البترول ستكشف عن هذه الحقائق بعد السنين القليلة اللاحقة
لاشك قد يتساءل المواطن الجزائري قبل غيره عن الاسباب والمسببات التي أدت الى تدهور الوضع بهذا الشكل في بلده، واعجز المحللين عن إقناعه والسائلين بما يرونه واضحا وملموسا ضمن الممارسات السياسية الفاشلة ،والدبلوماسية المحبطة التي جعلت الجزائر في حالة شرود ،تائها في دروب المبادئ المسدودة وفي اغوار الديمقراطية المظلمة، ويبحث لنفسه عن مكان بين هذه المصطلحات السياسية المطعمة بنكهة الدكتاتورية العسكرية الى حد يجعل بعض المحللين يتشككون في وطنية هذه الطغمة المتحكمة في رقاب الشعب ،المنبثقة عن حزب الجبهة المدعم بالقوة من طرف المؤسسة العسكرية التي تستولي على الثروة وتتحكم في دواليب الدولة باعتمادها سياسة الهروب الى الامام في كل الاحوال ، وبضلوعها في خلق المشاكل وافتعال الحلول وتصدير الفتن الى دول الجوار كلما هبت ريح قد تكشف عن جمر يلتهب تحت الرماد، فلم يكن يسعها الا ان تعمد الى اختلاق خزعبلة جديدة من اجل تحويل انظار الشعب عن واقعه، والهائه عن همومه الحقيقية وشغله عن مشاكله اليومية ، وقد توفقت الى حد قريب في وضع صورة المغرب والشعب المغربي في نظر بعض افراد الشعب الجزائري مع الاسف منهم طلبة الجامعة وبالاحرى تلاميذ المدارس الابتدائية وجعل المغرب في تصورهم كذلك السد الذي يمنع ياجوج وماجوج من مباغتته في اية لحظة ، ليس بالجديد ما صرح به وزير خارجية دولة ” ع امساهل” مما قد كشف به عن حقده وحقد نظامه على المغرب مثله وبمثل تصريحاته صرح من قبله المسمى “ع بوقطاية “الناطق باسم الحزب غير مامرة على الفضاء وعلى مراى ومسمع من الملا وقال بصريح العبارة ” ولو سيتحول الماء حليبا فالمغرب لن يصير حبيبا ” كاصدق تعبير عن قمة الحقد والكراهية والحسد ومدى ما يكنه ساسة هذا البلد للمغرب وللمغاربة من الشرور والاحقاد ،امور قد تجعل التقارب بين النظامين ولا اقول الشعبين الى حد ما مستحيلا
فاذا كانت هذه الدفائن والضغائن مستفزة الى حد قد تفرض على النظام الملكي كما فرضت عليه من قبل الانجرار من جديد الى مواجهات عسكرية هو في غنى عنها . ما استبعدت متعمدا ذكر اسم المغرب والجزائر الا لتبرئة شعب البلدين مما قد يرتكبه السفهاء من الاخطاء ،وهم يعتبرون هذا الخلاف السياسي بين النظامين ناجما عن عقد نفسية خلقها احدهما للاخر، ليجعله دون مستوى بناة دولة قارة مستقلة في ضل ما حباها الله من خيرات طبيعية كفيلة لتجعل شعب الجزائر في مقدمة شعوب البترودولار في الشرق والغرب يرفل في حلل الرفه والازدهار، الا ان هذا النظام مع الاسف مازال منذ استقلاله يبحث عن موقعه بين الانظمة الجمهورية والملكية الراسمالية والاشتراكية ،وما كشفته الايام عن نواياه المبيتة وراء تعديل الدستور الا ليضمن لبوتفليقة جلوسه على عرش الدولة مدى الحياة ،وما زال البحث جاريا في كواليس قصر المرادية عن صيغة تجعل ولاية العهد من ال بيته، فلم لايحار المحللون عندما لايجدون نظاما جمهوريا في العالم كنظام في الجزائر نصفه ملكي راسمالي ونصفه الاخر جمهوري اشتراكي شعبي ديموقراطي
