بقلم : الخضير قدوري 

 

وانتهى دور الاحزاب السياسية في المغرب كما في فرنسا وغيرها من دول العالم ، بعد ان ذاب الثلج وبان المرج وتفشت الضواهر بشتى انواعها واشكالها ، ثم طفقت هذه الاحزاب تخصف عليها من ورق المراحض لتبتلعها انابيب الصرف الصحي ،او يرمى بها في حاوية قمامات الذل والخذلان ليلقى بها الى مزابل التاريخ .وهل يابى هذا الاخير الا ان يعيد نفسه كاول مرة فياتي بخلق جديد من جمعيات المجتمع المدني لتقوم بدورها في تدبير شانها العام والخاص المحلي والوطني علها تحي الارض بعد موتها، ام ترى كانوا لايؤمنون بتداول العلم والفكر،والسياسة والثقافة ،والراي والمشورة ،والايام والاموال بين الناس ،وكذا المفهوم الصحيح للديموقراطية .ام تراهم كانوا يؤمنون ببقائهم للدنيا وان كانت الدنيا لهم غير باقية ودائمون للحياة وان كانت الحياة لهم غير دائمة

وهل يقبل الابناء على حصد ما زرعه الاباء ولو كان شوكا ،وجني ثمار ماغرسوا ولو كان علقما ،ام كانوا يبتئسون من زرع ما زرعوه وغرس ماغرسوه ،وهم يفضلون اليوم اشعاله نارا او القاءه تحت حوافر الزمان ليدكه دكا ،بذلك يقضي حكم الطبيعة ليجعل كل زرع اذا اكتمل نضجه مصفرا فحطاما ،وكل ثمراذا بلغ اوجه يقطف او يتساقط على الارض لتقتات منه الدواب كذلك هرمت احزابنا السياسية واهترت معداتها ،وتقادمت الياتها وانعدمت في الاسواق قطع غيارها ،فلم يعد لها من مكان الا في متاحف الماضي، ولم يبق لها من ذكر الا ما بقي من اساطير الاولين .هل سيرضى ساستنا وزعماء احزابنا بالامر الواقع ،ام ينتطرون حتى ياتيهم اليقين فيقولون ياليتنا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا لقيا في مزابل التاريخ ،وما كنا لنصطدم بواقع يحملنا وزر الاجيال التالية .ليتهم قدروا قدر المسئولية الملقاة على عواتقهم ،وادركوا ثقل الامانة المعروضة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها فحملوها وهم ضعفاء وجهلاء وضالمي انفسهم ، فجنو عليها وما جنى احد ، فلا مفرلهم اليوم من عذاب الضمير ولعذاب الاخرة اشد واعتى ، فاذا كانوا تابعين لشياطنهم او اتباع تابعين لمذاهبهم السياسية،يجب ان تكون لهم في الاحزاب الفرنسية عبرة ،وما الفشل الذي منيت به اثناء الانتخابات الرئاسية الاخيرة عندما اصبح المجتمع المدني سيد نفسه ،حرا في اختياره بسيره في اتجاه معاكس مع كل الاحزاب السياسية اليمينية واليسارية الاصيلة والمعاصرة والتقليدية والحديثة والمتدينة والمتطرفة التي تضرب على اوتارذوي الحاجات وتتبادل الادوار لتضحك على ذقون الشعوب، وتحسب ان السياسة شطارة وليس ثقافة ،والذكاء تحايلا وليس فكرا ،وان العقول ستضل متحجرة الى مالانهاية تنقاد باجسادها كالابل وراء الحوذي، وتنساق بافكارها كالقطعان امام الراعي

احيانا قد يكون الامر كذلك لان هذه الاحزاب خاصة في مغربنا هي التي توجه سياسته الاجتماعية والثقافية والتعليمية وحتى الاقتصادية والاجتماعية ،وهي من تخلق بيروقراطية متعفنة وادارة فاسدة وتدفع بالمجتمع المدني الى البحث عن خيارات بديلة تعبر عنها بواسطة وقفات احتجاجية قد تبدو سلمية ولكنها في الواقع تبعث باشارات عفوية احيانا تقابلها الادارة او الحكومة باللامبالاة ، ماضية في تكريس سياسة القوة والمواجهات العنيفة بدل الحوار البناء والاستجابة للمطالب المشروعة ودراستها بالعقل الرزين الذي طالما تفتقده الادارة المغربية للحيلولة دون ثورات صماء عمياء قد تندفع كالسيول تجرف الصالح والطالح ،وكالنار في الهشيم قد تحرق الاخضر واليابس .عندئذ قد لا تنفع الديبلوماسية الادارية ولا الخطب السياسية ولاتجدي الحوارات الفكرية ولا الوعظ الثقافي ،ولا الارشاد الديني ولا حتى المهرجانات والمباريات الرياضية ،كل شيئ يصبح متجاوزا الى حد ما . قد يكون هذا التصور افتراضيا من نسج الخيال في نظر بعضهم ، غير اننا نخاف ان يعكسه الزمن على مسرح الواقع ،على اي حال يبقى الحذر واجبا وضرورة احداث خلايا التوقعات والازمات من اوجب الواجبات مادام امامنا حيزمن الزمن لاصلاح بعض المفاسد ،ومتسع من المكان لوضع الحدود دون التمادي في الفساد .ومادمنا نعيش في جو هادئ يمكننا ان نفكر ونبتكر ،ونشمر ونتزر ،ونلبس جلد النمر، ونستشعر ما ياتي الزمان به فنستبق الاحداث بالحكمة والتبصروبالعقل والانصات ،ثم نبادر الى اولويات الاصلاح بوضع الاشخاص المناسبين في اماكنهم المناسبة ،وتحرير الادارة من قيود المساطرالمعقدة ،وتنقيتها من حشو القوانين الضالمة والتشريعات البالية ،ثم قبل الصحة والشغل والسكن والعدل نسطر على التعليم وما ادراك ما نظام التعليم ، الذي توجه اليه اصابع الاتهام منذ ان قرر حذف مواد التربية الوطنية والاسلامية والاخلاق رغما عن كونها من المواد الاساسية لبناء الانسان المغربي، حتى باتت مدرستنا العمومية مكونا للمنحرفين ومؤطرا للمتطرفين تدفع بهم الى الشارع ليقوموا بادوارهم ،هذه المدرسة وهي المسئولة على الزج بغير المتخلقين في الادارات واسناد الامور لغير المتشبعين بالروح الوطنية والاسلامية لتدبير الشان العام الوطني والمحلي ،وقد لانبرئ ذمة احزابنا التي تنتقي لنا حكومات فاشلة في التدبير ،بالاعتماد على ما يملى عليها للتسيير، وتفرز لنا منتخبين ومجالس فارغة لاتحمل مشاريع هادفة ،وبرلمانات عاجزة لاتنتج تشريعا ت صائبة تخدم مصلحة الوطن والمواطن كيفما كانت احوالنا ومهما اختلفت اراؤنا وتشعبت مذاهبنا الثقافية وتوجهاتنا السياسية ،سيبقى الله ربنا والمغرب وطننا والملك موحدنا ،ومن يبغي غير ذلك فلا مكان له بين ظهراننا