بقلم : الخضير قدوري

 من العنوان اعلاه سيتبادر الى ذهن القارئ تذكر كتاب من كتب خليل جبران ،ولكن الامر بيننا شتان ،فابتسامتي ودمعتي ليست هي دمعة وابتسامة جبران ، فان كانت عينا هذا الاخيرمن ابتسامته تدمعان ، فعيناي من دمعتي تبتسمان ، مهما كنا نختلف على المغزى ربما قد نتفق حول المعنى، وكيفما كان الحال نحن متقاربان.
قد نكتب فقط لمن يتصبرون على قراءة ما نكتب، ونقول فقط لمن يفهمون معنى ما نقول، أولئك الذين تعلموا الكتابة بالطباشير على اللوحة السوداء قبل ان يمسكوا بقلم الرصاص ويكتبوا على دفتر من اثنى عشرة صفحة ولا شك ان هؤلاء قلة .
قد تكون دمعتي من إشفاق على الوضع السائد وابتسامتي سخرية ممن يرضون بهذا الوضع الرديء ، وان كان من الهم ما يضحك فان من الضحك ما يبكي وهو مثل اخر قد لايختلف عن العنوان .لم لا ونحن من نرى هذا البلد وكأنه مرعى خصبا يتعهده الملك لهذا الشعب كقطيع يحلبه ويجزه الرعاة ،سأتحدى أي جاهل يجلس إزاء خشبة مسرح النواب متأملا مظاهر شخوص المسرحيات المعروضة على الأنظار فلا يضحك من حركاتهم ، وأي عالم يتابع أحداثها فيتملكه الحزن والاسى ولا يبكي من مضامينها ،ولعل من يفهم قولي قد يعي من اعني وربما من يفهون ايضا هم قلة
رغم ذلك لا احسب بين هذا الشعب من لم يعلمهم الزمان على مدى أكثر من نصف قرن ،ولم يقرئهم التاريخ كيف كانت تنطلي عليهم وعلى إبائهم حيل الدهاة يومئذ من يسمون انفسهم زعماء وسياسيين يجدونهم اذكياء زمانهم وكل من حولهم اغبياء ، إلا ان يكون هؤلاء من ذوي ذاكرة خاملة قلما تحتمل خزن المعلومات و حفظ التجارب وتذكر المحن فيتجنبون اللدغ من الجحر مرتين ،اوكانوا ممن يرغبون في البقاء اوفياء لعهود ابائهم واجدادهم خداما مطيعين وعبيدا مخلصين ركعا سجدا على اقدام اسيادهم ، وجدت من العار ان يضل هؤلاء طوال هذه المدة صما بكما عميا لا يعلمون ولا يتعلمون لايبصرون ولا يفهمون ان آفة وطنهم تكمن في تبعيتهم لهذه الاحزاب دون استثناء ،هذه الأحزاب التي سودت وجه الديمقراطية في وطنهم ،وخربت المنظومة التربوية في بلدهم ، بدل ان تكون روحا للوطن تبعث فيه النشاط والحياة ، فاذا بها صارت في زمنهم لبا للفساد ينخر جسد مجتمعهم ، فتلك الحكومة المشكلة كتلك المجالس المنتخبة التي تدبر الشئون وتشرع القانون جميعها من صنع احزاب مهترئة قد نشأت عبارة عن شركات مركزية عندها عمالا وزبناء ولها فروعا وخلايا في كل المدن والقرى، لطالما انحصر دورها في استقطاب ما يمكن استقطابه من كائنات انتخابية والتاطير في اعتقادها احتواء ما يمكن احتواؤه من طبقات الشعب المسحوقة حتى لا يبقى منها فرد يغني خارج السرب ليس الا ، لطالما ضلت منظومتنا التربوية بخير الى غاية الستينات وقد أنتجت أطرا في كل المجالات من لازالت تشكل القاعدة الصلبة التي تأسست عليها المؤسسات بما فيها الحزبية الى اليوم والى ان اسند أمر هذه المنظومة الى وزراء الأحزاب الذين انحدر معظمهم من عوالم المال والثروة ،صلتهم فيها بالأرقام والعمليات الحسابية ولاعلاقة لهم بالنون والقلم وما يسطرون ،ولا هم لهم بالحروف الأبجدية ،منذ ذلك الحين ضلت هذه المنظومة تشهد إصلاحات فاسدة وانتكاسات متتالية على مدى أكثر من خمسين سنة ،حيث لم تعد مدرستنا تنتج تلاميذ متشبعين بروح الأخلاق الحميدة والتربية الوطنية والإسلامية السليمة ، ولا جامعتنا تنتج أدمغة مبدعة وتخرج طلبة أكفاء لتزويد سوق الشغل بمكونين ومتكونين يساهمون بقسط وافر في تنمية الاقتصاد وتطوير المجتمع وتدبير الشأن السياسي والثقافي من اجل الدفع بركب الوطن على سكة الأوطان السائرة نحو التقدم والازدهار ، وإنما ما نراه من انحراف قد يبعث على اسف لايشفع فيه الندم ويجر الى تطرف يؤدي الى تمرد يدفع الى القتل والتقتيل باستعمال كل الأدوات الإجرامية من خنجر وسيف فإلى مسدس وقنبلة وحزام ناسف ،كل ذلك من إنتاج منظومتنا التربوية ومن سياسة احزابنا المتهالكة ، لاشك ان كل هذه النتائج قد تنعكس سلبا على الفرد والمجتمع وتهدد الأمن والاستقرار في الوطن وتفقد دولتنا هيبتها وتجلب الى حقولنا الخراب والدمار وتجرنا الى هاوية سحيقة مالها من قرار ،و مادمنا راضين على الوضع كما هو عليه متشبثين باحزاب قد ان اوان نبذها للدفع بها الى مزبلة التاريخ للتخلص من تبعاتها
فان كان ما ذكرته يستذرف دموع الشفقة ،فان ما سأذكره قد يثير الضحك والسخرية من دفاع المشرعين ونواب الأمة على حقهم في الحصول على معاش دائم بعد خمس سنوات مباشرة مع انتهاء عهدتهم، دون مراعاة السن والنقط والمعايير والشروط ،وضربهم عرض الحائط بالقوانين المعمول بها والشرائع التي شرعوها والتي تخص المواطن ولا تخصهم في شيئ.وقد عابوا على رئيس حكومتهم عدم استجابته لدعوتهم من اجل إنقاذ صندوق تقاعدهم الذي عجز عن صرف معاشات أكثر من 5000 متقاعد برلماني بأثر رجعي منذ خمسين سنة ،ناهيك عن معاشات الوزراء وأمثالهم على حساب جيوب الشعب ،ولو بفرض زيادات جديدة في أسعار الخبز والسكر وغاز البوطان وغيره من الضروريات الخاصة، وهم قلما يعلمون ان قيمة الانسان المغربي في سوق برصة النقد الدولي اصبحت لا تفي لرفع الرهن عن المغرب ،اليس في الهم ما يضحك ومن الضحك ما يبكي في زمن عز الضحك وهان البكاء .فهل يفهم الانسان المغربي قبل ان يكون ناخبا انه قد جني على نفسه وعلى وطنه ولم يجن عليه احد ام ليس بعد