الى ما بعد الانقلابات المتتالية التي فرضت ضرورة ابعاد العسكر من السياسة شكلا وعن الحكم ظاهريا قام النظام بابراز نوع من الانفتاح الديمقراطي على الواجهة، والسمح ظاهريا بالتعددية السياسية المرتبطة باطنيا بحزب جبهة التحرير الحاكم ،ولما كانت صناديق الاقتراع تفرز فوز حزب شاذ اصبحت الرياح تجري بما لاتشتهي السفن ،وقد بات تدخل المؤسسة العسكرية ضروريا من الباطن من اجل تنفيذ خطة جهنمية ابتدعها حكماء حزب جبهة التحرير تتمثل في نشر الارهاب في انحاء البلاد وبث الرعب بين السكان، واحداث البلبلة في الوطن .ثم بعد ذلك يتم الصاق التهم بالحزب الفائز والعمل على اجلاء زعيمه الى خارج الوطن ،وقد افتعل الحزب الحاكم بمعية المؤسسة العسكرية هذا المشكل بعد ان صنعا له سيناريو محكم اغرق البلد في بحور من دماء الابرياء ،وشرد العوائل واثكل الاسر ثم بعد ذلك جاء بوتفليقة بعصا سحرية ليقوم بدور المنقذ الرحيم ويعلن الوئام والمصالحة ثم يضع حرب العشر سنوات اوزاره فتنقشع السحب وتشرق الشمس ويستتب الاستقرار في جميع نحاء الوطن ثم تهدا الامور بين عشية وضحاها وكان شيئا لم يكن، كل ذلك ليبقى بوتفليقة هو صانع المصالحة والوئام وضامن الامن والاستقرار فيظهر للشعب هو مخلصه من الويلات ولولاه ما كان الشعب ولولاه ما كان الوطن، الامر الذي جعل معظم افراد الشعب الجزائري المغلوبين على امرهم والمكتوين بجمر المؤامرة يحبذون بقاء بوتفليقة حاكما للجزائر قائما او جالسا او على جنبه متحركا على كرسيه او محمولا على نعشه ولايهم ان كان حيا او ميتا كرئيس دولة فريد من نوعه في العالم
وما يراه محللون اخرون من خلال مسببات هذا العداء بين النظامين اندفاع الجزائر كنظام وليس كشعب نحو التدخل في الشئون الداخلية للبلد الجار وضرب باسم المبادئ وحدة شعبه وترابه وعمله على تشجيع الانفصال وايواء الانفصاليين على ترابه تحت اسم جمهورية لا يتعدى عدد افراد شعبها بعض المئات، او ما يعادل سكان دوار وبالأحرى عدد المنخرطين في جمعية محلية. واذا كانت الجزائر قد عقمت ولم تنجب حكماء اوتلد عقلاء يحكمون الجزائر ويدبرون شئونها فما يدريهم ان يكون من سيحكمهم منحدرا من الصحراء المغربية اوناشئا في مخيمات تندوف بذلك قد يكتمل النصاب من اجل إنشاء دولة ملقحة كان ينقصهما مدبر حكيم ومسير عاقل ، ومتكلم حالب ومستمع شارب ،وليس ثم من خيار ثان لحل الجمهورية الأفلاطونية التي حملت الجزائر تكاليف باهظة لو بذلت هذه التكاليف من اجل تنمية المغرب العربي الكبير وبالأحرى الجزائر لكانت كافية الى حد بعيد من تقليص الفوارق الاجتماعية وتوفير الشغل والاكتفاء الذاتي لشعوب المنطقة برمتها ولأعطى لحكام الجزائر حق الزعامة والريادة ،ولكن بعد اكثر من اربعين سنة ماذا تحقق وراء إحداث هذه الدويلة الا لتكون كقراضة في مؤخرة الجزائر، وماذا نتج عن مجهوداتها المعنوية والمادية المبذولة على مدى اكثر من اربعين سنة سوى انهيار النظام الليبي وانهيار الاقتصاد الجزائري الى حد قد يصبح متهما ومطلوبا قضائيا عن تبديد ثروات البلاد وتهريب اموال الشعب الامر الذي اصبح يدعو النخب الوطنية الحرة الى محاسبته واعلان محاكمته ومحاكمة كل المفسدين الذين نهبوا ثرواته وافرغوا وطنهم من محتواه وجردوا دولتهم من معناها ثم أعادوا الجزائر الى عهد ما قبل الاستعمار الفرنسي الذي كان له الفضل في إرساء قواعد البنى التحتية التي بدأت تتهاوى بعد مضي اكثر من مائة سنة لتفقد الجزائر بعد سنين قليلة استقلالها وتمحي من على خريطة الدول السائرة في طريق النمو وبالاحرى النامية استقلالها